شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وأن محمدا رسول الله ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
في سياق حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقصة جبريل حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإيمان ، عن الإسلام والإيمان والإحسان قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) سبق الكلام على قوله : ( تشهد أن لا إله إلا الله ) ، أما قوله : ( وأن محمدا رسول الله ) : فإنه يجب أن تشهد بلسانك ، مقرا بقلبك أن محمدا رسول الله ، أرسله الله إلى العالمين جميعا ، رحمة بالعالمين كما قال تعالى : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) .
وأن تؤمن بأنه خاتم النبيين كما قال الله تعالى : (( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) ، فلا نبي بعده ، ومن ادعى النبوة بعده فهو كافر كاذب ، ومن صدقه فهو كافر ، ويلزم مِن هذه الشهادة أن تتبعه في شريعته ، وفي سنته ، وألا تبتدع في دينه ما ليس منه ، ولهذا نقول : إن أصحاب البدع الذين يبتدعون في شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم ما ليس منها ، إنهم لم يحققوا شهادة أن محمدا رسول الله ، حتى وإن قالوا : نحن نحبه نحن نعظمه ، فإنهم لو أحبوه تمام المحبة وعظموه تمام التعظيم ما تقدموا بين يديه ، ولا أدخلوا في شريعته ما ليس منها ، فالبدعة مضمونها حقيقة القدح في رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، مضمون البدعة القدح بالرسول صلى الله عليه وسلم ، كأنما يقول هذا المبتدع : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكمل الدين ولا الشريعة ، لأن هناك دين وشريعة ما جاء بها ، ثم فيها أيضا في البدعة محذور آخر عظيم جدا ، وهو : أنه يتضمن تكذيب قول الله تعالى : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )) ، لأن الله إذا كان أكمل الدين فمعناه أنه لا دين بعد ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهؤلاء المبتدعون شرعوا في دين الله ما ليس منه ، من تسبيحات وتهليلات وحركات وغير ذلك ، فهم في الحقيقة مكذبون لمضمون قوله تعالى : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )) .
وكذلك قادحون برسول الله صلى الله عليه وسلم ، متهمون إياه بأنه لم يكمل الشريعة للبشر ، وحاشاه من ذلك .
من تمام شهادة أن محمدا رسول الله أن تصدقه فيما أخبر به ، تصدقه فيما أخبر به ، كل ما صح عنه وجب عليك أن تصدق به ، وألا تعارض هذا بعقلك وتقديراتك وتصوراتك ، لأنك لو لم تؤمن إلا بما صدق به عقلُك لم تكن مؤمنا حقيقة ، بل متبعا لهواك لا آخذا بهداك ، الإنسان الذي يؤمن بالرسول عليه الصلاة والسلام حقا يقول فيما صح عنه مِن الأخبار : سمعنا وآمنا وصدقنا ، أما أن يقول : كيف يكون كذا كيف يكون كذا ؟ فهذا غير مؤمن ، غير مؤمن حقيقة ، ولذلك يخشى على أولئك القوم الذين يحكمون عقولهم فيما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنهم إذا كانوا لا يقبلون إلا ما شهدت به عقولهم ، وعقولهم بلا شك قاصرة ، فإنهم لم يؤمنوا حقا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يشهدوا أنه رسول الله على وجه الحقيقة ، عندهم من ضعف هذه الشهادة بمقدار ما عندهم من التشكك فيما أخبر به .
