تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتقيم الصلاة ... " . وفيه ذكر شروط الصلاة من الطهارة و قضاء الحاجة . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
سبق لنا أن من أركان الإسلام إقامة الصلاة ، وسبق لنا الكلام على أن من أهم إقامتها المحافظة عليها في الوقت ، وكذلك الطهارة ، وبينا أن الطهارة تكون من الحدث الأصغر ومن الحدث الأكبر ، وتكون بالماء وهو الأصل ، وتكون بالتراب وهو بدل ، فيتطهر الإنسان بالتيمم إذا عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله ، وطهارة التيمم تقوم مقام طهارة الماء ، ولا تنتقض إلا بما تنتقض به طهارة الماء ، أو بزوال العذر المبيح للتيمم ، فمن تيمم لعدم وجود الماء ثم وجده فإنه لابد أن يتطهر بالماء ، لأن الله تعالى إنما جعل التراب طهارة إذا عُدِم الماء .
وفي الحديث الذي أخرجه أهل السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الصعيد الطيب وَضوء المسلم أو قال : طَهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجده فليتق الله وليمسه بشرته ) ، وفي * صحيح البخاري * في حديث عمران بن حصين الطويل في قصة : ( الرجل الذي اعتزل فلم يصل مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأله قال : ما منعك أن تصلي معنا ؟ قال : أصابتني جنابة ولا ماء ، فقال : عليك بالصعيد فإنه يكفيك ثم حضر الماء فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل ماء ، وقال : أفرغه على نفسك ) : يعني اغتسل به ، فدل هذا على أنه إذا وجد الماء بطل التيمم وهذا ولله الحمد قاعدة حتى عند العامة ، يقولون : " إذا حضر الماء بطل التيمم " ، أما إذا لم يحضر الماء ولم يزل العذر فإنه يقوم مقام طهارة الماء ، ولا يبطل بخروج الوقت ، فلو تيمم الإنسان وهو مسافر وليس عنده ماء ، لو تيمم لصلاة الظهر وبقي لم يحدث إلى العشاء فإنه لا يلزمه إعادة التيمم ، لأن التيمم لا يبطل بخروج الوقت ، فإنه طهارة شرعية كما قال الله تعالى في القرآن الكريم : (( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ْ)) : فبين الله أن طهارة التيمم طهارة ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( جُعلت لي الأرض مسجدا وطَهورا ) : طَهورا بفتح الطاء أي : أنها تطهر ، ( فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ) ، وفي حديث آخر : ( فعنده مسجده وطَهوره ) يعني : فليتطهر وليصلي ، هذا من الأشياء المهمة في إقامة الصلاة ، المحافظة على الطهارة .
واعلم أن من المحافظة على الطهارة إزالة النجاسة من ثوبك وبدنك ومصلاك الذي تصلي عليه ، فلابد مِن الطهارة في هذه المواضع الثلاث : البدن والثوب والمصلى ، ودليل هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء اللاتي يصلين في ثيابهن وهن حِضن بهذه الثياب : أن تُزيل المرأة الدم الذي أصابها من الحيض من ثوبها ، تحكه بظفرها ، ثم تقرصه بأنملتيها الإبهام والسبابة ، ثم تغسله .
( ولما صلى ذات يوم بأصحابه وعليه نعاله خلع نعليه ، فخلع الناس نعالهم ، فلما سلم سألهم لماذا خلعوا نعالهم ؟ قالوا : رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا فقال : إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قَذَرًا ) : فدل هذا على أنه لابد من اجتناب النجاسة في الملبوس .
أما المكان فإن دليل ذلك : ( أن أعرابيا جاء فبال في طائفة المسجد ) : أي في طرف منه ، مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه أعرابي بدوي والأعراب في الغالب عليهم الجهل ، فصاح به الناس ، زجروه ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بحكمته نهاهم : ( اتركوه فلما قضى ، بوله دعاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى أو القذر إنما هي للصلاة والتسبيح وقراءة القرآن ) ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، فقال الأعرابي : ( اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ) لأن الصحابة زجروه ، وأما النبي عليه الصلاة والسلام كلمه بلطف ، فظن أن الرحمة ضيقة لا تتسع للجميع ، قال : ( اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ) ، ويُذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له : ( لقد تحجَّرت واسعا يا أخا العرب ) ، ( لقد تحجَّرت واسعا يا أخا العرب ) ، ( وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على البول ذَنوبٌ من الماء ) يعني مثل الدلو لتطهر الأرض .
وأما طهارة البدن فقد ثبت في * الصحيحين * من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبرين فقال : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول ، أو لا يستنزه من البول ، أو لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ) : بين الناس والعياذ بالله ، فدل هذا على أنه لا بد من التنزه من البول ، وهكذا بقية النجاسات ، ولكن لو فرض أن الإنسان في البر وتنجس ثوبه وليس معه ما يغسله به ، فهل يتيمم من أجل صلاته في هذا الثوب ؟ لا ، لا يتيمم ، وكذلك لو أصابت بدنه نجاسة رجله أو يده أو ساقه أو ذراعه ، أصابه نجاسة وهو في البر وليس عنده ماء يغسله وأراد أن يصلي فهل يتيمم ؟ لا ، لا يتيمم ، لأن التيمم إنما هو في طهارة الحدث فقط ، أما النجاسة فلا يتيمم لها لأن النجاسة عين قذرة ، تطهيرها بإزالتها إن أمكن فذاك ، وإن لم يمكن تبقى حتى يمكن إزالتها ، والله أعلم .
