شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الصدق قال الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )) وقال تعالى (( الصادقين والصادقات )) وقال تعالى (( فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم )) .
حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب الصدق " : الصدق معناه : مطابقة الخبر للواقع ، هذا الصدق في الأصل ، ويكون في الأخبار ، فإذا أخبرت بشيء وكان خبرك مطابقا للواقع قيل : إنه صدق ، مثل أن تقول : اليومُ يوم الأحد فهذا خبر صدق لأن اليوم يوم الأحد ، وإذا قلت : اليوم يوم الاثنين فهذا خبر كذب ، فالخبر إن طابق الواقع فهو صدق ، وإن خالف الواقع فهو كذب ، وكما يكون الصدق في الأقوال يكون أيضا في الأفعال ، فالصدق في الأفعال أن يكون الإنسان باطنه موافقا لظاهره ، بحيث إذا عمل عملا يكون موافقا لما في قلبه ، فالمرائي مثلا ليس بصادق ، لأنه يظهر للناس أنه من العابدين وليس كذلك ، والمشرك مع الله ليس بصادق ، لأنه يظهر أنه موحد وليس كذلك ، والمنافق ليس بصادق ، لأنه يظهر الإيمان وليس بمؤمن ، والمبتدع ليس بصادق لأنه يظهر الاتباع للرسول عليه الصلاة والسلام وليس بمتبع .
المهم أن الصدق متابعة الخبر للواقع ، وهو من سمات المؤمنين ، وعكسه الكذب وهو من سمات المنافقين نعوذ بالله .
ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- آيات في ذلك فقال : " وقول الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )) " : هذه الآية نزلت بعد ذكر قصة الثلاثة الذين خُلِّفوا وقد تخلفوا عن غزوة تبوك ، ومنهم كعب بن مالك الذي سنذكر حديثه إن شاء الله ، وكان هؤلاء الثلاثة حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم مِن غزوة تبوك ، كانوا تخلفوا عنها بلا عذر ، وأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا عذر لهم ، فخَلَّفهم يعني تركهم ، فمعنى (( وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا )) أي : تركوا فلم يبت في شأنهم ، لأن المنافقين لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك جاؤوا إليه يعتذرون إليه ، ويحلفون بالله أنهم معذورون ، وفيهم أنزل الله هذه الآية : (( سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ )) .
أما هؤلاء الثلاثة فصدقوا الرسول صلى الله عليه وسلم ، أخبروه بالصدق بأنه ليس لهم عذر ، تخلَّفوا بلا عذر فأرجأهم النبي عليه الصلاة والسلام خمسين ليلة ، (( حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ )) ثم أنزل الله توبته عليهم ، ثم قال بعد ذلك : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) : فأمر الله تعالى المؤمنين بأن يتقوا الله وأن يكونوا مع الصادقين لا مع الكاذبين .
وقال الله تعالى : (( وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَات )) : هذه في جملة الآية الطويلة التي ذكرها الله تعالى في سورة الأحزاب : (( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات )) إلى أن قال : (( وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَات )) إلى أن قال : (( أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )) : فذكر الله الصادقين والصادقات في مقام الثناء وفي بيان ما لهم من الأجر العظيم وقال تعالى : (( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )) : لو صدقوا الله يعني : لو عاملوا الله بالصدق لكان خيرا لهم ، ولكن عاملوا الله بالكذب ، فنافقوا وأظهروا خلاف ما في قلوبهم ، وعاملوا النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب ، فأظهروا أنهم متبعون له وهم مخالفون له ، فلو صدقوا الله بقلوبهم وأعمالهم وأقوالهم لكان خيرا لهم ، ولكنهم كذبوا الله فكان شرا لهم ، وقال تعالى : (( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ )) فقال : (( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ )) : فدل ذلك على أن الصدق أمره عظيم ، وأنه محل للجزاء من الله سبحانه وتعالى .
