تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصة هرقل ... والعفاف والصلة ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله مِن حديث أبي سفيان صخر بن حرب في قصة اجتماعه بهرقل ملك الروم ، عظيم الروم أنه : ( سأله ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم به ؟ فقال : إنه يأمرنا بعبادة الله وحده لا شريك له ، وأن نترك ما يقول آباؤنا ، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة ) : وسبق الكلام على الجمل الثلاث الأولى ، أما العفاف فهي العفة ، والعفة نوعان : عفة عن شهوة الفرج ، وعفة عن شهوة البطن ، أما العفة الأولى فهي : أن يبتعد الإنسان عما حرم الله عليه من الزنا ووسائله وذرائعه ، لأن الله عز وجل يقول : (( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً )) ، وأوجب على الزاني أن يُجلد مئة جلدة ويطرد عن البلد سنة كاملة إن كان لم يتزوج من قبل ، أما إذا كان قد تزوج وجامع زوجته وزنى بعد ذلك ، فإنه يرجم رجما بالحجارة حتى يموت ، كل هذا ردعا للناس عن أن يقعوا في هذه الفاحشة ، لأنها تفسد الأخلاق والأديان والأنساب وتوجب أمراضا عظيمة ظهرت آثارها في هذا الزمن لما كثرت فاحشة الزنا والعياذ بالله .
هذا العفاف عن الزنا منع الله عز وجل كل ما يوصل إليه ويكون ذريعة له ، فمنع المرأة أن تخرج متبرجة فقال : (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )) : فأفضل مكان للمرأة أن تبقى في بيتها ، وألا تخرج إلا إذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى ذلك ، فلتخرج كما أمرها النبي عليه الصلاة والسلام : تَفِلَة : أي غير متطيبة ولا متبرجة .
كذلك أمر باحتجاب المرأة ، إذا خرجت أن تحتجب عن كل رجل ليس من محارمها ، والحجاب الشرعي هو أن تغطي المرأة جميع ما يكون النظر إليه ذريعة إلى الفاحشة ، وأهمه الوجه ، فإن الوجه يجب حجبه عن الرجال الأجانب أكثر مما يجب حجب الرأس ، وحجب الذراع ، وحجب القدم ، ولا عبرة بقول من يقول : إنه يجوز كشف الوجه ، لأن قوله هذا فيه شيء من التناقض كيف يجوز أن تكشف المرأة وجهها ويجب عليها عند هذا الرجل أو عند هذا القائل أن تستر قدميها ، أيما أعظم فتنة وأيما أقرب إلى الزنا : أن تكشف المرأة وجهها أو أن تكشف قدميها ؟! كل إنسان عاقل يفهم ما يقول ، يقول : إن أقرب إلى الزنا والفتنة أن تكشف عن وجهها .
ومن ذلك أيضا ألا تخرج المرأة متطيبة ، فإن خرجت متطيبة فقد أتت بوسيلة الفتنة منها وبها ، يفتتن الناس بها وهي أيضا تفتتن حيث تمشي في الأسواق وهي متطيبة نسأل الله العافية ، ولا يجوز لأحد أن يمكن أهله من ذلك أبدا ، وعليه أن يتفقدهم سواء كانت زوجة أو البنت أو الأخت أو الأم أو غير ذلك ، لا يجوز لأحد أن يمكن أهله من الخروج على غير الوجه الشرعي .
أما النوع الثاني من العفاف : فهو العفاف عن شهوة البطن أي : عما في أيدي الناس ، كما قال الله تعالى : (( يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ )) : يعني من التعفف عن سؤال الناس ، بحيث لا يسألُ الإنسان أحدا شيئا ، لأن السؤال مذلة ، والسائل يده دنيا سفلى ، والمعطي يده عليا ، فلا يجوز أن تسأل أحدا إلا ما لابد منه ، كما لو كان الإنسان مضطرا أو محتاجا حاجة شبه ضرورة فحينئذ لا بأس أن يسأل ، أما بدون حاجة ملحة أو ضرورة فإن السؤال محرم ، وقد وردت أحاديث في التحذير منه حتى أخبر النبي عليه الصلاة والسلام : ( أن الرجل يأتي يوم القيامة وما في وجهه مُزعة لحم ) ، والعياذ بالله قد ظهر منه العظم أمام الناس في هذا المقام العظيم المشهود .
ثم : ( إن الصحابة رضي الله عنهم بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على ألا يسألوا الناس شيئا ) : حتى كان سوط أحدهم من على راحلته ولا يقول لأحد : ناولني السوط بل ينزل ويأخذه السوط ، والإنسان الذي أكرمه الله تعالى بالغنى والتعفف لا يعرف قدر السؤال إلا إذا ذلَّ أمام المخلوق ، كيف تمد يدك على مخلوق أعطني وأنت مثله : ( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ) .
