تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتؤتي الزكاة ... " . وفيه ذكر الأموال الزكوية . حفظ
الشيخ : ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
فقد سبق لنا شيء من الكلام على الركن الثالث من أركان الإسلام الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم في رده على جبريل حين سأله عن الإسلام فسبق لنا شيء من الكلام على الزكاة ووعدنا بأننا سنتكلم على الأموال الزكوية لأن الأموال ليست كلها فيها زكاة بل منها ما فيه الزكاة ومنها ما لا زكاة فيه
فالزكاة واجبة أولا في الذهب والفضة، الذهب والفضة تجب الزكاة فيهما على أي حال كانا سواء كانت نقودا كالدراهم والدنانير أو تبرا كالقطع من الذهب أو الفضة أو حليا يلبس أو يلبس ويستعار أو غير ذلك المهم أن نفس هذه المعدن وهو الذهب والفضة فيه الزكاة على كل حال لكن بشرط أن يبلغ النصاب لمدة سنة كاملة والنصاب من الذهب خمسة وثمانون جراما والنصاب من الفضة ستة وخمسون ريالا سعوديا بالفضة وهي خمسمئة وخمسة وتسعون جراما فمن عنده من الذهب أو الفضة هذا المقدار فقد ملك النصاب فإذا استمر ذلك إلى تمام السنة ففيه الزكاة وإن نقص فلا زكاة فيه يعني لو كان عنده ثمانون جراما فلا زكاة عليه أو كان عنده خمسمئة وتسعون جراما من الفضة فلا زكاة عليه
واختلف العلماء هل يكمل نصاب الذهب بالفضة أو لا يعني لو ملك نصف نصاب من الذهب ونصف نصاب من الفضة هل يكمل بعضها ببعض ونقول إنه ملك نصابا فتجب عليه الزكاة أو لا؟
والصحيح أنه لا يكمل الذهب من الفضة ولا الفضة من الذهب كل واحد مستقل بنفسه كما أنه لا يكمل البر من الشعير أو الشعير من البر فكذلك لا يكمل الذهب بالفضة ولا الفضة بالذهب فلو كان عند الإنسان نصف نصاب من الذهب ونصف نصاب من الفضة فلا زكاة عليه
ويلحق بذلك ما جرى مجرى الذهب والفضة وهي العملة النقدية من ورق أو نحاس أو غيره فإن هذه فيها الزكاة إذا بلغت نصابا بأحد النقدين أي بالذهب أو بالفضة فإن لم تبلغ فلا زكاة فمثلا إذا كان عند الإنسان ثلاثمئة من الريالات الورقية لكنها لا تبلغ نصابا من الفضة فلا زكاة عليه لأن هذه مربوطة بالفضة
وأما الجواهر الثمينة من غير الذهب والفضة مثل اللؤلؤ والمرجان والمعادن الأخرى كالماس وشبهه فهذه ليس فيها زكاة ولو كثر ما عند الإنسان منها إلا ما أعده للتجارة فما أعده للتجارة ففيه الزكاة من أي صنف كان أما ما لم يعد للتجارة فلا زكاة فيه إلا الذهب والفضة هذه واحد هذا الصنف الأول مما تجب فيه الزكاة
الصنف الثاني: بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ففيها الزكاة لكن بشرط أن تبلغ نصابا
وأقل نصاب في الإبل خمس
وأقل نصاب في البقر ثلاثون
وأقل نصاب في الغنم أربعون
والبهيمة ليست كغيرها من الأموال إذا بلغت النصاب فما زاد فبحسابه لا مرتبة ففي أربعين من الغنم شاة وفي مئة شاة أيضا حتى تبلغ مئة وإحدى وعشرين فيكون فيها شاتان فالوقص ما بين النصابين ليس فيه زكاة من أربعين إلى مئة وعشرين كله ليس فيه إلا شاة واحدة من مئة وإحدى وعشرين إلى مئتين فيه شاتان مئتين وواحدة ثلاث شياه ثلاثمئة ثلاث شياه ثلاثمئة وتسع وتسعين ثلاث شياه أربعمئة أربع شياه المهم أنها تختلف
