شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ) متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذا الباب عقده المؤلف -رحمه الله- للصدق فقال : " باب الصدق " ، وذكر آيات سبق الكلام عليها
أما الأحاديث فقال : " عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ) " : عليكم بالصدق أي : الزموا الصدق ، والصدق مطابقة الخبر للواقع ، يعني أن تخبر بشيء فيكون الخبر مطابقا للواقع ، مثال ذلك إذا قلت : لمن سألك أي يوم هذا ؟ فقلت : اليوم يوم الأربعاء ، هذا صدق ، ولو قلت : اليوم يوم الثلاثاء لكان كذبا ، فالصدق مطابقة الخبر للواقع ، وقد سبق في حديث كعب بن مالك رضي الله عنه وصاحبيه ما يدل على فضيلة الصدق ، وحسن عاقبته ، وأن الصادق هو الذي له العاقبة ، والكاذب هو الذي يكون عمله هباء ، ولهذا يذكر أن بعض العامة قال : " إن الكذب ينجي فقال له أخوه : الصدق أنجى وأنجى " ، وهذا صحيح ، واعلم أن الخبر يكون باللسان ويكون بالأركان ، أما باللسان : فهو القول ، وأما بالأركان فهو الفعل ، ولكن كيف يكون الكذب بالفعل ؟! إذا فعل الإنسان خلاف ما يبطن فهذا قد كذب بفعله ، فالمنافق مثلا كاذب ، لأنه يظهر للناس أنه مؤمن يصلي مع الناس ويصوم مع الناس ويتصدق ولكنه بخيل وربما يحج ، فمن رأى أفعاله حكم عليه بالصلاح ، ولكن هذه الأفعال لا تنبئ عما في الباطن ، فهي كذب ولهذا نقول : الصدق يكون باللسان ويكون بالأركان ، فمتى طابق الخبر الواقع فهو صدق ويكون باللسان ، ومتى طابقت أعمال الجوارح ما في القلب فهي صدق وهذا صدق بالأفعال ، ثم بين النبي عليه الصلاة والسلام لما أمر بالصدق ، بين عاقبته قال : ( فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ) : البر كثرة الخير ، ومنه مِن أسماء الله البَرّ : أي كثير الخير والإحسان عز وجل ، فالبر يعني كثرة الخير وهو من نتائج الصدق ، ( وإن البر يهدي إلى الجنة ) : فصاحب البر نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم ، هذا يهديه بره إلى الجنة ، والجنة هي غاية كل مطلب ، لو سألت أي إنسان لماذا تعمل صالحا ؟ قال : للجنة ، نعم ، ولهذا يُؤمر الإنسان أن يسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار : (( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ )) .
ثم قال : ( وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ) ، وفي رواية : ( ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ) : أتدرون ما الصديق ؟ الصديق في المرتبة الثانية من مراتب الخلق الذين أنعم الله عليهم كما قال الله تعالى : (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ )) ، فالرجل الذي يتحرى الصدق يكتب عند الله صديقا ، ومعلوم أن الصديقية درجة عظيمة لا ينالها إلا أفذاذ من الناس ، وتكون في الرجال وتكون في النساء ، قال الله تعالى : (( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ )) ، وأفضل الصديقين على الإطلاق أصدقهم وهو أبو بكر رضي الله عنه ، عبد الله بن عثمان بن أبي قحافة ، الذي استجاب للنبي صلى الله عليه وسلم حين دعاه إلى الإسلام ، ولم يحصل عنده أي تردد وأي توقف ، بمجرد ما دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام أسلم ، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين كذبه قومه ، صدقه حين تحدث عن الإسراء والمعراج وكذبه الناس وقالوا : كيف تذهب يا محمد من مكة إلى بيت المقدس وترجع في ليلة واحدة ثم تقول إنك صعدت إلى السماء ، هذا لا يمكن !! ثم ذهبوا إلى أبي بكر وقالوا له : أما تسمع ما قال صاحبك ؟ قال : ماذا قال ؟ قالوا : إنه قال كذا وكذا وكذا ، قال : إن كان قد قال ذلك فقد صدق ، فمن ذلك اليوم سمي الصديق رضي الله عنه ، أما الكذب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإياكم والكذب ) : إياكم هذه للتحذير ، يعني : احذروا الكذب ، والكذب هو الإخبار بما يخالف الواقع سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل ، فإذا قال لك قائل : ما اليوم ؟ فقلت : اليوم يوم الخميس ، أو يوم الثلاثاء فهذا كذب ، لأنه لا يطابق الواقع .