إذًا أيها الإخوة علينا أن نصبر ، علينا أن نكون صادقين ، علينا أن نكون صرحاء علينا ألا نخفي الأمر على غيرنا مداهنة أو مراءاة ، كثير من الناس إذا حُدث عن شيء فعله وكان لا يرضيه كذب وقال : ما فعلت ، لماذا ؟ لا تستحي من الخلق وتبارز الخالق بالكذب ، قل الصدق ولا يهمنك أحد ، وأنت إذا عودت نفسك الصدق وأخبرت بالصدق فإنك في المستقبل سوف تصلح حالُك ، أما إذا أخبرت بالكذب وصرت تكتم على الناس وتكذب عليهم فإنك سوف تستمر في غيِّك ولكن إذا صدقت فإنك سوف تعدل مسيرك ومنهاجك ، عليك بالصدق فيما لك وفيما عليك حتى تكون مع الصادقين الذين أمرك الله أن تكون معهم : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )) .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب الصدق " : الصدق معناه : مطابقة الخبر للواقع ، هذا الصدق في الأصل ، ويكون في الأخبار ، فإذا أخبرت بشيء وكان خبرك مطابقا للواقع قيل : إنه صدق ، مثل أن تقول : اليومُ يوم الأحد فهذا خبر صدق لأن اليوم يوم الأحد ، وإذا قلت : اليوم يوم الاثنين فهذا خبر كذب ، فالخبر إن طابق الواقع فهو صدق ، وإن خالف الواقع فهو كذب ، وكما يكون الصدق في الأقوال يكون أيضا في الأفعال ، فالصدق في الأفعال أن يكون الإنسان باطنه موافقا لظاهره ، بحيث إذا عمل عملا يكون موافقا لما في قلبه ، فالمرائي مثلا ليس بصادق ، لأنه يظهر للناس أنه من العابدين وليس كذلك ، والمشرك مع الله ليس بصادق ، لأنه يظهر أنه موحد وليس كذلك ، والمنافق ليس بصادق ، لأنه يظهر الإيمان وليس بمؤمن ، والمبتدع ليس بصادق لأنه يظهر الاتباع للرسول عليه الصلاة والسلام وليس بمتبع .
المهم أن الصدق متابعة الخبر للواقع ، وهو من سمات المؤمنين ، وعكسه الكذب وهو من سمات المنافقين نعوذ بالله .
ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- آيات في ذلك فقال : " وقول الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )) " : هذه الآية نزلت بعد ذكر قصة الثلاثة الذين خُلِّفوا وقد تخلفوا عن غزوة تبوك ، ومنهم كعب بن مالك الذي سنذكر حديثه إن شاء الله ، وكان هؤلاء الثلاثة حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم مِن غزوة تبوك ، كانوا تخلفوا عنها بلا عذر ، وأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا عذر لهم ، فخَلَّفهم يعني تركهم ، فمعنى (( وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا )) أي : تركوا فلم يبت في شأنهم ، لأن المنافقين لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك جاؤوا إليه يعتذرون إليه ، ويحلفون بالله أنهم معذورون ، وفيهم أنزل الله هذه الآية : (( سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ )) .
أما هؤلاء الثلاثة فصدقوا الرسول صلى الله عليه وسلم ، أخبروه بالصدق بأنه ليس لهم عذر ، تخلَّفوا بلا عذر فأرجأهم النبي عليه الصلاة والسلام خمسين ليلة ، (( حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ )) ثم أنزل الله توبته عليهم ، ثم قال بعد ذلك : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) : فأمر الله تعالى المؤمنين بأن يتقوا الله وأن يكونوا مع الصادقين لا مع الكاذبين .
وقال الله تعالى : (( وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَات )) : هذه في جملة الآية الطويلة التي ذكرها الله تعالى في سورة الأحزاب : (( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات )) إلى أن قال : (( وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَات )) إلى أن قال : (( أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )) : فذكر الله الصادقين والصادقات في مقام الثناء وفي بيان ما لهم من الأجر العظيم وقال تعالى : (( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )) : لو صدقوا الله يعني : لو عاملوا الله بالصدق لكان خيرا لهم ، ولكن عاملوا الله بالكذب ، فنافقوا وأظهروا خلاف ما في قلوبهم ، وعاملوا النبي صلى الله عليه وسلم بالكذب ، فأظهروا أنهم متبعون له وهم مخالفون له ، فلو صدقوا الله بقلوبهم وأعمالهم وأقوالهم لكان خيرا لهم ، ولكنهم كذبوا الله فكان شرا لهم ، وقال تعالى : (( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ )) فقال : (( لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ )) : فدل ذلك على أن الصدق أمره عظيم ، وأنه محل للجزاء من الله سبحانه وتعالى .
إذًا أيها الإخوة علينا أن نصبر ، علينا أن نكون صادقين ، علينا أن نكون صرحاء علينا ألا نخفي الأمر على غيرنا مداهنة أو مراءاة ، كثير من الناس إذا حُدث عن شيء فعله وكان لا يرضيه كذب وقال : ما فعلت ، لماذا ؟ لا تستحي من الخلق وتبارز الخالق بالكذب ، قل الصدق ولا يهمنك أحد ، وأنت إذا عودت نفسك الصدق وأخبرت بالصدق فإنك في المستقبل سوف تصلح حالُك ، أما إذا أخبرت بالكذب وصرت تكتم على الناس وتكذب عليهم فإنك سوف تستمر في غيِّك ولكن إذا صدقت فإنك سوف تعدل مسيرك ومنهاجك ، عليك بالصدق فيما لك وفيما عليك حتى تكون مع الصادقين الذين أمرك الله أن تكون معهم : (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )) .