تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عبد الله بن كعب بن مالك ، وكان قائد كعب - رضي الله عنه - من بنيه حين عمي ، قال : سمعت كعب بن مالك - رضي الله عنه - يحدث بحديثه حين تخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك . قال كعب : لم أتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك ، غير أني قد تخلفت في غزوة بدر ، ولم يعاتب أحد تخلف عنه ؛ إنما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله تعالى بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد . ولقد شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام ، وما أحب أن لي بها مشهد بدر ، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها ... " . حفظ
الشيخ : فأخذوه ، والحمد لله أنه لم يصل إلى قريش ، فصار في هذا نعمة من الله على المسلمين وعلى حاطب ، لأن الذي أراد ما حصل من نعمة الله ، فلما ردوا الكتاب إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال له : يا حاطب كيف فعلت هذا ؟ فاعتذر فقال عمر : " يا رسول الله ألا أضرب عنقك فإنه قد نافق ؟ " قال له النبي عليه الصلاة والسلام : ( أما علمت أن الله اطلع على أهل بدر أو إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) ، وكان حاطب من أهل بدر رضي الله عنه ، فالمهم أن هذه الغزاة تخلف عنها كعب لكنها ليست غزاة في أول الأمر ، إلا في ثاني الحال ، وكانت غزاة مباركة ولله الحمد ، ثم ذكر بيعته النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة في منى ، حيث بايعوا النبي عليه الصلاة والسلام على الإسلام وقال : ( إنه يعني لا أحب أن يكون لي بدلها بدر ) : يعني هي أحب إليه من غزوة بدر ، لأنها بيعة عظيمة لكن يقول : ( كانت بدر أذكر في الناس منها ) : يعني أكثر ذكرا لأنها غزوة اشتهرت بخلاف البيعة ، على كل حال هو كأنه رضي الله عنه يُسلي نفسه بأنه إن فاتته غزوة بدر فقد حصلت له بيعة العقبة ، فرضي الله عنه كعب وعن جميع الصحابة .
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق حديث كعب : " ( وكان من خبري حين تخلَّفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، أني لم أكن قط أقوى ولا أَيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة ، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة ، فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرٍّ شديد ، واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا ، واستقبل عددا كثيرًا ، فجلَّى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أُهبة غزوهم ، فأخبرهم بوجهه الذي يريد ، والمسلمون مع رسول الله كثير ، ولا يجمعهم كتاب حافظ -يريد بذلك الديوان - قال كعب : فقلَّ رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى به ما لم ينزل فيه وحي من الله ، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال ، فأنا إليها أصغر ، فتجهز رسول الله صلى الله عليه ) " .