والمنافق كاذب لأن ظاهره يدل على أنه مسلم وهو كافر فهو كاذب بفعله ، ( إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور ) الفجور : الخروج عن طاعة الله ، لأن الإنسان ينشق ويتعدى طَوره ويخرج عن طاعة الله إلى معصيته ، وأعظم الفجور الكفر والعياذ بالله ، فإن الكفرة فجرة كما قال تعالى : (( أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ )) ، وقال تعالى : (( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ )) ، وقال تعالى : (( وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ )) ، (( وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ )) ، ( فالكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار ) نعوذ بالله منها ، ( وإن الرجل ليكذب ) وفي لفظ : ( ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) : وهذا والعياذ بالله الكذب من الأمور المحرمة ، بل قال بعض العلماء : " إنه من كبائر الذنوب ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم توعده بأنه يكتب عند الله كذابا " ، ومن أعظم الكذب ما يفعله بعض الناس اليوم : يأتي بالمقالة كاذبا ، يعلم أنها كذب لكن من أجل أن يضحك الناس ، وقد جاء في الحديث الوعيد على هذا : ( ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم ، ويل له ، ثم ويل له ) : وهذا وعيد على أمر سَهُل عند كثير من الناس ، فالكذب كله حرام كله يهدي إلى الفجور ولا يستثنى منه شيء .
ورد في الحديث أنه يستثنى من ذلك ثلاثة أشياء : في الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث المرأة زوجها وحديثه إياها ، ولكن بعض أهل العلم قال : إن المراد بالكذب في هذا الحديث التورية وليس الكذب الصريح ، قال : والتورية قد تسمى كذبا كما في حديث إبراهيم أن النبي عليه الصلاة والسلام : ( أنه كذب ثلاث كذبات ) وهو لم يكذب ، وإنما ورى تورية هو فيها صادق ، وسواء كان هذا أو هذا فإن الكذب لا يجوز إلا في هذه الثلاث على رأي كثير من أهل العلم ، وبعض العلماء يقول : الكذب لا يجوز مطلقا لا مزحا ولا جدا ، ولا إذا تضمن أكل مال أو لا ، وأشد شيء من الكذب أن يكذب ويحلف ليأكل أموال الناس بالباطل ، مثل أن يُدعى عليه بحق عليه ثابت فينكر ، ويقول : والله ما لك علي حق ، أو يدعي ما ليس له فيقول : لي عندك كذا وكذا وهو كاذب ، فهذا إذا حلف على دعواه وكذب فإن ذلك هو اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ، ثم تغمسه في النار ، والعياذ بالله ، وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( مَن حلف على يمين هو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ) . فالحاصل أن الكذب حرام ولا يجوز للإنسان أن يكذب لا هازلا ولا جادا ، إلا في المسائل الثلاثة على خلاف بين العلماء في المعنى الوارد فيها ، والله أعلم .
هذا الباب عقده المؤلف -رحمه الله- للصدق فقال : " باب الصدق " ، وذكر آيات سبق الكلام عليها
أما الأحاديث فقال : " عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ) " : عليكم بالصدق أي : الزموا الصدق ، والصدق مطابقة الخبر للواقع ، يعني أن تخبر بشيء فيكون الخبر مطابقا للواقع ، مثال ذلك إذا قلت : لمن سألك أي يوم هذا ؟ فقلت : اليوم يوم الأربعاء ، هذا صدق ، ولو قلت : اليوم يوم الثلاثاء لكان كذبا ، فالصدق مطابقة الخبر للواقع ، وقد سبق في حديث كعب بن مالك رضي الله عنه وصاحبيه ما يدل على فضيلة الصدق ، وحسن عاقبته ، وأن الصادق هو الذي له العاقبة ، والكاذب هو الذي يكون عمله هباء ، ولهذا يذكر أن بعض العامة قال : " إن الكذب ينجي فقال له أخوه : الصدق أنجى وأنجى " ، وهذا صحيح ، واعلم أن الخبر يكون باللسان ويكون بالأركان ، أما باللسان : فهو القول ، وأما بالأركان فهو الفعل ، ولكن كيف يكون الكذب بالفعل ؟! إذا فعل الإنسان خلاف ما يبطن فهذا قد كذب بفعله ، فالمنافق مثلا كاذب ، لأنه يظهر للناس أنه مؤمن يصلي مع الناس ويصوم مع الناس ويتصدق ولكنه بخيل وربما يحج ، فمن رأى أفعاله حكم عليه بالصلاح ، ولكن هذه الأفعال لا تنبئ عما في الباطن ، فهي كذب ولهذا نقول : الصدق يكون باللسان ويكون بالأركان ، فمتى طابق الخبر الواقع فهو صدق ويكون باللسان ، ومتى طابقت أعمال الجوارح ما في القلب فهي صدق وهذا صدق بالأفعال ، ثم بين النبي عليه الصلاة والسلام لما أمر بالصدق ، بين عاقبته قال : ( فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ) : البر كثرة الخير ، ومنه مِن أسماء الله البَرّ : أي كثير الخير والإحسان عز وجل ، فالبر يعني كثرة الخير وهو من نتائج الصدق ، ( وإن البر يهدي إلى الجنة ) : فصاحب البر نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم ، هذا يهديه بره إلى الجنة ، والجنة هي غاية كل مطلب ، لو سألت أي إنسان لماذا تعمل صالحا ؟ قال : للجنة ، نعم ، ولهذا يُؤمر الإنسان أن يسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار : (( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ )) .
