شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار )) قلت : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : ( إنه كان حريصا على قتل صاحبه ) متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي قتادة نُفيع بن الحارث رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) : إذا التقى المسلمان : يعني يريد كل واحد منهما أن يقتل الآخر ، فَسَلَّ عليه السيف ، وكذلك لو أشهر عليه السلاح البندقية أو غير ذلك مما يقتل كحجر ونحوه ، فَذِكر السيف هنا على سبيل التمثيل وليس على سبيل التعيين ، بل إذا التقى المسلمان بأي وسيلة يكون بها القتل فقتل أحدهما الآخر فالقاتل والمقتول في النار والعياذ بالله ، القاتل في النار والمقتول في النار ، فقال أبو قتادة للنبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا القاتل ) يعني أن كونه في النار واضح ، لأنه قتل نفسا مؤمنة متعمدا ، والذي يقتل نفسا مؤمنة متعمدا بغير حق فإنه في نار جهنم ، قال الله تعالى : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )) ، فأبو قتادة رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا القاتل ) : وهذه الجملة هي ما يُعرف في باب المناظرة بالتسليم ، يعني سلمنا أن القاتل في النار ، فما بال المقتول كيف يكون في النار وهو مقتول ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لأنه كان حريصًا على قتل صاحبه ) : فهو حريص على أن يقتل صاحبه ، ولهذا جاء بآلة القتل ليقتله ، ولكن تفوق عليه الآخر فقتله ، فيكون هذا والعياذ بالله بنية القتل ، وعمله السبب الموصل للقتل ، يكون كأنه قاتل ، ولهذا قال : ( لأنه كان حريصا على قتل صاحبه ) ، ففي هذا الحديث دليل على أن الأعمال بالنيات ، وأن هذا لما نوى قتل صاحبه صار كأنه فاعل ذلك ، أي : كأنه قاتل ، وبهذا نعرف الفرق بين هذا الحديث وبين قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَن قُتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ) ، وقوله فيمن أتى ليأخذ مالك : ( إن قتلته فهو في النار ، وإن قتلك فأنت شهيد ) ، وذلك أن الإنسان الذي يدافع عن ماله وأهله ونفسه وعرضه إنما دافع رجلا معتديا صائلا ، لا يندفع إلا بالقتل ، فهنا إذا قتل الصائل كان في النار ، وإن قتل المدافع كان شهيدا في الجنة ، فهذا هو الفرق بينهما ، فبهذا عُلِم أن من قتل أخاه مريدا لقتله فإنه في النار ، ومن قتلهُ أخوه وهو يريد قتل أخيه لكن عجز فالمقتول أيضا في النار ، ( القاتل والمقتول في النار ) ، وفي هذا الحديث دليل على عظم القتل ، وأنه من أسباب دخول النار والعياذ بالله ، وفيه دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يوردون على النبي صلى الله عليه وسلم الشبه ، فيجيب عنها ، ولهذا لا نجد شيئا من الكتاب والسنة فيه شبهة حقيقية إلا وقد وُجد حلها ، إما أن يكون حلها بنفس الكتاب والسنة من غير إيراد سؤال ، وإما أن يكون بإيراد سؤال يُجاب عنه ، ومن ذلك أيضا : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر : ( بأن الدجال يمكث في الأرض أربعين يوما ، اليوم الأول كسنة ، والثاني كشهر ، والثالث كأسبوع ، وبقية الأيام كأيامنا ، سأله الصحابة : قالوا : يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة هل تكفينا فيه صلاة يوم واحد ؟ قال : لا ، ولكن اقدروا لها قدرها ) ، ففي هذا أبينُ دليل على أنه لا يوجد ولله الحمد في الكتاب والسنة شيء مشتبه ليس له حل ، ولكن الذي يوجد قصورٌ في الأفهام ، تعجز عن معرفة الحل ، أو تقصير في الطلب يقصر الإنسان فلا يطلب ولا يتأمل ولا يفتش فيشتبه عليه الأمر ، أما الواقع فإنه ليس في القرآن والسنة -ولله الحمد- شيء مشتبه إلا وجد حله في الكتاب والسنة ، إما ابتداء وإما جوابا عن سؤال يقع من الصحابة والله الموفق .