كذلك من تحقيق شهادة أنَّ محمدا رسول الله : ألا تغلو فيه فتنزله بمنزلة أكبر من المنزلة التي أنزله الله إياها ، مثل : أولئك الذين يعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يكشف الضر ، حتى إنهم عند قبره يسألون النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة أن يكشف الضر عنهم ، وأن يجلب النفع لهم ، هذا غلو في الرسول وشرك بالله عز وجل ، لا يقدر أحد على ذلك إلا الله سبحانه وتعالى ، والنبي عليه الصلاة والسلام بعد موته لا يملك لأحد شيئا أبدا ، حتى الصحابة رضي الله عنهم لما أصابهم القحط في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، واستسقوا في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام ، ما جاؤوا إلى القبر يسألون الرسول أو يقولون : ادع الله لنا أو اشفع لنا عند الله ينزل الغيث ، لا ، قال عمر يدعو الله : ( اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإننا نتوسل إليك بعم نبينا ، ثم أمر العباس أن يقوم ويدعو الله تعالى بإنزال الغيث ) لماذا ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ميت ، ما له عمل بعد موته ، هو الذي قال : ( إذا مات ابن آدم أو الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) ، فالنبي عليه الصلاة والسلام بنفسه لا يملك شيئا ، لا يملك أن يدعو لك وهو في قبره أبدا ، فمن أنزله فوق منزلته التي أنزله الله فإنه لم يحقق شهادة أن محمدا رسول الله ، بل شهد أن محمدا رب مع الله ، نعوذ بالله ، لأن معنى كونه رسولا أنه عَبد لا يعبد ، ورسول لا يكذب ، نحن في صلاتنا كل يوم نقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، عبد : عبد كغيره من العباد ، مربوب ، والله تعالى هو المعبود عز وجل وهو الرب . فإذًا نقول لهؤلاء الذين نجدهم يغلون برسول الله صلى الله عليه وسلم وينزلونه فوق منزلته التي أنزله الله ، نقول لهم : إنكم لم تحققوا لا شهادة أن لا إله إلا الله ولا شهادة أن محمدا رسول الله .
فالمهم أن هاتين الشهادتين عليهما مدار عظيم ، عليهما كل الإسلام ، كل الإسلام يدور عليهما ، لذلك لو أراد الإنسان أن يتكلم على ما يتعلق بهما منطوقا ومفهوما ومضمونا وإشارة لاستغرق أياما ، ولكن نحن أشرنا إشارة إلى ما يتعلق بهما ، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يحققهما عقيدة وقولا وفعلا ، اللهم صل على محمد .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق حديث عمر : " ( وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) " .
في سياق حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقصة جبريل حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإيمان ، عن الإسلام والإيمان والإحسان قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) سبق الكلام على قوله : ( تشهد أن لا إله إلا الله ) ، أما قوله : ( وأن محمدا رسول الله ) : فإنه يجب أن تشهد بلسانك ، مقرا بقلبك أن محمدا رسول الله ، أرسله الله إلى العالمين جميعا ، رحمة بالعالمين كما قال تعالى : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) .
وأن تؤمن بأنه خاتم النبيين كما قال الله تعالى : (( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )) ، فلا نبي بعده ، ومن ادعى النبوة بعده فهو كافر كاذب ، ومن صدقه فهو كافر ، ويلزم مِن هذه الشهادة أن تتبعه في شريعته ، وفي سنته ، وألا تبتدع في دينه ما ليس منه ، ولهذا نقول : إن أصحاب البدع الذين يبتدعون في شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم ما ليس منها ، إنهم لم يحققوا شهادة أن محمدا رسول الله ، حتى وإن قالوا : نحن نحبه نحن نعظمه ، فإنهم لو أحبوه تمام المحبة وعظموه تمام التعظيم ما تقدموا بين يديه ، ولا أدخلوا في شريعته ما ليس منها ، فالبدعة مضمونها حقيقة القدح في رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، مضمون البدعة القدح بالرسول صلى الله عليه وسلم ، كأنما يقول هذا المبتدع : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكمل الدين ولا الشريعة ، لأن هناك دين وشريعة ما جاء بها ، ثم فيها أيضا في البدعة محذور آخر عظيم جدا ، وهو : أنه يتضمن تكذيب قول الله تعالى : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )) ، لأن الله إذا كان أكمل الدين فمعناه أنه لا دين بعد ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهؤلاء المبتدعون شرعوا في دين الله ما ليس منه ، من تسبيحات وتهليلات وحركات وغير ذلك ، فهم في الحقيقة مكذبون لمضمون قوله تعالى : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )) .
