شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي إبراهيم عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى إذا مالت الشمس ثم قام فيهم فقال ( يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم ) متفق عليه . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض غزواته ، فانتظر حتى زالت الشمس ، مالت الشمس يعني : زالت ، وذلك مِن أجل ن تقبل البرودة ويكثر الظل وينشط الناس ، فانتظر حتى إذا مالت الشمس قام فيهم خطيباً ، وكان صلى الله عليه وسلم يخطب الناس خطباً دائمة ثابتة ، كخطبه يوم الجمعة ، وخطبًا عارضة إذا دعت الحاجة إليها قام فخطب عليه الصلاة والسلام ، وهذه كثيرة جدا ، فقال في جملة ما قال : ( لا تتمنوا لقاء العدو ) : يعني لا ينبغي للإنسان أن يتمنى لقاء العدو ويقول : اللهم ألقني عدوي ، ( واسألوا الله العافية ) : قل اللهم عافنا ، ( فإذا لقيتموه وابتليتم بذلك فاصبروا ) : هذا هو الشاهد من الحديث يعني اصبروا على مقاتلتهم واستعينوا بالله عز وجل وقاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا ، ( واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) : نسأل الله من فضله ، الجنة تحت ظلال السيوف التي يحملها المجاهد في سبيل الله ، لأن المجاهد في سبيل الله إذا قُتل صار من أهل الجنة ، كما جاء في قوله تعالى : (( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ )) ، والشهيدُ إذا قتل في سبيل الله فإنه لا يُحس بالطعنة أو بالضربة ، كأنها ليست بشيء ، ما يحس إلا أن روحه تخرج من الدنيا إلى نعيم دائم أبدا ، نسأل الله من فضله ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) ، وكان من الصحابة رضي الله عنهم أنس بن النضر قال : ( إني لأجد ريح الجنة دون أحد ) : شوف فتح الله مشامَّه حتى شم ريح الجنة حقيقة دون أحد ، ثم قاتل حتى قتل رضي الله عنه ، فوجد فيه بضع وثمانون ضربة ، ما بين رمح وسهم وغير ذلك ، فقُتل شهيدا رضي الله عنه ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) .
ثم قال صلى الله عليه وسلم : ( اللهم ُمنزّل الكتاب ومُجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ) : وهذا دعاء ينبغي للمجاهد أن يدعو به إذا لقي العدو : ( اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ) : فتوسل النبي صلى الله عليه وسلم بالآيات الشرعية ، والآيات الكونية ، توسل بإنزال الكتاب وهو القرآن الكريم ، أو يشمل كل كتاب ، ويكون المراد به الجنس يعني : منزل الكتب على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى غيره .
( ومجري السحاب ) : هذه آية كونية ، فالسحاب المسخر بين السماء والأرض لا يجريه إلا الله عز وجل ، لو اجتمعت الأمم بجميع آلاتها ومعداتها على أن تُجري هذا السحاب أو أن تصرف وجهه ما استطاعت إلى ذلك سبيلا ، وإنما يجريه من إذا أراد شيئا قال له : كن فيكون .
( وهازم الأحزاب ) : فإن الله عز وجل وحده هو الذي يهزم الأحزاب ، ومن ذلك أن الله هزم الأحزاب في غزوة الأحزاب ، تجمعوا أكثر من عشرة آلاف مقاتل حول المدينة ليقاتلوا الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولكن الله تعالى هزمهم ، هزمهم : (( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً )) ، أرسل عليهم ريحا وجنودا زلزلت بهم ، كَفَّأت قدورهم وأسقطت خيامهم وصار لا يستقر لهم قرار ، ريح شديدة باردة شرقية حتى ما بقوا انصرفوا ، (( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ )) ، فالله عز وجل هو هازم الأحزاب ، ليس قوة الإنسان هي التي تهزم ، القوة سبب قد تنفع وقد لا تنفع لكننا مأمورون بفعل السبب المباح ، لكن الهازم حقيقة هو الله عز وجل : ( اهزمهم ونصرنا عليهم ) ، ففي هذا الحديث عدة فوائد :
أولا : ألا يتمنى الإنسان لقاء العدو ، وهذا غير تمني الشهادة ، تمني الشهادة جائز وليس منهيا عنه بل قد يكون مأمورا به ، أما تمني لقاء العدو فلا تتمنى لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك : ( لا تتمنوا لقاء العدو ) .
