شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... فتجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه وطفقت أغدو لكي أتجهز معه ، فأرجع ولم أقض شيئا ، وأقول في نفسي : أنا قادر على ذلك إذا أردت ، فلم يزل يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد ، فأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غاديا والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا ، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا ، فلم يزل يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو ، فهممت أن أرتحل فأدركهم ، فيا ليتني فعلت ، ثم لم يقدر ذلك لي ، فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحزنني أني لا أرى لي أسوة ، إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق ، أو رجلا ممن عذر الله تعالى من الضعفاء ، ولم يذكرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ تبوك ، فقال وهو جالس في القوم بتبوك : ( ما فعل كعب بن مالك ؟ ) فقال رجل من بني سلمة : يا رسول الله ، حبسه برداه والنظر في عطفيه . فقال له معاذ بن جبل - رضي الله عنه - : بئس ما قلت ! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا ، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فبينا هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( كن أبا خيثمة ) ، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون .... " . حفظ
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق حديث كعب : " ( فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ، وطفقتُ أغدو لكي أتجهز معه ، فأرجعُ ولم أقض شيئا ، وأقول في نفسي : أنا قادر على ذلك إذا أردت ، فلم يزل يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد ، فأصبح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غاديًا والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئا ، ثم غَدوت فرجعت ولم أقض شيئا ، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو ، فهممت أن أرتحل فأدركهم ، فيا ليتني فعلت ، ثم لم يُقدر ذلك لي ، فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يَحزنني أني لا أرى لي أسوة ، إلا رجلاً مغموصا عليه في النفاق ، أو رجلا ممن عذر الله تعالى من الضعفاء ، ولم يذكرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك ، فقال وهو جالس في القوم بتبوك : ما فعل كعب بن مالك ؟ فقال رجل من بني سلمة : يا رسول الله ، حبسه بُراده والنظر في عطفيه . فقال له معاذ بن جبل رضي الله عنه : بئس ما قلت ! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فبينا هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كن أبا خيثمة ، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري ، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون ، قال كعب : فلما بلغني أن رسولَ الله ) " .
الشيخ : بس بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقل من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه الذي تخلف عن غزوة تبوك بلا عذر ، يقول رضي الله عنه : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم تجهز هو والمسلمون وخرجوا من المدينة ، أما هو رضي الله عنه فتأخر وجعل يغدو كل صباح يُرحِّل راحلته ويقول : ألحق بهم ، ولكنه لا يفعل شيئا ، ثم يفعل كل يوم حتى تمادى به الأمر ولم يُدرك ) : وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا لم يبادر بالعمل الصالح فإنه حَري أن يحرم إياه ، كما قال الله تعالى : (( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )) ، فالإنسان إذا علم الحق ولم يقبله ويذعن له من أول وهلة فإن ذلك قد يفوته ، ويحرم إياه والعياذ بالله ، كما أن الإنسان إذا لم يصبر على المصيبة مِن أول الأمر فإنه يحرم أجرها ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) ، فعليك يا أخي أن تبادر بالأعمال الصالحة ، لا تتأخر فتتمادى بك الأيام ثم تعجز وتكسل ويغلب عليك الشيطان والهوى فتتأخر ، هو رضي الله عنه كل يوم يقول : أخرج ، ولكن تمادى به الأمر ولم يخرج ، يقول : فكان يحز في نفسه أنه إذا خرج إلى سوق المدينة وإذا المدينة ليس فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ، إلا رجل مغموس في النفاق والعياذ بالله ، قد غمسه نفاقه فلم يخرج ، أو رجل معذور عذره الله عز وجل .
