تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وتؤتي الزكاة ... " . وفيه ذكر أهل الزكاة . حفظ
الشيخ : " لأنهم قتلوا ظلما من الذي أكرههم الظلم على الذي أكرههم وإن كانوا غير صادقين بل هم مختارون طائعون فهذا ما أصابهم وهم الذين جروه على أنفسهم "
وقد قال رحمه الله في تعليل ذلك إنه لا يعلم المكره من غير المكره لأن ذلك محله القلب فالاختيار والكراهة محلها القلب فلا يعلم المكره من غيره فلو قال أنا مكره قلنا ولو كنت مكرها نحن الآن نقتلك ولو كنت مكرها دفاعا عن الحق وحسابك على الله نعم لو فرض أنه أسر وهو مسلم حقيقة فإنه لا يجوز قتله أما في ميدان القتال فإنه يقتل وقد ذكرها رحمه الله في الفتاوي أظن ذلك في كتاب الجهاد
على كل حال نحن نقول إن الذي يقاتل حفظا لماله أو حفظا لبيته أو حفظا لبلاده فإنه لا يخلو من أمرين بالنسبة لحفظ البلاد
إن كان يحافظ على البلاد لأنها بلاد إسلامية حماية لما فيها من الإسلام فهو في سبيل الله ولا شك وهو إذا قتل من الشهداء
وإن كان يحافظ عليها لأنها بلده لا يريد أن يضيع كما لا يريد أن يضيع ماله فهذا إن قتل فهو شهيد كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( وقاتله إن قتل ) المقاتل ( فهو في النار ) والعياذ بالله
وقوله تعالى (( وفي سبيل الله )) يشمل إعطاء الزكاة للمجاهدين أنفسهم وشراء الأسلحة لهم فشراء الأسلحة من الزكاة جائز من أجل الجهاد في سبيل الله قال أهل العلم ومن ذلك أن يتفرغ شخص لطلب العلم قادر على التكسب لكنه تفرغ من أجل أن يطلب العلم فإنه يعطى من الزكاة مقدار حاجته لأن طلب العلم جهاد في سبيل الله
أما من تفرغ للعبادة فلا يعطى من الزكاة بل يقال اكتسب وبهذا عرفنا شرف العلم على العبادة فلو جاءنا رجلان أحدهما ديّن طيب حبيب يقول أنا أستطيع أن أتكسب لكن أحب أن أتفرغ للعبادة للصيام والصلاة والذكر وقراءة القرآن فأعطوني من الزكاة وكفوني العمل نقول لا نعطيك اكتسب وجاء رجل آخر قال أنا أريد أن أتفرغ لطلب العلم أنا قادر على التكسب لكن إن ذهبت أن أتكسب لم أطلب العلم أعطوني ما يكفيني من أجل أن أتفرغ لطلب العلم قلنا مرحبا نعطيك ما يكفيك لطلب العلم وهذا دليل على شرف العلم وطلبه ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فقد بقي علينا من أهل الزكاة ابن السبيل وهو الصنف الثامن من أصناف أهل الزكاة وابن السبيل هو المسافر الذي انقطع به السفر ونفدت نفقته فلم يكن معه ما يوصله إلى بلده فإنه يعطى من الزكاة ما يوصله إلى بلده وليس هذا من باب الفقراء والمساكين لأنه غني هو في بلده غني جدا لكن قصرت به النفقة في أثناء السفر فيعطى ما يوصله إلى بلده ولو كان غنيا وسمي ابن سبيل لمصاحبته للسفر كما يقال " ابن الماء " في طير الماء الذي يألف الماء ويوقع عليه هؤلاء ثمانية أصناف لا يجوز صرف الزكاة في غيرهم فلا يجوز أن تصرف الزكاة في بناء المساجد ولا في إصلاح الطرق ولا في بناء المدارس ولا غيرها من طرق الخير لأن الله سبحانه وتعالى ذكر هذه الأصناف بصيغة محصورة فقال (( إنما الصدقات للفقراء )) وإنما تفيد الحصر وهو إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه ولو قلنا بجواز صرف الزكاة في جميع وجوه الخير لفاتت فائدة الحصر ولكن بناء المساجد وإصلاح الطرق وبناء المدارس وما أشبهها تفعل عن طرق أخرى عن طرق البر والصدقات والتبرعات هذا هو الركن الثالث من أركان الإسلام الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل في حديثه الطويل