أما الرابع : فقال : ( والصلة ) بل هو الخامس : الصلة ، الصلة أن تصل ما أمر الله به أن يوصل من الأقارب الأدنى فالأدنى ، وأعلاهم الوالدان ، فإن صلة الوالدين بر ، بر وصلة ، والأقارب لهم من الصلة بقدر ما عندهم من القرب ، الأقارب لهم من الصلة بقدر ما عندهم من القرب ، فأخوك أوكد صلة من عمك ، وعمك أشد صلة من عم أبيك ، وعلى هذا فقس ، الأدنى فالأدنى ، والصلة جاءت في القرآن والسنة غير مقيدة ، وكل ما جاء في القرآن والسنة غير مقيد فإنه يحمل على العرف ، فما جرى العُرف بأنه صلة فهو صلة ، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان والأماكن ، مثلا : إذا كان قريبك مستغنيا عنك ، وصحيح البدن ، وتسمع عنه أنه لا يحتاج لشيء ، فهذا صلته لو تمددت يعني لو مثلا : وصلته بعد الشهر أو الشهر والنصف أو ما أشبه ذلك فإن هذه صلة في عرفنا ، وذلك لأن الناس والحمد لله قد استغنى بعضهم عن بعض وكل واحد منهم لا يشرح على الآخر ، لكن لو كان هذا الرجل قريبا جدا كأب وأم وأخ وعم فإنه يحتاج إلى صلة أكثر ، وكذلك لو كان فقيرا فإنه يحتاج إلى صلة أكثر ، وكذلك لو مرض فإنه يحتاج إلى صلة أكثر ، وهكذا .
المهم أن الصلة لما جاءت في القرآن والسنة غير مقيدة فإنه يتبع في ذلك العُرف ، ويختلف هذا باختلاف الأمور التي ذكرنا : القرب ، وحال الشخص ، والزمان ، والمكان ، فما جرت العادة بأنه صلة فهو صلة ، وما جرت العادة بأنه قطيعة فهو قطعية ، وقد وردت النصوص الكثيرة في فضل صلة الرحم والتحذير من قطيعتها ، والله الموفق .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله مِن حديث أبي سفيان صخر بن حرب في قصة اجتماعه بهرقل ملك الروم ، عظيم الروم أنه : ( سأله ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم به ؟ فقال : إنه يأمرنا بعبادة الله وحده لا شريك له ، وأن نترك ما يقول آباؤنا ، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة ) : وسبق الكلام على الجمل الثلاث الأولى ، أما العفاف فهي العفة ، والعفة نوعان : عفة عن شهوة الفرج ، وعفة عن شهوة البطن ، أما العفة الأولى فهي : أن يبتعد الإنسان عما حرم الله عليه من الزنا ووسائله وذرائعه ، لأن الله عز وجل يقول : (( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً )) ، وأوجب على الزاني أن يُجلد مئة جلدة ويطرد عن البلد سنة كاملة إن كان لم يتزوج من قبل ، أما إذا كان قد تزوج وجامع زوجته وزنى بعد ذلك ، فإنه يرجم رجما بالحجارة حتى يموت ، كل هذا ردعا للناس عن أن يقعوا في هذه الفاحشة ، لأنها تفسد الأخلاق والأديان والأنساب وتوجب أمراضا عظيمة ظهرت آثارها في هذا الزمن لما كثرت فاحشة الزنا والعياذ بالله .
هذا العفاف عن الزنا منع الله عز وجل كل ما يوصل إليه ويكون ذريعة له ، فمنع المرأة أن تخرج متبرجة فقال : (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )) : فأفضل مكان للمرأة أن تبقى في بيتها ، وألا تخرج إلا إذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى ذلك ، فلتخرج كما أمرها النبي عليه الصلاة والسلام : تَفِلَة : أي غير متطيبة ولا متبرجة .
كذلك أمر باحتجاب المرأة ، إذا خرجت أن تحتجب عن كل رجل ليس من محارمها ، والحجاب الشرعي هو أن تغطي المرأة جميع ما يكون النظر إليه ذريعة إلى الفاحشة ، وأهمه الوجه ، فإن الوجه يجب حجبه عن الرجال الأجانب أكثر مما يجب حجب الرأس ، وحجب الذراع ، وحجب القدم ، ولا عبرة بقول من يقول : إنه يجوز كشف الوجه ، لأن قوله هذا فيه شيء من التناقض كيف يجوز أن تكشف المرأة وجهها ويجب عليها عند هذا الرجل أو عند هذا القائل أن تستر قدميها ، أيما أعظم فتنة وأيما أقرب إلى الزنا : أن تكشف المرأة وجهها أو أن تكشف قدميها ؟! كل إنسان عاقل يفهم ما يقول ، يقول : إن أقرب إلى الزنا والفتنة أن تكشف عن وجهها .
