تتمة شرح حديث عبدالله بن كعب بن مالك - رضي الله عنه - : ( ... والله ما كنت أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك ... ) . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه وصاحبيه الذين خُلفوا حين تخلفوا عن غزوة تبوك : أنه أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصَدَقه القول ، وأخبره بأنه لا عذر له لا في بدنه ولا في ماله ، بل إنه لم يجمع راحلتين في غزوة قبل هذه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما هذا فقد صدق ) : ويكفي له فخرا أن وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالصدق ، ( أما هذا فقد صدق ، فاذهب حتى يقضي الله فيك ما شاء ) : فذهب الرجل مستسلما لأمر الله عز وجل ، مؤمنا بالله ، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن .
( فلحقه قوم من بني سَلِمة من قومه ، وجعلوا يزينون له أن يرجع عن إقراره ، وقالوا له : إنك لن تذنب ذنبا قبل هذا ) ، يعني مما تخلفت به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( ويكفيك أن يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : وإذا استغفر لك الرسول صلى الله عليه وسلم غفر الله لك ، فاذهب ارجع كذب نفسك قل : إني معذور حتى يستغفر لك النبي صلى الله عليه وسلم فيمن استغفر لهم ممن جاؤوا يعتذرون إليه ، فهَمَّ أن يفعل رضي الله عنه ولكن الله سبحانه وتعالى أنقذه ، وكتب له هذه المنقبة العظيمة التي تتلى في كتاب الله إلى يوم القيامة ، فسأل قومه قال : ( هل أحد صنع مثلما صنعت ؟ قالوا : نعم ، هلال بن أمية ، ومِرارة بن الربيع قالا مثلما قلت ، وقيل لهما : مثلما قيل لك ، يقول : فذكرا لي رجلين شهدا بدرا لي فيهما أسوة ) : شوف أحيانا يقيض الله للإنسان ما يجعله يدع الشر اقتداء بغيره وتأسيا به ، فهو رضي الله عنه لما ذكرا له هذين الرجلين وهما من خيار عباد الله الذين شهدوا بدرا ، فهما ممن شهدا بدرا ، فقال : لي فيهما أسوة فمضى ، يعني لم يرجع إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، ( فأمر النبي عليه الصلاة والسلام الناس أن يهجروهم ، فلا يكلمونهم فهجرهم المسلمون ) : ولكنهم بعد ذلك صاروا يمشون وكأنهم بلا عقول قد ذهِلوا ، تنكرت لهم الأرض ، فما هي بالأرض التي كانوا يعرفون ، لأنه يمشي إن سلم لا يرد عليه السلام ، وإن قابله أحد لم يبدأه بالسلام ، وحتى النبي عليه الصلاة والسلام وهو أحسن الناس خُلقا لا يسلم عليهم السلام العادي ، يقول كعب : ( كنت أحضر فأسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فلا أدري أحرك شفتيه برد السلام أم لا ) ، هذا وهو النبي عليه الصلاة والسلام ، وما ظنك بقوم أو برجل يُهجر في هذا المجتمع الإسلامي الذي هو خير القرون ، إنها ستضيق عليهم الأرض ، وفعلا ضاقت عليهم أنفسهم ، وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ، وبقوا على هذه الحال مدة خمسين يوما أي : شهرا كاملا وعشرين يوما ، والناس قد هجروهم لا يسلمون عليهم ولا يردون السلام إذا سلموا ، وكأنهم في الناس إبل جُرب لا يقربهم أحد ، فضاقت عليهم الأمور ، وصعبت عليهم الأحوال ، وفروا إلى الله عز وجل ، ولكن مع ذلك لم يكن كعب بن مالك يدع الصلاة مع الجماعة ، كان يحضر ويسلم على النبي عليه الصلاة والسلام ، لكن في آخر الأمر ربما يتخلف عن الصلوات لما يجد في نفسه من الضيق والحرج ، لأنه يخجل أن يأتي إلى قوم يصلي معهم لا يكلمونه أبدا ، لا بكلمة طيبة ولا بكلمة توبيخ وتأنيب ، تركوه بالكلية ، فضاقت عليهم الأرض وبقوا على هذا خمسية ليلة تامة ، ولما تمت لهم أربعون ليلة : أرسل إليهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يعتزلوا نساءهم ، إلى هذا الحد فرق بينهم وبين نسائهم ، وما ظنك برجل مثل كعب بن مالك ، رجل شاب يعزل عن امرأته ، أمر عظيم ، لكن مع ذلك لما جاءهم الرسول من النبي عليه الصلاة والسلام وقال له : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك ، قال : أطلقها أم ماذا ؟ ) : لو قال له : طَلقْها طلَّقَها بكل سهولة طاعة لله ورسوله ، سأل قال : ( أطلقها أم ماذا ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل أهلك ) : وبقي على ظاهر اللفظ ، حتى الصحابي الذي أرسل ما حرف اللفظ لا معنى ولا لفظا ، قال هكذا قال ولا أدري ، وهذا من أدب الصحابة رضي الله عنهم ، ما قال والله أظن أنه يريد أن تطلقها ولا أظن أنه لا يريد أن تطلقها ، ما قال شيئا ، قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال هكذا ، فقال كعب لزوجته : ( الحقي بأهلك فلحقت بأهلها ) ، وسيأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذا الحديث .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه وصاحبيه الذين خُلفوا حين تخلفوا عن غزوة تبوك : أنه أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصَدَقه القول ، وأخبره بأنه لا عذر له لا في بدنه ولا في ماله ، بل إنه لم يجمع راحلتين في غزوة قبل هذه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما هذا فقد صدق ) : ويكفي له فخرا أن وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالصدق ، ( أما هذا فقد صدق ، فاذهب حتى يقضي الله فيك ما شاء ) : فذهب الرجل مستسلما لأمر الله عز وجل ، مؤمنا بالله ، وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن .
