شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... قال فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة جبريل حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فأخبره به فقال ( صدقت قال فعجبنا له يسأله ويصدقه ثم قال جبريل أخبرني عن الإيمان ) والإيمان محله القلب والإسلام محله الجوارح ولهذا نقول الإسلام عمل ظاهري والإيمان أمر باطني فهو في القلب فالإيمان هو اعتقاد الإنسان للشيء اعتقادا جازما به لا يتطرّق إليه الشك ولا الاحتمال بل يؤمن به كما يؤمن بالشمس رابعة النهار لا يمتري فيه فهو إقرار جازم لا يلحقه شك موجب للقبول والإذعان لقبول ما جاء في شرع الله والإذعان له إذعانا تاما فالإيمان فقال له ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) هذه ستة أركان هي أركان الإيمان ( أن تؤمن بالله ) أي تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى موجود حي عليم قادر وأنه سبحانه وتعالى رب العالمين لا رب سواه وأن له الملك المطلق وله الحمد المطلق وإليه يرجع الأمر كله وأنه سبحانه هو المستحق للعبادة لا يستحقها أحد سواه سبحانه وتعالى وأنه هو الذي عليه التكلان ومنه النصر والتوفيق وأنه متصف بكل صفات الكمال على وجه لا يماثل صفات المخلوقين لأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء إذن تؤمن بوجود الله وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته لابد من هذا
فمن أنكر وجود الله فهو كافر والعياذ بالله كافر مخلد في النار ومن تردد في ذلك أو شك فهو كافر لأنه لابد من الإيمان الجزم بأن الله سبحانه وتعالى حي عليم قادر موجود ومن شك في ربوبيته فإنه كافر ومن أشرك به أحدا في ربوبيته فهو كافر من قال إن الأولياء يدبرون الكون ولهم تصرف في الكون فدعاهم واستغاث بهم واستنصر بهم فإنه كافر والعياذ بالله لأنه لم يؤمن بالله ومن صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله فهو كافر لأنه لم يؤمن بانفراده بالألوهية فمن سجد للشمس أو للقمر أو للشجر أو للنهر أو للبحر أو للجبال أو للملك أو لنبي من الأنبياء أو لولي من الأولياء فهو كافر كفرا مخرجا عن الملة لأنه أشرك بالله معه غيره
وكذلك من أنكر على وجه التكذيب شيئا مما وصف الله به نفسه فإنه كافر لأنه مكذب لله ورسوله فإذا أنكر صفة من صفات الله على وجه التكذيب فهو كافر لتكذيبه لما جاء في الكتاب والسنة فإذا قال مثلا " إن الله لم يستو على العرش ولا ينزل إلى السماء الدنيا " فهو كافر
وإذا أنكرها على وجه التأويل فإنه ينظر هل تأويله سائغ يمكن أن يكون محلا للاجتهاد أو لا فإن كان سائغا فإنه لا يكفر لكنه يفسّق لخروجه عن منهج أهل السنة والجماعة
وأما إذا كان ليس له مسوغ فإن إنكار التأويل الذي لا مسوغ له كإنكار التكذيب فيكون أيضا كافرا والعياذ بالله
هذا الإيمان بالله وإذا آمنت بالله على هذا الوجه فإنك سوف تقوم بطاعته ممتثلا أمره مجتنبا نهيه لأن الذي يؤمن بالله على الوجه الصحيح لابد أن يقع في قلبه تعظيم الله على الإطلاق ولابد أن يقع في قلبه محبة الله على الإطلاق فإذا أحب الله حبا مطلقا لا يساويه أي حب وإذا عظم الله تعظيما مطلقا لا يساويه أي تعظيم فإنه بذلك يقوم بأوامر الله وينتهي عما نهى الله عنه
كذلك يجب عليك من جملة الإيمان بالله أن تؤمن بأن الله تعالى فوق كل شيء فوق كل شيء على عرشه استوى والعرش فوق المخلوقات كلها وهو أعظم المخلوقات التي نعلمها لأنه جاء في الأثر ( أن السماوات السبع والأراضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض ) انتبهوا السماوات السبع على كبرها والأراضون السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض ألق حلقة من حلق المغفر في فلاة من الأرض وانظر نسبة هذه الحلقة إلى الفلاة ماذا تقول، تقول لا شيء ما هذه الحلقة بالنسبة للفلاة ليست بشيء وفي بقية الأثر ( وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة ) إذن فالكرسي بالنسبة للعرش كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض فانظر عظم هذا العرش ولهذا وصفه الله بالعظم قال (( رب العرش العظيم )) وقال (( ذو العرش المجيد )) في قراءة فوصفه الله بالمجد وبالعظمة وكذلك بالكرم فهذا العرش استوى الله تعالى فوقه فالله فوق العرش والعرش فوق جميع المخلوقات والكرسي وهو صغير بالنسبة للعرش وسع السماوات والأرض كما قال تعالى (( وسع كرسيه السماوات والأرض )) يجب عليك أن تؤمن بأن الله تعالى فوق كل شيء وأن جميع الأشياء ليست بالنسبة إلى الله شيئا ليست شيئا بالنسبة إلى الله فالله تعالى أعظم وأجل من أن يحيط به العقل أو الفكر بل حتى البصر إذا رأى الله والله سبحانه وتعالى يراه المؤمنون في الجنة لا يمكن أن يدركوه أو يحيطوا به كما قال تعالى (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )) فشأن الله أعظم شأنٍ وأجلّ شأن فلابد أن تؤمن بالله سبحانه وتعالى على هذا الوجه العظيم حتى يوجب لك أن تعبده حق عبادته ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الأركان