ومن ذلك أيضا ألا تخرج المرأة متطيبة ، فإن خرجت متطيبة فقد أتت بوسيلة الفتنة منها وبها ، يفتتن الناس بها وهي أيضا تفتتن حيث تمشي في الأسواق وهي متطيبة نسأل الله العافية ، ولا يجوز لأحد أن يمكن أهله من ذلك أبدا ، وعليه أن يتفقدهم سواء كانت زوجة أو البنت أو الأخت أو الأم أو غير ذلك ، لا يجوز لأحد أن يمكن أهله من الخروج على غير الوجه الشرعي .
أما النوع الثاني من العفاف : فهو العفاف عن شهوة البطن أي : عما في أيدي الناس ، كما قال الله تعالى : (( يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ )) : يعني من التعفف عن سؤال الناس ، بحيث لا يسألُ الإنسان أحدا شيئا ، لأن السؤال مذلة ، والسائل يده دنيا سفلى ، والمعطي يده عليا ، فلا يجوز أن تسأل أحدا إلا ما لابد منه ، كما لو كان الإنسان مضطرا أو محتاجا حاجة شبه ضرورة فحينئذ لا بأس أن يسأل ، أما بدون حاجة ملحة أو ضرورة فإن السؤال محرم ، وقد وردت أحاديث في التحذير منه حتى أخبر النبي عليه الصلاة والسلام : ( أن الرجل يأتي يوم القيامة وما في وجهه مُزعة لحم ) ، والعياذ بالله قد ظهر منه العظم أمام الناس في هذا المقام العظيم المشهود .
ثم : ( إن الصحابة رضي الله عنهم بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على ألا يسألوا الناس شيئا ) : حتى كان سوط أحدهم من على راحلته ولا يقول لأحد : ناولني السوط بل ينزل ويأخذه السوط ، والإنسان الذي أكرمه الله تعالى بالغنى والتعفف لا يعرف قدر السؤال إلا إذا ذلَّ أمام المخلوق ، كيف تمد يدك على مخلوق أعطني وأنت مثله : ( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ) .
أما الرابع : فقال : ( والصلة ) بل هو الخامس : الصلة ، الصلة أن تصل ما أمر الله به أن يوصل من الأقارب الأدنى فالأدنى ، وأعلاهم الوالدان ، فإن صلة الوالدين بر ، بر وصلة ، والأقارب لهم من الصلة بقدر ما عندهم من القرب ، الأقارب لهم من الصلة بقدر ما عندهم من القرب ، فأخوك أوكد صلة من عمك ، وعمك أشد صلة من عم أبيك ، وعلى هذا فقس ، الأدنى فالأدنى ، والصلة جاءت في القرآن والسنة غير مقيدة ، وكل ما جاء في القرآن والسنة غير مقيد فإنه يحمل على العرف ، فما جرى العُرف بأنه صلة فهو صلة ، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان والأماكن ، مثلا : إذا كان قريبك مستغنيا عنك ، وصحيح البدن ، وتسمع عنه أنه لا يحتاج لشيء ، فهذا صلته لو تمددت يعني لو مثلا : وصلته بعد الشهر أو الشهر والنصف أو ما أشبه ذلك فإن هذه صلة في عرفنا ، وذلك لأن الناس والحمد لله قد استغنى بعضهم عن بعض وكل واحد منهم لا يشرح على الآخر ، لكن لو كان هذا الرجل قريبا جدا كأب وأم وأخ وعم فإنه يحتاج إلى صلة أكثر ، وكذلك لو كان فقيرا فإنه يحتاج إلى صلة أكثر ، وكذلك لو مرض فإنه يحتاج إلى صلة أكثر ، وهكذا .
المهم أن الصلة لما جاءت في القرآن والسنة غير مقيدة فإنه يتبع في ذلك العُرف ، ويختلف هذا باختلاف الأمور التي ذكرنا : القرب ، وحال الشخص ، والزمان ، والمكان ، فما جرت العادة بأنه صلة فهو صلة ، وما جرت العادة بأنه قطيعة فهو قطعية ، وقد وردت النصوص الكثيرة في فضل صلة الرحم والتحذير من قطيعتها ، والله الموفق .