( فلحقه قوم من بني سَلِمة من قومه ، وجعلوا يزينون له أن يرجع عن إقراره ، وقالوا له : إنك لن تذنب ذنبا قبل هذا ) ، يعني مما تخلفت به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( ويكفيك أن يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : وإذا استغفر لك الرسول صلى الله عليه وسلم غفر الله لك ، فاذهب ارجع كذب نفسك قل : إني معذور حتى يستغفر لك النبي صلى الله عليه وسلم فيمن استغفر لهم ممن جاؤوا يعتذرون إليه ، فهَمَّ أن يفعل رضي الله عنه ولكن الله سبحانه وتعالى أنقذه ، وكتب له هذه المنقبة العظيمة التي تتلى في كتاب الله إلى يوم القيامة ، فسأل قومه قال : ( هل أحد صنع مثلما صنعت ؟ قالوا : نعم ، هلال بن أمية ، ومِرارة بن الربيع قالا مثلما قلت ، وقيل لهما : مثلما قيل لك ، يقول : فذكرا لي رجلين شهدا بدرا لي فيهما أسوة ) : شوف أحيانا يقيض الله للإنسان ما يجعله يدع الشر اقتداء بغيره وتأسيا به ، فهو رضي الله عنه لما ذكرا له هذين الرجلين وهما من خيار عباد الله الذين شهدوا بدرا ، فهما ممن شهدا بدرا ، فقال : لي فيهما أسوة فمضى ، يعني لم يرجع إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، ( فأمر النبي عليه الصلاة والسلام الناس أن يهجروهم ، فلا يكلمونهم فهجرهم المسلمون ) : ولكنهم بعد ذلك صاروا يمشون وكأنهم بلا عقول قد ذهِلوا ، تنكرت لهم الأرض ، فما هي بالأرض التي كانوا يعرفون ، لأنه يمشي إن سلم لا يرد عليه السلام ، وإن قابله أحد لم يبدأه بالسلام ، وحتى النبي عليه الصلاة والسلام وهو أحسن الناس خُلقا لا يسلم عليهم السلام العادي ، يقول كعب : ( كنت أحضر فأسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فلا أدري أحرك شفتيه برد السلام أم لا ) ، هذا وهو النبي عليه الصلاة والسلام ، وما ظنك بقوم أو برجل يُهجر في هذا المجتمع الإسلامي الذي هو خير القرون ، إنها ستضيق عليهم الأرض ، وفعلا ضاقت عليهم أنفسهم ، وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ، وبقوا على هذه الحال مدة خمسين يوما أي : شهرا كاملا وعشرين يوما ، والناس قد هجروهم لا يسلمون عليهم ولا يردون السلام إذا سلموا ، وكأنهم في الناس إبل جُرب لا يقربهم أحد ، فضاقت عليهم الأمور ، وصعبت عليهم الأحوال ، وفروا إلى الله عز وجل ، ولكن مع ذلك لم يكن كعب بن مالك يدع الصلاة مع الجماعة ، كان يحضر ويسلم على النبي عليه الصلاة والسلام ، لكن في آخر الأمر ربما يتخلف عن الصلوات لما يجد في نفسه من الضيق والحرج ، لأنه يخجل أن يأتي إلى قوم يصلي معهم لا يكلمونه أبدا ، لا بكلمة طيبة ولا بكلمة توبيخ وتأنيب ، تركوه بالكلية ، فضاقت عليهم الأرض وبقوا على هذا خمسية ليلة تامة ، ولما تمت لهم أربعون ليلة : أرسل إليهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يعتزلوا نساءهم ، إلى هذا الحد فرق بينهم وبين نسائهم ، وما ظنك برجل مثل كعب بن مالك ، رجل شاب يعزل عن امرأته ، أمر عظيم ، لكن مع ذلك لما جاءهم الرسول من النبي عليه الصلاة والسلام وقال له : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك ، قال : أطلقها أم ماذا ؟ ) : لو قال له : طَلقْها طلَّقَها بكل سهولة طاعة لله ورسوله ، سأل قال : ( أطلقها أم ماذا ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل أهلك ) : وبقي على ظاهر اللفظ ، حتى الصحابي الذي أرسل ما حرف اللفظ لا معنى ولا لفظا ، قال هكذا قال ولا أدري ، وهذا من أدب الصحابة رضي الله عنهم ، ما قال والله أظن أنه يريد أن تطلقها ولا أظن أنه لا يريد أن تطلقها ، ما قال شيئا ، قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال هكذا ، فقال كعب لزوجته : ( الحقي بأهلك فلحقت بأهلها ) ، وسيأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذا الحديث .