شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء ) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال ( لا تغضب فردد مراراً قال لا تغضب ) رواه البخاري . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة ) . رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث في باب الصبر تدل على فضيلة الصبر ، أما الحديث الأول : حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق ، على رؤوس الخلائق يوم القيامة فخيره من أي الحور شاء ) : فالغيظ هو الغضب ، الغضب الشديد يسمى غيظا ، والإنسان الغاضب هو الذي يتصور نفسه قادرا على أن ينفذ ، لأن من لا يستطيع لا يغضب ، ولكنه يحزن ، ولهذا يوصف الله عز وجل بالغضب ولا يوصف بالحزن ، لأن الحزن نقص والغضب في محله كمال ، فإذا اغتاظ الإنسان من شخص وهو قادر على أن يفتك به ، ولكنه ترك ذلك ابتغاء وجه الله ، وصبرا على ما حصل له من أسباب الغيظ ، فله هذا الثواب العظيم : أنه يُدعى على رؤوس الخلائق يوم القيامة يخير من أي الحور شاء .
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( أنَّ رجلا قال يا رسول الله : أوصني قال : لا تغضب ، فردد مرارا قال : لا تغضب ) فقد سبق الكلام عليه .
وأما حديثه الثاني فهو أيضا دليل على أن الإنسان إذا صبر واحتسب الأجر عند الله كفَّر الله عنه سيئاته ، إذا أصيب الإنسان ببلاء في نفسه أو ولده أو ماله ثم صبر على ذلك فإن الله سبحانه وتعالى لا يزال يبتليه بهذا حتى لا يكون عليه خطيئة ، ففيه دليل على أن المصائب في النفس والولد والمال تكون كفارة للإنسان ، حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة ، ولكن هذا إذا صبر ، أما إذا تسخط فإن من تسخط فله السخط ، والله الموفق .