تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتؤتي الزكاة ... " . وفيه ذكر أهل الزكاة . حفظ
الشيخ : محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
فقد تقدم الكلام على ما يسره الله من أحكام الزكاة وكنا نتحدث عن أصناف الزكاة الذين أمر الله تعالى أن تؤدى الزكاة إليهم تكلمنا على الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب وقوله تعالى (( وفي الرقاب )) ذكرنا أنها تشمل إيش ثلاثة أشياء
أما قوله (( والغارمين )) فالغارم هو الذي يكون في ذمته دين لا يستطيع وفاءه أو يكون في ذمته دين لمصلحة عامة وإن كان يستطيع وفاءه ولهذا قال العلماء إن الغرم نوعان النوع الأول الغارم لغيره والثاني الغارم لنفسه يعني الغارم لغيره هو الذي يغرم مالا لإصلاح ذات البين مثل أن يكون بين قبيلتين نزاع ومشاجرة مخاصمة معاداة بغضاء فيقوم رجل من أهل الخير فيصلح بين القبيلتين على مال يلتزم به في ذمته فهنا يكون غارما لكن ليس لنفسه بل لمصلحة عامة وهي الإصلاح بين هاتين القبيلتين قال العلماء فيعطى هذا الرجل ما يوفي به الغرم وإن كان غنيا لأن هذا ليس لنفسه هذا لمصلحة الغير فيعطى ولو كان غنيا فلو قدر أن رجلا عنده مئة ألف ريال غني فأصلح بين قبيلتين بعشرة آلاف ريال يستطيع أن يوفيها من ماله لكن نقول لا، لا يلزمه، نعطيه من الزكاة ما يدفع به هذا الغرم لأن ذلك لمصلحة الغير ولأن هذا يفتح باب الإصلاح للناس لأننا لو لم نعن هذا الرجل ونعطه ما غرم لتكاسل الناس عن الإصلاح بين الفئات المتناحرة أو المتعادية فإذا أعطيناه ما غرم صار في هذا تنشيط له
أما النوع الثاني من الغرم فهو الغارم لنفسه رجل استأجر بيتا بخمسة آلاف ريال وليس عنده ما يدفع به الإجارة ليس عنده شيء هو في نفسه في أكله وشربه ولباسه ليس محتاجا لكن يحتاج إلى وفاء الدين الذي لزمه باستئجار البيت فنعطي هذا الرجل أجرة البيت من الزكاة لأنه من الغارمين لأنه من الغارمين كذلك إنسان أصيب بجائحة اجتاحت ماله حريق أو غرق أو ما أشبه ذلك وقد لحقه في هذا دين فنعطيه ما يسدد دينه لأنه غير قادر على الوفاء هذا النوع من الغارم يشترط فيه أن يكون الغارم عاجزا عن وفاء الدين فإن كان قادرا فإنه لا يعطى
ولكن هل يجوز أن يذهب الإنسان إلى الطالب الذي له الدين ويقول له هذا الطلب الذي لك على فلان خذه وينويه من الزكاة الجواب نعم يجوز وليس بشرط أن تعطي الغارم ليعطي الدائن ماهو شرط يعني لو ذهبت إلى الدائن من أول الأمر وقلت يا فلان أن بلغني أنك تطلب فلان عشرة آلاف ريال قال نعم وثبّت هذا أقول تفضل هذه عشرة آلاف ريال ولا حاجة أن أقول للمطلوب إني أوفيت عنك لا حاجة وذلك لأن المقصود إبراء الذمة وهو حاصل سواء أخبرته أم لم تخبره
وتأمل التعبير في الآية نقرأ (( إنما الصدقات للفقراء والمساكين )) محمد المساكين وش المعطوف عليه
الطالب : ...
الشيخ : (( والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم )) كل هذه الثلاث معطوفة على قوله (( للفقراء )) باللام نعم (( للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم )) ثم قال (( وفي الرقاب )) ولم يقل وللرقاب قال في الدالة على الظرفية يعني أنك إذا صرفت الزكاة في هذه الجهات وإن لم تعط صاحبها والغارمين الغارمين معطوفة على الرقاب فهي من مدخول في يعني وفي الغارمين فلا حاجة أن تملك الغارم ليعطي الدائن ما له حاجة يكفي أن تذهب وتعطي الدائن ويبرئ المدين
ولكن لو قال قائل هل الأحسن أن أذهب إلى الدائن وأوفيه أو أن أعطي الغريم ليوفي بنفسه نقول في هذا تفصيل إذا كنت تخشى أنك لو أعطيت الغريم لم يوف أكل الدراهم وخلى الدين على ما هو عليه فهنا لا تعط الغريم من تعطي أعطي الدائن الطالب لأني لو أعطيت الغريم ذهب يشتري أشياء ما له داعي وترك الدين لأن بعض الناس لا يهتم بالدين الذي عليه فإذا علمت أن هذا الغريم لو أعطيته لأفسد المال وبقيت ذمته مشغولة فإنني لا أعطيه بل أعطي هاه الدائن طيب
أما إذا كان الرجل الغريم المطلوب صاحب عقل ودين ولا يمكن أن يرضى ببقاء ذمته مشغولة وأعلم أو يغلب على ظني كثيرا أنني إذا أعطيته سوف يذهب فورا إلى الدائن ويقضي من دينه فهنا نعطي الغريم نقول خذ هذه الدراهم أوفي بها عن نفسك لأن هذا أستر له لأنك لو ذهبت أنت لتوفي صار فيه غضاضة عليه لكن إذا أعطيته هو ليوفي هذا لاشك أستر له وأحسن ولكن يجب علينا إذا كنا نوزع زكاة أن نحذر من حيلة بعض الناس، بعض الناس يقدم لك كشف في الدين الذي عليه وتوفي ما شاء الله أن توفي وبعد سنة يقدم لك نفس الكشف ولا يخصم الذي أوفي عنه فانتبه لهذا لأن بعض الناس صار والعياذ بالله لا يهمه حلال أو حرام المهم اكتساب المال فيأتي بالقائمة الأولى التي يمكن سدد نصفها ويعرضها عليك ففي مثل هذه الحال انتبه انتبه لهذا الشيء وقد قدّم لنا من هذا النوع أشياء وذهبنا نسلّم الدائن بناء على الكشف الذي قدّم فقال الدائن إنه قد أوفاني قال الدائن إنه قد أوفاني وهذه مشكلة هذه مشكلة لكن الإنسان يتحرز يتحرز وهو إذا اتقى الله ما استطاع ثم تبين بعد أن الذي أخذ الزكاة ليس أهلا للزكاة فإن ذمته تبرأ وهذا من نعمة الله يعني لو أعطيت إنسان تظن أنه من أهل الزكاة ثم تبين أنه مو من أهل الزكاة وأنت يوم تعطيه يغلب على ظنك أنه مستحق فلا شيء عليك وزكاتك مقبولة والله الموفق