ثم قال : ( وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ) ، وفي رواية : ( ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ) : أتدرون ما الصديق ؟ الصديق في المرتبة الثانية من مراتب الخلق الذين أنعم الله عليهم كما قال الله تعالى : (( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ )) ، فالرجل الذي يتحرى الصدق يكتب عند الله صديقا ، ومعلوم أن الصديقية درجة عظيمة لا ينالها إلا أفذاذ من الناس ، وتكون في الرجال وتكون في النساء ، قال الله تعالى : (( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ )) ، وأفضل الصديقين على الإطلاق أصدقهم وهو أبو بكر رضي الله عنه ، عبد الله بن عثمان بن أبي قحافة ، الذي استجاب للنبي صلى الله عليه وسلم حين دعاه إلى الإسلام ، ولم يحصل عنده أي تردد وأي توقف ، بمجرد ما دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام أسلم ، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين كذبه قومه ، صدقه حين تحدث عن الإسراء والمعراج وكذبه الناس وقالوا : كيف تذهب يا محمد من مكة إلى بيت المقدس وترجع في ليلة واحدة ثم تقول إنك صعدت إلى السماء ، هذا لا يمكن !! ثم ذهبوا إلى أبي بكر وقالوا له : أما تسمع ما قال صاحبك ؟ قال : ماذا قال ؟ قالوا : إنه قال كذا وكذا وكذا ، قال : إن كان قد قال ذلك فقد صدق ، فمن ذلك اليوم سمي الصديق رضي الله عنه ، أما الكذب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإياكم والكذب ) : إياكم هذه للتحذير ، يعني : احذروا الكذب ، والكذب هو الإخبار بما يخالف الواقع سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل ، فإذا قال لك قائل : ما اليوم ؟ فقلت : اليوم يوم الخميس ، أو يوم الثلاثاء فهذا كذب ، لأنه لا يطابق الواقع .
والمنافق كاذب لأن ظاهره يدل على أنه مسلم وهو كافر فهو كاذب بفعله ، ( إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور ) الفجور : الخروج عن طاعة الله ، لأن الإنسان ينشق ويتعدى طَوره ويخرج عن طاعة الله إلى معصيته ، وأعظم الفجور الكفر والعياذ بالله ، فإن الكفرة فجرة كما قال تعالى : (( أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ )) ، وقال تعالى : (( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ )) ، وقال تعالى : (( وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ )) ، (( وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ )) ، ( فالكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار ) نعوذ بالله منها ، ( وإن الرجل ليكذب ) وفي لفظ : ( ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) : وهذا والعياذ بالله الكذب من الأمور المحرمة ، بل قال بعض العلماء : " إنه من كبائر الذنوب ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم توعده بأنه يكتب عند الله كذابا " ، ومن أعظم الكذب ما يفعله بعض الناس اليوم : يأتي بالمقالة كاذبا ، يعلم أنها كذب لكن من أجل أن يضحك الناس ، وقد جاء في الحديث الوعيد على هذا : ( ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم ، ويل له ، ثم ويل له ) : وهذا وعيد على أمر سَهُل عند كثير من الناس ، فالكذب كله حرام كله يهدي إلى الفجور ولا يستثنى منه شيء .
ورد في الحديث أنه يستثنى من ذلك ثلاثة أشياء : في الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث المرأة زوجها وحديثه إياها ، ولكن بعض أهل العلم قال : إن المراد بالكذب في هذا الحديث التورية وليس الكذب الصريح ، قال : والتورية قد تسمى كذبا كما في حديث إبراهيم أن النبي عليه الصلاة والسلام : ( أنه كذب ثلاث كذبات ) وهو لم يكذب ، وإنما ورى تورية هو فيها صادق ، وسواء كان هذا أو هذا فإن الكذب لا يجوز إلا في هذه الثلاث على رأي كثير من أهل العلم ، وبعض العلماء يقول : الكذب لا يجوز مطلقا لا مزحا ولا جدا ، ولا إذا تضمن أكل مال أو لا ، وأشد شيء من الكذب أن يكذب ويحلف ليأكل أموال الناس بالباطل ، مثل أن يُدعى عليه بحق عليه ثابت فينكر ، ويقول : والله ما لك علي حق ، أو يدعي ما ليس له فيقول : لي عندك كذا وكذا وهو كاذب ، فهذا إذا حلف على دعواه وكذب فإن ذلك هو اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ، ثم تغمسه في النار ، والعياذ بالله ، وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( مَن حلف على يمين هو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ) . فالحاصل أن الكذب حرام ولا يجوز للإنسان أن يكذب لا هازلا ولا جادا ، إلا في المسائل الثلاثة على خلاف بين العلماء في المعنى الوارد فيها ، والله أعلم .