وكذلك قادحون برسول الله صلى الله عليه وسلم ، متهمون إياه بأنه لم يكمل الشريعة للبشر ، وحاشاه من ذلك .
من تمام شهادة أن محمدا رسول الله أن تصدقه فيما أخبر به ، تصدقه فيما أخبر به ، كل ما صح عنه وجب عليك أن تصدق به ، وألا تعارض هذا بعقلك وتقديراتك وتصوراتك ، لأنك لو لم تؤمن إلا بما صدق به عقلُك لم تكن مؤمنا حقيقة ، بل متبعا لهواك لا آخذا بهداك ، الإنسان الذي يؤمن بالرسول عليه الصلاة والسلام حقا يقول فيما صح عنه مِن الأخبار : سمعنا وآمنا وصدقنا ، أما أن يقول : كيف يكون كذا كيف يكون كذا ؟ فهذا غير مؤمن ، غير مؤمن حقيقة ، ولذلك يخشى على أولئك القوم الذين يحكمون عقولهم فيما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنهم إذا كانوا لا يقبلون إلا ما شهدت به عقولهم ، وعقولهم بلا شك قاصرة ، فإنهم لم يؤمنوا حقا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يشهدوا أنه رسول الله على وجه الحقيقة ، عندهم من ضعف هذه الشهادة بمقدار ما عندهم من التشكك فيما أخبر به .
كذلك من تحقيق شهادة أنَّ محمدا رسول الله : ألا تغلو فيه فتنزله بمنزلة أكبر من المنزلة التي أنزله الله إياها ، مثل : أولئك الذين يعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يكشف الضر ، حتى إنهم عند قبره يسألون النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة أن يكشف الضر عنهم ، وأن يجلب النفع لهم ، هذا غلو في الرسول وشرك بالله عز وجل ، لا يقدر أحد على ذلك إلا الله سبحانه وتعالى ، والنبي عليه الصلاة والسلام بعد موته لا يملك لأحد شيئا أبدا ، حتى الصحابة رضي الله عنهم لما أصابهم القحط في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، واستسقوا في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام ، ما جاؤوا إلى القبر يسألون الرسول أو يقولون : ادع الله لنا أو اشفع لنا عند الله ينزل الغيث ، لا ، قال عمر يدعو الله : ( اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإننا نتوسل إليك بعم نبينا ، ثم أمر العباس أن يقوم ويدعو الله تعالى بإنزال الغيث ) لماذا ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ميت ، ما له عمل بعد موته ، هو الذي قال : ( إذا مات ابن آدم أو الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) ، فالنبي عليه الصلاة والسلام بنفسه لا يملك شيئا ، لا يملك أن يدعو لك وهو في قبره أبدا ، فمن أنزله فوق منزلته التي أنزله الله فإنه لم يحقق شهادة أن محمدا رسول الله ، بل شهد أن محمدا رب مع الله ، نعوذ بالله ، لأن معنى كونه رسولا أنه عَبد لا يعبد ، ورسول لا يكذب ، نحن في صلاتنا كل يوم نقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، عبد : عبد كغيره من العباد ، مربوب ، والله تعالى هو المعبود عز وجل وهو الرب . فإذًا نقول لهؤلاء الذين نجدهم يغلون برسول الله صلى الله عليه وسلم وينزلونه فوق منزلته التي أنزله الله ، نقول لهم : إنكم لم تحققوا لا شهادة أن لا إله إلا الله ولا شهادة أن محمدا رسول الله .
فالمهم أن هاتين الشهادتين عليهما مدار عظيم ، عليهما كل الإسلام ، كل الإسلام يدور عليهما ، لذلك لو أراد الإنسان أن يتكلم على ما يتعلق بهما منطوقا ومفهوما ومضمونا وإشارة لاستغرق أياما ، ولكن نحن أشرنا إشارة إلى ما يتعلق بهما ، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يحققهما عقيدة وقولا وفعلا ، اللهم صل على محمد .
القارئ : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق حديث عمر : " ( وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) " .