فوائد حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : " ... جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي ، ... " . حفظ
الشيخ : في هذا الحديث من الفوائد فوائد عظيمة كثيرة : منها : أن مِن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم عيادة المرضى ، من هدي النبي صلى الله عليه وسلم عيادة المرضى ، لأنه عاد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، وفي عيادة المرضى فوائد ، فوائد للعائد ، وفوائد للمَعود ، أما العائد فإنه يؤدي حق أخيه المسلم ، لأن من حق أخيك المسلم أن تعوده إذا مرض .
ومنها : أن الإنسان إذا عاد المريض فإنه لا يزال في مَخرَفة الجنة ، يعني يجني ثمار الجنة حتى يعود .
ومنها : أن في ذلك تذكيرا للعائد بنعمة الله عليه بالصحة ، لأنه إذا رأى هذا المريض ورأى ما هو فيه من المرض ، ثم رجع إلى نفسه ، ورأى ما فيها من الصحة والعافية عرف قدر نعمة الله عليه بهذه العافية ، لأن الشيء إنما يعرف بضده .
ومنها : أن فيها جلبا للمودة والمحبة ، فإن الإنسان إذا عاد المريض صارت هذه العيادة في قلب المريض دائما على قلبه ، دائما على قلبه يتذكرها وكلما ذكرها أحب الذي يعوده ، وهذا يظهر كثيرا فيما إذا برئ المريض ، وحصلت منه ملاقاة لك ، تجده يتشكر منك ، وتجد أن قلبه ينشرح بهذا الشيء .
أما المـَعود فإن له فيها فائدة أيضا : لأنها تؤنِّسه وتشرح صدره ، ويزول عنه ما فيه من الهم والغم من المرض ، وربما يكون العائد موفقا يذكره بالخير والتوبة والوصية إذا كان يريد أن يوصي بشيء عليه من الديون أو غيرها ، فيكون في ذلك فائدة للمَعود فائدة كبيرة ، ولهذا قال العلماء : " ينبغي لمن عاد المريض أن ينفس له في أجله " : يعني يفرحه يقول : ما شاء الله أنت اليوم في خير وما أشبه ذلك ، يعني مو بلازم يقول : أنت طيب ، قد يكون اليوم أشد مرضا من أمس ، لكن يقول : أنت اليوم في خير ، لأن المؤمن كله خير ، كل أمر المؤمن خير ، إن أصابه ضراء فهو بخير ، وإن أصابته سراء فهو في خير ، فيقول : اليوم أنت بخير والحمد لله ، وما أشبه ذلك مما يدخل عليه السرور ، والأجل محتوم ، إن كان هذا المرض أجله مات ، وإن كان بقي له شيء من الدنيا بقي ، المهم أنه ينبغي كما قال أهل العلماء : أن ننفس له في أجله ، وينبغي أيضا أن نذكره التوبة ، لكن لا يقول له ذلك بصفة مباشرة ، لأنه ربما ينزعج ويقول : لولا أنه رأى أن مرضي خطير ما ذكرني بالتوبة ، لكن يبدأ يذكر من الآيات إن كان يحفظ الآيات أو الأحاديث التي فيها الثناء على التائبين ما يتذكر به المريض ، وينبغي كذلك أن يذكره الوصية ، ما يقول : أوص فإن أجلك قريب ، إذا قال هكذا انزعج ، يُذكر مثلا بقصص واردة عليه مثلا ، يقول فلان مثلا وكان عليه دين وكان رجل حازم مثلا وكان يوصي أهله بقضاء دينه ، وما أشبه ذلك من الكلمات التي لا ينزعج بها ، قال أهل العلم : " وينبغي أيضا إذا رأى منه تشوفا إلى أن يقرأ عليه ينبغي أن يقرأ عليه " ، ينفث عليه بما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام مثل قوله : ( اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا ) ومثل قوله : ( ربنا الله الذي في السماء تقدَّس اسمك أمرك في السماء والأرض ، كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض ، أنت رب الطيبين اغفر لنا حُوبَنا وخطايانا ، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع ، فيبرأ ) .