فكان يعتب على نفسه ، كيف ما يبقى في المدينة إلا هؤلاء وأقعد معهم ؟! ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذكره ، ولم يسأل عنه حتى وصل إلى تبوك ، فبينما هو جالس في أصحابه في تبوك سأل عنه قال : ( أين كعب بن مالك ؟ فتكلم فيه رجل من بني سَلِمة وغمزه ، ولكن دافع عنه معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ) : لم يجب بشيء لا على الذي غمزه ولا على الذي رد عليه ودافع عنه ، سكت ، فبينا هو كذلك إذ رأى رجلا مبيضًا يعني بياضًا يزول به السراب يعني بعيد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كن أبا خيثمة الأنصاري فكان أبا خيثمة ) : وهذا إما من فراسة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وإما من قوة نظره صلوات الله وسلامه عليه ، ولا شك أنه من أقوى الرجال نظرا وسمعا ونطقا وكل شيء ، أعطي قوة ثلاثين رجل بالنسبة للنساء عليه الصلاة والسلام ، وكذلك أعطي قوة في غير ذلك صلوات الله وسلامه عليه ، أبو خيثمة هذا هو الذي تصدق بصاع ، حث النبي عليه الصلاة والسلام على الصدقة فتصدق الناس كل بحسب حاله ، فكان الرجل إذا جاء بالصدقة الكثيرة قال المنافقون : هذا مرائي ما أكثر الصدقة ابتغاء وجه الله ، وإذا جاء الرجل الفقير بالصدقة اليسرة قالوا : إن الله غني عن صاع هذا ، شوف والعياذ بالله يلمزون المؤمنين من هنا ومن هنا :
(( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ )) : فإذا تصدقوا قالوا هؤلاء مراؤون ، (( وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ )) : إذا تصدقوا بما يستطيعون قالوا : إن الله غني عن صاعك ، وهكذا المنافق يا إخواني ، المنافق شر على المسلمين شر ، إن رأى أهل الخير لمزهم وإن رأى المقصرين لمزهم وهو أخبث عباد الله ، وهو في الدرك الأسفل من النار ، الآن المنافقون في زمننا هذا إذا رأوا أهل الخير وأهل الدعوة وأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قالوا هؤلاء متزمتون ، هؤلاء متشددون ، هؤلاء أصوليون ، هؤلاء رجعيون وما أشبه ذلك من الكلام ، كل هذا موروث عن المنافقين عن الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا ، لا تقولوا ليس عندنا منافقون ، عندنا منافقون ، عندنا منافقون وعلاماتهم كثيرة ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب * مدارج السالكين * في الجزء الأول صفات كثيرة من صفات المنافقين كلها مبينة في كتاب الله عز وجل ، فإذا رأيت الإنسان إذا تكلم الناسُ عنده في أهل الخير قال : هذا متزمت هذا متشدد ، وإذا رأى الإنسان المحسن الذي بقدر ما عنده يحسن قال : هذا بخيل الله غني عن صدقته ، إذا أريت هذا الذي يلمز المؤمنين من هنا ومن هنا فاعلم أنه منافق والعياذ بالله : (( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) .
المهم أن هذا الحديث فيه عبر كثيرة استفدنا في درسنا اليوم فائدتين عظيمتين : الفائدة الأولى : أن الإنسان لا ينبغي له أن يتأخر عن فعل الخير ، يتقدم يتقدم ، لا يتهاون أو يتكاسل ، وأذكر الآن حديثا قاله النبي عليه الصلاة والسلام في الذين يتقدمون إلى المسجد ، ولكن لا يتقدمون إلى الصف الأول يكونون في مؤخره قال : ( لا يزالون قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله ) : إذا عود الإنسان نفسه على التأخر أخره الله ، فبادر بالأعمال الصالحة من حين أن يأتي طلبها مِن عند الله عز وجل .
الفائدة الثانية : أن المنافقين يلمزون المؤمنين ، إن تصدق المسلمون بكثير قالوا : هؤلاء مراؤون ، وإن قللوا بحسب طاقتهم قالوا : إن الله غني عن عملك غني عن صاعك ، وأبو خيثمة هو الذي تصدق بصاع فقال المنافقون : إن الله غني عن صاع هذا الرجل ، ولكنهم منافقون لا يؤمنون ، ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( أن الرجل يتصدق بعِدل أو بِعَدل تمرة -أي بما يعادل تمرة- فيأخذها الله عز وجل فيربيها له كما يربي أحدكم فَلُوَّه ) أي : مهرة الحصان الصغير ، ( حتى تكون مثل الجبل ) : وهي تمرة أو ما يعادلها ، بل قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) : نصف تمرة ، بل قال الله عز وجل : (( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ )) مثقال ذرة ، والله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا ، والله الموفق .
الشيخ : بس بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقل من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه الذي تخلف عن غزوة تبوك بلا عذر ، يقول رضي الله عنه : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم تجهز هو والمسلمون وخرجوا من المدينة ، أما هو رضي الله عنه فتأخر وجعل يغدو كل صباح يُرحِّل راحلته ويقول : ألحق بهم ، ولكنه لا يفعل شيئا ، ثم يفعل كل يوم حتى تمادى به الأمر ولم يُدرك ) : وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا لم يبادر بالعمل الصالح فإنه حَري أن يحرم إياه ، كما قال الله تعالى : (( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )) ، فالإنسان إذا علم الحق ولم يقبله ويذعن له من أول وهلة فإن ذلك قد يفوته ، ويحرم إياه والعياذ بالله ، كما أن الإنسان إذا لم يصبر على المصيبة مِن أول الأمر فإنه يحرم أجرها ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) ، فعليك يا أخي أن تبادر بالأعمال الصالحة ، لا تتأخر فتتمادى بك الأيام ثم تعجز وتكسل ويغلب عليك الشيطان والهوى فتتأخر ، هو رضي الله عنه كل يوم يقول : أخرج ، ولكن تمادى به الأمر ولم يخرج ، يقول : فكان يحز في نفسه أنه إذا خرج إلى سوق المدينة وإذا المدينة ليس فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ، إلا رجل مغموس في النفاق والعياذ بالله ، قد غمسه نفاقه فلم يخرج ، أو رجل معذور عذره الله عز وجل .