ومِن فوائده أيضا : أن يسألَ اللهَ الإنسانُ العافية ، لأن العافية والسلامة لا يعدلها شيء ، فلا تتمنوا الحروب ، ولا المقاتلة واسأل الله العافية والنصر لدينه ، ولكن إذا لقيت العدو ، مِن فوائد الحديث أيضا : أن الإنسان يجب عليه إذا لقي العدو أن يصبر ، قال الله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) ، (( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )) .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ينبغي لأمير الجيش أو السرية أن يَرفق بهم وألا يبدأ القتال إلا في الوقت المناسب ، سواء كان مناسبا من الناحية اليومية أو من الناحية الفصلية ، فمثلا في أيام الصيف لا ينبغي أن يتحرى القتال فيه ، لأن فيه مشقة ، في أيام البرد الشديد لا يتحرى ذلك أيضا لأن في ذلك مشقة ، لكن إذا أمكن أن يكون بين بين ، يعني : في الربيع أو في الخريف فهذا أحسن ما يكون .
ومنها : أنه ينبغي للإنسان أن يدعو بهذا الدعاء : ( اللهم مُنزِّل الكتاب ومُجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ) .
ومن فوائد هذا الحديث : الدعاء على الأعداء بالهزيمة ، لأنهم أعداؤك وأعداء الله ، فإن الكافر ليس عدوا لك وحدك ، بل هو عدو لك ولربك ولأنبيائه ولملائكته ولرسله ولكل مؤمن ، الكافر عدو لكل مؤمن ، عدو لكل رسول ، عدو لكل نبي ، عدو لكل مَلَك ، فهو عدو ، فينبغي لك أن تسأل الله دائما أن يخذل الأعداء من الكفار ، وأن يهزمهم وأن ينصرنا عليهم ، والله الموفق .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض غزواته ، فانتظر حتى زالت الشمس ، مالت الشمس يعني : زالت ، وذلك مِن أجل ن تقبل البرودة ويكثر الظل وينشط الناس ، فانتظر حتى إذا مالت الشمس قام فيهم خطيباً ، وكان صلى الله عليه وسلم يخطب الناس خطباً دائمة ثابتة ، كخطبه يوم الجمعة ، وخطبًا عارضة إذا دعت الحاجة إليها قام فخطب عليه الصلاة والسلام ، وهذه كثيرة جدا ، فقال في جملة ما قال : ( لا تتمنوا لقاء العدو ) : يعني لا ينبغي للإنسان أن يتمنى لقاء العدو ويقول : اللهم ألقني عدوي ، ( واسألوا الله العافية ) : قل اللهم عافنا ، ( فإذا لقيتموه وابتليتم بذلك فاصبروا ) : هذا هو الشاهد من الحديث يعني اصبروا على مقاتلتهم واستعينوا بالله عز وجل وقاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا ، ( واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) : نسأل الله من فضله ، الجنة تحت ظلال السيوف التي يحملها المجاهد في سبيل الله ، لأن المجاهد في سبيل الله إذا قُتل صار من أهل الجنة ، كما جاء في قوله تعالى : (( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ )) ، والشهيدُ إذا قتل في سبيل الله فإنه لا يُحس بالطعنة أو بالضربة ، كأنها ليست بشيء ، ما يحس إلا أن روحه تخرج من الدنيا إلى نعيم دائم أبدا ، نسأل الله من فضله ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) ، وكان من الصحابة رضي الله عنهم أنس بن النضر قال : ( إني لأجد ريح الجنة دون أحد ) : شوف فتح الله مشامَّه حتى شم ريح الجنة حقيقة دون أحد ، ثم قاتل حتى قتل رضي الله عنه ، فوجد فيه بضع وثمانون ضربة ، ما بين رمح وسهم وغير ذلك ، فقُتل شهيدا رضي الله عنه ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ) .