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة جبريل حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فأخبره به فقال ( صدقت قال فعجبنا له يسأله ويصدقه ثم قال جبريل أخبرني عن الإيمان ) والإيمان محله القلب والإسلام محله الجوارح ولهذا نقول الإسلام عمل ظاهري والإيمان أمر باطني فهو في القلب فالإيمان هو اعتقاد الإنسان للشيء اعتقادا جازما به لا يتطرّق إليه الشك ولا الاحتمال بل يؤمن به كما يؤمن بالشمس رابعة النهار لا يمتري فيه فهو إقرار جازم لا يلحقه شك موجب للقبول والإذعان لقبول ما جاء في شرع الله والإذعان له إذعانا تاما فالإيمان فقال له ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) هذه ستة أركان هي أركان الإيمان ( أن تؤمن بالله ) أي تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى موجود حي عليم قادر وأنه سبحانه وتعالى رب العالمين لا رب سواه وأن له الملك المطلق وله الحمد المطلق وإليه يرجع الأمر كله وأنه سبحانه هو المستحق للعبادة لا يستحقها أحد سواه سبحانه وتعالى وأنه هو الذي عليه التكلان ومنه النصر والتوفيق وأنه متصف بكل صفات الكمال على وجه لا يماثل صفات المخلوقين لأنه سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء إذن تؤمن بوجود الله وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته لابد من هذا
فمن أنكر وجود الله فهو كافر والعياذ بالله كافر مخلد في النار ومن تردد في ذلك أو شك فهو كافر لأنه لابد من الإيمان الجزم بأن الله سبحانه وتعالى حي عليم قادر موجود ومن شك في ربوبيته فإنه كافر ومن أشرك به أحدا في ربوبيته فهو كافر من قال إن الأولياء يدبرون الكون ولهم تصرف في الكون فدعاهم واستغاث بهم واستنصر بهم فإنه كافر والعياذ بالله لأنه لم يؤمن بالله ومن صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله فهو كافر لأنه لم يؤمن بانفراده بالألوهية فمن سجد للشمس أو للقمر أو للشجر أو للنهر أو للبحر أو للجبال أو للملك أو لنبي من الأنبياء أو لولي من الأولياء فهو كافر كفرا مخرجا عن الملة لأنه أشرك بالله معه غيره
وكذلك من أنكر على وجه التكذيب شيئا مما وصف الله به نفسه فإنه كافر لأنه مكذب لله ورسوله فإذا أنكر صفة من صفات الله على وجه التكذيب فهو كافر لتكذيبه لما جاء في الكتاب والسنة فإذا قال مثلا " إن الله لم يستو على العرش ولا ينزل إلى السماء الدنيا " فهو كافر
وإذا أنكرها على وجه التأويل فإنه ينظر هل تأويله سائغ يمكن أن يكون محلا للاجتهاد أو لا فإن كان سائغا فإنه لا يكفر لكنه يفسّق لخروجه عن منهج أهل السنة والجماعة
وأما إذا كان ليس له مسوغ فإن إنكار التأويل الذي لا مسوغ له كإنكار التكذيب فيكون أيضا كافرا والعياذ بالله
هذا الإيمان بالله وإذا آمنت بالله على هذا الوجه فإنك سوف تقوم بطاعته ممتثلا أمره مجتنبا نهيه لأن الذي يؤمن بالله على الوجه الصحيح لابد أن يقع في قلبه تعظيم الله على الإطلاق ولابد أن يقع في قلبه محبة الله على الإطلاق فإذا أحب الله حبا مطلقا لا يساويه أي حب وإذا عظم الله تعظيما مطلقا لا يساويه أي تعظيم فإنه بذلك يقوم بأوامر الله وينتهي عما نهى الله عنه
كذلك يجب عليك من جملة الإيمان بالله أن تؤمن بأن الله تعالى فوق كل شيء فوق كل شيء على عرشه استوى والعرش فوق المخلوقات كلها وهو أعظم المخلوقات التي نعلمها لأنه جاء في الأثر ( أن السماوات السبع والأراضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض ) انتبهوا السماوات السبع على كبرها والأراضون السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض ألق حلقة من حلق المغفر في فلاة من الأرض وانظر نسبة هذه الحلقة إلى الفلاة ماذا تقول، تقول لا شيء ما هذه الحلقة بالنسبة للفلاة ليست بشيء وفي بقية الأثر ( وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة ) إذن فالكرسي بالنسبة للعرش كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض فانظر عظم هذا العرش ولهذا وصفه الله بالعظم قال (( رب العرش العظيم )) وقال (( ذو العرش المجيد )) في قراءة فوصفه الله بالمجد وبالعظمة وكذلك بالكرم فهذا العرش استوى الله تعالى فوقه فالله فوق العرش والعرش فوق جميع المخلوقات والكرسي وهو صغير بالنسبة للعرش وسع السماوات والأرض كما قال تعالى (( وسع كرسيه السماوات والأرض )) يجب عليك أن تؤمن بأن الله تعالى فوق كل شيء وأن جميع الأشياء ليست بالنسبة إلى الله شيئا ليست شيئا بالنسبة إلى الله فالله تعالى أعظم وأجل من أن يحيط به العقل أو الفكر بل حتى البصر إذا رأى الله والله سبحانه وتعالى يراه المؤمنون في الجنة لا يمكن أن يدركوه أو يحيطوا به كما قال تعالى (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )) فشأن الله أعظم شأنٍ وأجلّ شأن فلابد أن تؤمن بالله سبحانه وتعالى على هذا الوجه العظيم حتى يوجب لك أن تعبده حق عبادته ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الأركان