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن أبي قتادة نُفيع بن الحارث رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) : إذا التقى المسلمان : يعني يريد كل واحد منهما أن يقتل الآخر ، فَسَلَّ عليه السيف ، وكذلك لو أشهر عليه السلاح البندقية أو غير ذلك مما يقتل كحجر ونحوه ، فَذِكر السيف هنا على سبيل التمثيل وليس على سبيل التعيين ، بل إذا التقى المسلمان بأي وسيلة يكون بها القتل فقتل أحدهما الآخر فالقاتل والمقتول في النار والعياذ بالله ، القاتل في النار والمقتول في النار ، فقال أبو قتادة للنبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا القاتل ) يعني أن كونه في النار واضح ، لأنه قتل نفسا مؤمنة متعمدا ، والذي يقتل نفسا مؤمنة متعمدا بغير حق فإنه في نار جهنم ، قال الله تعالى : (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )) ، فأبو قتادة رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا القاتل ) : وهذه الجملة هي ما يُعرف في باب المناظرة بالتسليم ، يعني سلمنا أن القاتل في النار ، فما بال المقتول كيف يكون في النار وهو مقتول ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لأنه كان حريصًا على قتل صاحبه ) : فهو حريص على أن يقتل صاحبه ، ولهذا جاء بآلة القتل ليقتله ، ولكن تفوق عليه الآخر فقتله ، فيكون هذا والعياذ بالله بنية القتل ، وعمله السبب الموصل للقتل ، يكون كأنه قاتل ، ولهذا قال : ( لأنه كان حريصا على قتل صاحبه ) ، ففي هذا الحديث دليل على أن الأعمال بالنيات ، وأن هذا لما نوى قتل صاحبه صار كأنه فاعل ذلك ، أي : كأنه قاتل ، وبهذا نعرف الفرق بين هذا الحديث وبين قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَن قُتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ) ، وقوله فيمن أتى ليأخذ مالك : ( إن قتلته فهو في النار ، وإن قتلك فأنت شهيد ) ، وذلك أن الإنسان الذي يدافع عن ماله وأهله ونفسه وعرضه إنما دافع رجلا معتديا صائلا ، لا يندفع إلا بالقتل ، فهنا إذا قتل الصائل كان في النار ، وإن قتل المدافع كان شهيدا في الجنة ، فهذا هو الفرق بينهما ، فبهذا عُلِم أن من قتل أخاه مريدا لقتله فإنه في النار ، ومن قتلهُ أخوه وهو يريد قتل أخيه لكن عجز فالمقتول أيضا في النار ، ( القاتل والمقتول في النار ) ، وفي هذا الحديث دليل على عظم القتل ، وأنه من أسباب دخول النار والعياذ بالله ، وفيه دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يوردون على النبي صلى الله عليه وسلم الشبه ، فيجيب عنها ، ولهذا لا نجد شيئا من الكتاب والسنة فيه شبهة حقيقية إلا وقد وُجد حلها ، إما أن يكون حلها بنفس الكتاب والسنة من غير إيراد سؤال ، وإما أن يكون بإيراد سؤال يُجاب عنه ، ومن ذلك أيضا : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر : ( بأن الدجال يمكث في الأرض أربعين يوما ، اليوم الأول كسنة ، والثاني كشهر ، والثالث كأسبوع ، وبقية الأيام كأيامنا ، سأله الصحابة : قالوا : يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة هل تكفينا فيه صلاة يوم واحد ؟ قال : لا ، ولكن اقدروا لها قدرها ) ، ففي هذا أبينُ دليل على أنه لا يوجد ولله الحمد في الكتاب والسنة شيء مشتبه ليس له حل ، ولكن الذي يوجد قصورٌ في الأفهام ، تعجز عن معرفة الحل ، أو تقصير في الطلب يقصر الإنسان فلا يطلب ولا يتأمل ولا يفتش فيشتبه عليه الأمر ، أما الواقع فإنه ليس في القرآن والسنة -ولله الحمد- شيء مشتبه إلا وجد حله في الكتاب والسنة ، إما ابتداء وإما جوابا عن سؤال يقع من الصحابة والله الموفق .