فكان يعتب على نفسه ، كيف ما يبقى في المدينة إلا هؤلاء وأقعد معهم ؟! ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذكره ، ولم يسأل عنه حتى وصل إلى تبوك ، فبينما هو جالس في أصحابه في تبوك سأل عنه قال : ( أين كعب بن مالك ؟ فتكلم فيه رجل من بني سَلِمة وغمزه ، ولكن دافع عنه معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ) : لم يجب بشيء لا على الذي غمزه ولا على الذي رد عليه ودافع عنه ، سكت ، فبينا هو كذلك إذ رأى رجلا مبيضًا يعني بياضًا يزول به السراب يعني بعيد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كن أبا خيثمة الأنصاري فكان أبا خيثمة ) : وهذا إما من فراسة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وإما من قوة نظره صلوات الله وسلامه عليه ، ولا شك أنه من أقوى الرجال نظرا وسمعا ونطقا وكل شيء ، أعطي قوة ثلاثين رجل بالنسبة للنساء عليه الصلاة والسلام ، وكذلك أعطي قوة في غير ذلك صلوات الله وسلامه عليه ، أبو خيثمة هذا هو الذي تصدق بصاع ، حث النبي عليه الصلاة والسلام على الصدقة فتصدق الناس كل بحسب حاله ، فكان الرجل إذا جاء بالصدقة الكثيرة قال المنافقون : هذا مرائي ما أكثر الصدقة ابتغاء وجه الله ، وإذا جاء الرجل الفقير بالصدقة اليسرة قالوا : إن الله غني عن صاع هذا ، شوف والعياذ بالله يلمزون المؤمنين من هنا ومن هنا :
(( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ )) : فإذا تصدقوا قالوا هؤلاء مراؤون ، (( وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ )) : إذا تصدقوا بما يستطيعون قالوا : إن الله غني عن صاعك ، وهكذا المنافق يا إخواني ، المنافق شر على المسلمين شر ، إن رأى أهل الخير لمزهم وإن رأى المقصرين لمزهم وهو أخبث عباد الله ، وهو في الدرك الأسفل من النار ، الآن المنافقون في زمننا هذا إذا رأوا أهل الخير وأهل الدعوة وأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قالوا هؤلاء متزمتون ، هؤلاء متشددون ، هؤلاء أصوليون ، هؤلاء رجعيون وما أشبه ذلك من الكلام ، كل هذا موروث عن المنافقين عن الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا ، لا تقولوا ليس عندنا منافقون ، عندنا منافقون ، عندنا منافقون وعلاماتهم كثيرة ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب * مدارج السالكين * في الجزء الأول صفات كثيرة من صفات المنافقين كلها مبينة في كتاب الله عز وجل ، فإذا رأيت الإنسان إذا تكلم الناسُ عنده في أهل الخير قال : هذا متزمت هذا متشدد ، وإذا رأى الإنسان المحسن الذي بقدر ما عنده يحسن قال : هذا بخيل الله غني عن صدقته ، إذا أريت هذا الذي يلمز المؤمنين من هنا ومن هنا فاعلم أنه منافق والعياذ بالله : (( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) .
المهم أن هذا الحديث فيه عبر كثيرة استفدنا في درسنا اليوم فائدتين عظيمتين : الفائدة الأولى : أن الإنسان لا ينبغي له أن يتأخر عن فعل الخير ، يتقدم يتقدم ، لا يتهاون أو يتكاسل ، وأذكر الآن حديثا قاله النبي عليه الصلاة والسلام في الذين يتقدمون إلى المسجد ، ولكن لا يتقدمون إلى الصف الأول يكونون في مؤخره قال : ( لا يزالون قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله ) : إذا عود الإنسان نفسه على التأخر أخره الله ، فبادر بالأعمال الصالحة من حين أن يأتي طلبها مِن عند الله عز وجل .
الفائدة الثانية : أن المنافقين يلمزون المؤمنين ، إن تصدق المسلمون بكثير قالوا : هؤلاء مراؤون ، وإن قللوا بحسب طاقتهم قالوا : إن الله غني عن عملك غني عن صاعك ، وأبو خيثمة هو الذي تصدق بصاع فقال المنافقون : إن الله غني عن صاع هذا الرجل ، ولكنهم منافقون لا يؤمنون ، ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( أن الرجل يتصدق بعِدل أو بِعَدل تمرة -أي بما يعادل تمرة- فيأخذها الله عز وجل فيربيها له كما يربي أحدكم فَلُوَّه ) أي : مهرة الحصان الصغير ، ( حتى تكون مثل الجبل ) : وهي تمرة أو ما يعادلها ، بل قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) : نصف تمرة ، بل قال الله عز وجل : (( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ )) مثقال ذرة ، والله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا ، والله الموفق .