شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي العباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فيما يروي عن ربه ، تبارك وتعالى ، قال : ( إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك ، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله تبارك وتعالى عنده حسنة كاملة ،وإن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله تعالى عنده حسنة كاملة ، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة ) متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك ) : كتابته للسيئات والحسنات تشمل معنيين : المعنى الأول : كتابة ذلك في اللوح المحفوظ ، فإن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ كل شيء كما قال تعالى : (( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )) ، وقال تعالى : (( وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ )) فالله تعالى كتب الحسنات والسيات في اللوح المحفوظ ، ثم يكتبها بعد ذلك إذا عملها العبد ، إذا عملها العبد فإن الله تعالى يكتبها حسب ما تقتضيه حكمته ، وحسب ما يقتضيه عدله وفضله ، فهاتان كتابتان : كتابة سابقة لا يعلمها إلا الله عز وجل ، فكل واحد منا لا يعلم ماذا كتب الله له من خير أو شر حتى يقع ذلك الشيء ، وكتابة لاحقة إذا عمل الإنسان العمل كُتب له حسبما تقتضيه الحكمة والعدل والفضل .
( ثم بين ذلك ) : يعني بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، كيف يكتب ؟ فبين أن الإنسان إذا هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله تعالى حسنة كاملة ، مثال ذلك : رجل همَّ أن يتوضأ ليقرأ القرآن ، ثم لم يفعل ذلك ، عَدَل عن هذا فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة ، هم أن يتصدق وعيَّن المال الذي يريد أن يتصدق به ثم أمسك ولم يتصدق ، فيكتب له بذلك حسنة كاملة ، هَمَّ أن يصلي ركعتين ثم أمسك ولم يصل ، فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة ، فإن قال قائل : كيف يكتب له حسنة وهو لم يفعلها ؟ فالجواب على ذلك أن يقال : إن فضل الله واسع ، إن فضل الله واسع هذا الهمُّ الذي حدث منه ، هذا الهم الذي حدث منه يعتبر حسنة ، لأن القلب همام إما بخير أو بشر ، فإذا هم بالخير فهذه حسنة تكتب له ، فإن عملها كتبها الله تعالى عشر حسنات إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، إذا عمل الحسنة التي هم بها فإنه يكتب له ما ذكر ، عشر حسنات إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، وهذا التفاوت مبني على شيء ، مبني على الإخلاص والمتابعة ، فكلما كان الإنسان في عبادته أخلص لله كان أجره أكثر ، وكلما كان الإنسان في عبادته أتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عبادته أكمل ، وثوابه أكثر ، فالتفاوت هذا يكون بحسب الإخلاص والمتابعة ، بحسب الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما السيئة فقال : ( وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله حسنة كاملة ) : كرجل هم أن يسرق ولكن ذكر الله عز وجل ، فأدركه خوف الله ، فترك السرقة فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة ، حسنة كاملة لأنه ترك فعل المعصية لله فأثيب على ذلك ، كما جاء هذا مفسرا في لفظ آخر قال : ( لأنه تركها من جرائي ) أي : مِن أجلي ، همَّ أن يفعل منكرا كالغيبة مثلا ، هم أن يغتاب أحدا ويتكلم في عرضه ولكنه ذكر أن هذا محرم فتركه ، تركه لله ، فإنه يعطى على ذلك حسنة كاملة ، فإن عمل السيئة كتبت سيئة واحدة فقط ، لا تزيد لقول الله تعالى : (( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ )) .
هذا الحديث كما سمعتم فيه دليل على اعتبار النية وأن النية قد توصل صاحبها إلى الخير ، وسبق لنا أن الإنسان إذا نوى الشر وعمل العمل الذي يوصل إلى الشر ولكنه عجز عنه فإنه يكتب عليه إثم الفاعل ، كما سبق فيمن التقيا بسيفيهما مِن المسلمين : ( إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار . قالوا : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه ) ، والله الموفق .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك ) : كتابته للسيئات والحسنات تشمل معنيين : المعنى الأول : كتابة ذلك في اللوح المحفوظ ، فإن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ كل شيء كما قال تعالى : (( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )) ، وقال تعالى : (( وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ )) فالله تعالى كتب الحسنات والسيات في اللوح المحفوظ ، ثم يكتبها بعد ذلك إذا عملها العبد ، إذا عملها العبد فإن الله تعالى يكتبها حسب ما تقتضيه حكمته ، وحسب ما يقتضيه عدله وفضله ، فهاتان كتابتان : كتابة سابقة لا يعلمها إلا الله عز وجل ، فكل واحد منا لا يعلم ماذا كتب الله له من خير أو شر حتى يقع ذلك الشيء ، وكتابة لاحقة إذا عمل الإنسان العمل كُتب له حسبما تقتضيه الحكمة والعدل والفضل .
( ثم بين ذلك ) : يعني بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، كيف يكتب ؟ فبين أن الإنسان إذا هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله تعالى حسنة كاملة ، مثال ذلك : رجل همَّ أن يتوضأ ليقرأ القرآن ، ثم لم يفعل ذلك ، عَدَل عن هذا فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة ، هم أن يتصدق وعيَّن المال الذي يريد أن يتصدق به ثم أمسك ولم يتصدق ، فيكتب له بذلك حسنة كاملة ، هَمَّ أن يصلي ركعتين ثم أمسك ولم يصل ، فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة ، فإن قال قائل : كيف يكتب له حسنة وهو لم يفعلها ؟ فالجواب على ذلك أن يقال : إن فضل الله واسع ، إن فضل الله واسع هذا الهمُّ الذي حدث منه ، هذا الهم الذي حدث منه يعتبر حسنة ، لأن القلب همام إما بخير أو بشر ، فإذا هم بالخير فهذه حسنة تكتب له ، فإن عملها كتبها الله تعالى عشر حسنات إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، إذا عمل الحسنة التي هم بها فإنه يكتب له ما ذكر ، عشر حسنات إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، وهذا التفاوت مبني على شيء ، مبني على الإخلاص والمتابعة ، فكلما كان الإنسان في عبادته أخلص لله كان أجره أكثر ، وكلما كان الإنسان في عبادته أتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عبادته أكمل ، وثوابه أكثر ، فالتفاوت هذا يكون بحسب الإخلاص والمتابعة ، بحسب الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما السيئة فقال : ( وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله حسنة كاملة ) : كرجل هم أن يسرق ولكن ذكر الله عز وجل ، فأدركه خوف الله ، فترك السرقة فإنه يكتب له بذلك حسنة كاملة ، حسنة كاملة لأنه ترك فعل المعصية لله فأثيب على ذلك ، كما جاء هذا مفسرا في لفظ آخر قال : ( لأنه تركها من جرائي ) أي : مِن أجلي ، همَّ أن يفعل منكرا كالغيبة مثلا ، هم أن يغتاب أحدا ويتكلم في عرضه ولكنه ذكر أن هذا محرم فتركه ، تركه لله ، فإنه يعطى على ذلك حسنة كاملة ، فإن عمل السيئة كتبت سيئة واحدة فقط ، لا تزيد لقول الله تعالى : (( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ )) .
هذا الحديث كما سمعتم فيه دليل على اعتبار النية وأن النية قد توصل صاحبها إلى الخير ، وسبق لنا أن الإنسان إذا نوى الشر وعمل العمل الذي يوصل إلى الشر ولكنه عجز عنه فإنه يكتب عليه إثم الفاعل ، كما سبق فيمن التقيا بسيفيهما مِن المسلمين : ( إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار . قالوا : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه ) ، والله الموفق .