وكذلك في الإبل في الإبل من أربع وعشرين فأقل زكاتها من الغنم على كل خمس شاة ومن خمس وعشرين فما فوق زكاتها من الإبل لكنها بأسنان مختلفة
بهيمة الأنعام يشترط لوجوب الزكاة فيها أن تبلغ النصاب وأن تكون سائمة السائمة يعني الراعية التي ترعى في البر لا تعلّف إما السنة كلها وإما أكثر السنة فإذا كان عند الإنسان أربعون شاة تسرح وترعى كل السنة ففيها زكاة تسرح وترعى ثمانية أشهر ففيها زكاة سبعة أشهر فيها زكاة ستة أشهر ترعى وستة أشهر تعلف ليس فيها زكاة خمسة أشهر ترعى وسبعة أشهر تعلف ليس فيها زكاة تعلّف كل السنة ليس فيها زكاة لأنه يشترط أن تكون سائمة إما السنة كلها أو أكثرها
والشرط الثاني أن تبلغ النصاب وقد عرفتم أول نصاب الإبل وهو خمس وأول النصاب البقر ثلاثون وأول نصاب الغنم أربعون
ولكن إذا كان الإنسان متاجرا في الغنم مثلا متاجرا ليس يبقي الغنم للتنمية والنسل ولكنه متاجر يشتري البهيمة اليوم ويبيعها غدا يطلب الربح فهذا عليه الزكاة ولو لم يكن عنده إلا واحدة إذا بلغت نصابا في الفضة لأن عروض التجارة فيها الزكاة بكل حال ونصابها مقدر بنصاب الذهب أو الفضة والغالب أن الأحض للفقراء هو الفضة في زماننا لأن الذهب غالي الثالث: من الأموال الزكوية الخارج من الأرض من حبوب وثمار مثل التمر البر الرز الشعير وما أشبهها وهذا لابد فيه من بلوغ النصاب وهو ثلاثمئة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ويعرفه الذين يأخذون الزكاة من الفلاحين يعرفونه فإذا كان عند الإنسان نخل يثمر وبلغت ثماره نصابا وجب عليه الزكاة
ويجب عليه أن يخرج من متوسط الثمر لا من الطيب فيُظلم ولا من الرديء فيَظلم وإنما يكون من الوسط وإذا باع الإنسان ثمرته فإنه يزكي من الثمن يزكي من الثمن
مقدار الزكاة في الخارج من الأرض نصف العشر أو العشر إن كان يشرب سيحا بدون مكائن أو مواطير فإن فيه العشر كاملا العشر يعني واحد من عشرة فإذا كان عنده مثلا عشرة آلاف كيلو فالواجب عليه كم ألف كيلو العشر أما إذا كان يستخرج الماء بوسيلة كالمواطير والمكائن وشبهها فإن عليه نصف العشر ففي عشرة آلاف كيلو خمسمئة فقط نعم وذلك لأن الذي يسقى بمؤونة يغرم فيه الفلاح أكثر من الذي يسقى بلا مؤونة فكان من حكمة الله عز وجل ورحمته أن خفف الزكاة على هذا الذي يسقيه بالمؤونة والتعب
أما الرابع من أصناف الزكاة فهو عروض التجارة وعروض التجارة كل ما أعده الإنسان للتجارة من عقارات وأقمشة وأواني وسيارات وغيرها ليس لها شيء معين كل ما أعددته للتجارة يعني ملكته من أجل أن تنتظر فيه الكسب فإنه عروض تجارة يجب عليك أن تزكيه ومقدار الزكاة فيه ربع العشر كالذهب والفضة الذهب والفضة وعروض التجارة مقدار الزكاة فيها ربع العشر يعني واحد في الأربعين في المئة اثنان ونصف وإذا كان لديك مال وأردت أن تعرف مقدار الزكاة فالمسألة يعني سهلة اقسم المال على أربعين والخارج بالقسمة هو الزكاة فإذا كان عند الإنسان أربعون ألفا من الدراهم كم تكون زكاتها اقسمها اقسم أربعين ألف على أربعين يخرج واحد إذن ألف ريال وفي مئة وعشرين ألف ثلاثة آلاف ريال وهلم جرا المهم إذا أردت استخراج الزكاة فأنت اقسم ما عندك من المال يعني الذهب والفضة وعروض التجارة على أربعين فالخارج بالقسمة هو الزكاة والله أعلم