سبق لنا أن من أركان الإسلام إقامة الصلاة ، وسبق لنا الكلام على أن من أهم إقامتها المحافظة عليها في الوقت ، وكذلك الطهارة ، وبينا أن الطهارة تكون من الحدث الأصغر ومن الحدث الأكبر ، وتكون بالماء وهو الأصل ، وتكون بالتراب وهو بدل ، فيتطهر الإنسان بالتيمم إذا عدم الماء أو خاف الضرر باستعماله ، وطهارة التيمم تقوم مقام طهارة الماء ، ولا تنتقض إلا بما تنتقض به طهارة الماء ، أو بزوال العذر المبيح للتيمم ، فمن تيمم لعدم وجود الماء ثم وجده فإنه لابد أن يتطهر بالماء ، لأن الله تعالى إنما جعل التراب طهارة إذا عُدِم الماء .
وفي الحديث الذي أخرجه أهل السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الصعيد الطيب وَضوء المسلم أو قال : طَهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجده فليتق الله وليمسه بشرته ) ، وفي * صحيح البخاري * في حديث عمران بن حصين الطويل في قصة : ( الرجل الذي اعتزل فلم يصل مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأله قال : ما منعك أن تصلي معنا ؟ قال : أصابتني جنابة ولا ماء ، فقال : عليك بالصعيد فإنه يكفيك ثم حضر الماء فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل ماء ، وقال : أفرغه على نفسك ) : يعني اغتسل به ، فدل هذا على أنه إذا وجد الماء بطل التيمم وهذا ولله الحمد قاعدة حتى عند العامة ، يقولون : " إذا حضر الماء بطل التيمم " ، أما إذا لم يحضر الماء ولم يزل العذر فإنه يقوم مقام طهارة الماء ، ولا يبطل بخروج الوقت ، فلو تيمم الإنسان وهو مسافر وليس عنده ماء ، لو تيمم لصلاة الظهر وبقي لم يحدث إلى العشاء فإنه لا يلزمه إعادة التيمم ، لأن التيمم لا يبطل بخروج الوقت ، فإنه طهارة شرعية كما قال الله تعالى في القرآن الكريم : (( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ْ)) : فبين الله أن طهارة التيمم طهارة ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( جُعلت لي الأرض مسجدا وطَهورا ) : طَهورا بفتح الطاء أي : أنها تطهر ، ( فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ) ، وفي حديث آخر : ( فعنده مسجده وطَهوره ) يعني : فليتطهر وليصلي ، هذا من الأشياء المهمة في إقامة الصلاة ، المحافظة على الطهارة .
واعلم أن من المحافظة على الطهارة إزالة النجاسة من ثوبك وبدنك ومصلاك الذي تصلي عليه ، فلابد مِن الطهارة في هذه المواضع الثلاث : البدن والثوب والمصلى ، ودليل هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء اللاتي يصلين في ثيابهن وهن حِضن بهذه الثياب : أن تُزيل المرأة الدم الذي أصابها من الحيض من ثوبها ، تحكه بظفرها ، ثم تقرصه بأنملتيها الإبهام والسبابة ، ثم تغسله .
( ولما صلى ذات يوم بأصحابه وعليه نعاله خلع نعليه ، فخلع الناس نعالهم ، فلما سلم سألهم لماذا خلعوا نعالهم ؟ قالوا : رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا فقال : إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قَذَرًا ) : فدل هذا على أنه لابد من اجتناب النجاسة في الملبوس .
أما المكان فإن دليل ذلك : ( أن أعرابيا جاء فبال في طائفة المسجد ) : أي في طرف منه ، مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه أعرابي بدوي والأعراب في الغالب عليهم الجهل ، فصاح به الناس ، زجروه ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بحكمته نهاهم : ( اتركوه فلما قضى ، بوله دعاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى أو القذر إنما هي للصلاة والتسبيح وقراءة القرآن ) ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، فقال الأعرابي : ( اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ) لأن الصحابة زجروه ، وأما النبي عليه الصلاة والسلام كلمه بلطف ، فظن أن الرحمة ضيقة لا تتسع للجميع ، قال : ( اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ) ، ويُذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له : ( لقد تحجَّرت واسعا يا أخا العرب ) ، ( لقد تحجَّرت واسعا يا أخا العرب ) ، ( وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على البول ذَنوبٌ من الماء ) يعني مثل الدلو لتطهر الأرض .
وأما طهارة البدن فقد ثبت في * الصحيحين * من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقبرين فقال : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول ، أو لا يستنزه من البول ، أو لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ) : بين الناس والعياذ بالله ، فدل هذا على أنه لا بد من التنزه من البول ، وهكذا بقية النجاسات ، ولكن لو فرض أن الإنسان في البر وتنجس ثوبه وليس معه ما يغسله به ، فهل يتيمم من أجل صلاته في هذا الثوب ؟ لا ، لا يتيمم ، وكذلك لو أصابت بدنه نجاسة رجله أو يده أو ساقه أو ذراعه ، أصابه نجاسة وهو في البر وليس عنده ماء يغسله وأراد أن يصلي فهل يتيمم ؟ لا ، لا يتيمم ، لأن التيمم إنما هو في طهارة الحدث فقط ، أما النجاسة فلا يتيمم لها لأن النجاسة عين قذرة ، تطهيرها بإزالتها إن أمكن فذاك ، وإن لم يمكن تبقى حتى يمكن إزالتها ، والله أعلم .