ثم قال صلى الله عليه وسلم : ( اللهم ُمنزّل الكتاب ومُجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ) : وهذا دعاء ينبغي للمجاهد أن يدعو به إذا لقي العدو : ( اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ) : فتوسل النبي صلى الله عليه وسلم بالآيات الشرعية ، والآيات الكونية ، توسل بإنزال الكتاب وهو القرآن الكريم ، أو يشمل كل كتاب ، ويكون المراد به الجنس يعني : منزل الكتب على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى غيره .
( ومجري السحاب ) : هذه آية كونية ، فالسحاب المسخر بين السماء والأرض لا يجريه إلا الله عز وجل ، لو اجتمعت الأمم بجميع آلاتها ومعداتها على أن تُجري هذا السحاب أو أن تصرف وجهه ما استطاعت إلى ذلك سبيلا ، وإنما يجريه من إذا أراد شيئا قال له : كن فيكون .
( وهازم الأحزاب ) : فإن الله عز وجل وحده هو الذي يهزم الأحزاب ، ومن ذلك أن الله هزم الأحزاب في غزوة الأحزاب ، تجمعوا أكثر من عشرة آلاف مقاتل حول المدينة ليقاتلوا الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولكن الله تعالى هزمهم ، هزمهم : (( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً )) ، أرسل عليهم ريحا وجنودا زلزلت بهم ، كَفَّأت قدورهم وأسقطت خيامهم وصار لا يستقر لهم قرار ، ريح شديدة باردة شرقية حتى ما بقوا انصرفوا ، (( وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ )) ، فالله عز وجل هو هازم الأحزاب ، ليس قوة الإنسان هي التي تهزم ، القوة سبب قد تنفع وقد لا تنفع لكننا مأمورون بفعل السبب المباح ، لكن الهازم حقيقة هو الله عز وجل : ( اهزمهم ونصرنا عليهم ) ، ففي هذا الحديث عدة فوائد :
أولا : ألا يتمنى الإنسان لقاء العدو ، وهذا غير تمني الشهادة ، تمني الشهادة جائز وليس منهيا عنه بل قد يكون مأمورا به ، أما تمني لقاء العدو فلا تتمنى لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك : ( لا تتمنوا لقاء العدو ) .
ومِن فوائده أيضا : أن يسألَ اللهَ الإنسانُ العافية ، لأن العافية والسلامة لا يعدلها شيء ، فلا تتمنوا الحروب ، ولا المقاتلة واسأل الله العافية والنصر لدينه ، ولكن إذا لقيت العدو ، مِن فوائد الحديث أيضا : أن الإنسان يجب عليه إذا لقي العدو أن يصبر ، قال الله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) ، (( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )) .
ومن فوائد هذا الحديث : أنه ينبغي لأمير الجيش أو السرية أن يَرفق بهم وألا يبدأ القتال إلا في الوقت المناسب ، سواء كان مناسبا من الناحية اليومية أو من الناحية الفصلية ، فمثلا في أيام الصيف لا ينبغي أن يتحرى القتال فيه ، لأن فيه مشقة ، في أيام البرد الشديد لا يتحرى ذلك أيضا لأن في ذلك مشقة ، لكن إذا أمكن أن يكون بين بين ، يعني : في الربيع أو في الخريف فهذا أحسن ما يكون .
ومنها : أنه ينبغي للإنسان أن يدعو بهذا الدعاء : ( اللهم مُنزِّل الكتاب ومُجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ) .
ومن فوائد هذا الحديث : الدعاء على الأعداء بالهزيمة ، لأنهم أعداؤك وأعداء الله ، فإن الكافر ليس عدوا لك وحدك ، بل هو عدو لك ولربك ولأنبيائه ولملائكته ولرسله ولكل مؤمن ، الكافر عدو لكل مؤمن ، عدو لكل رسول ، عدو لكل نبي ، عدو لكل مَلَك ، فهو عدو ، فينبغي لك أن تسأل الله دائما أن يخذل الأعداء من الكفار ، وأن يهزمهم وأن ينصرنا عليهم ، والله الموفق .