شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... ورسله ... " . حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
سبق الكلام على قول النبي صلى الله عليه وسلم في الإيمان ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه )
الركن الرابع ( ورسله ) الرسل هم البشر المراد بهم هنا هم البشر الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى إلى الخلق وجعلهم واسطة بينه وبين عباده في تبليغ شرائعه وهم بشر خلقوا بين أب وأم إلا عيسى ابن مريم فإنه الله خلقه من أم بلا أب أرسلهم الله سبحانه وتعالى رحمة بالعباد وإقامة للحجة عليهم كما قال الله تعالى (( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده )) إلى أن قال (( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )) وهم عدد كثير أولهم نوح وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم ودليل ذلك قوله تعالى (( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده )) وقد صحّ في الصحيحين وغيرهما في حديث الشفاعة ( أن الناس يوم القيامة يأتون إلى نوح فيقولون له أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض ) أما دليل كون النبي صلى الله عليه وسلم آخر الرسل فهو قوله تعالى (( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين )) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ختم بي النبيون ) فهو صلى الله عليه وسلم آخر الرسل علينا أن نؤمن بأن جميع الرسل الذين أرسلهم الله صادقون فيما بلغوا به عن الله وفي رسالتهم علينا أن نؤمن بأسماء من عينت أسماؤهم لنا ومن لم تعين أسماؤهم لنا فإننا نؤمن بهم على سبيل الإجمال علينا أيضا أن نؤمن أنه ما من أمة إلا أرسل الله إليها رسولا لتقوم عليهم الحجة كما قال الله تعالى (( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )) وقال تعالى (( وإن أمة إلا خلا فيها نذير ))
وعلينا أن نصدّق بكل ما أخبرت به الرسل إذا صح عنهم من جهة النقل ونعلم أنه حق وعلينا أن نتبع خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم لأنه هو الذي فرض علينا اتباعه قال الله تعالى (( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون )) فأمرنا الله تعالى باتباعه وقال تعالى (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) أما ما سواه من الرسل فإننا نتبعه إذا ورد شرعنا بالأمر باتباعه مثل قوله عليه الصلاة والسلام ( أفضل الصلاة صلاة أخي داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وأفضل الصيام صيام أخي داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ) فهذا حكاية لتعبد داود وتهجده في الليل وكذلك صيامه وكذلك صيامه من أجل أن نتبعه فيه
أما إذا لم يرد شرعنا في الأمر باتباعه فقد اختلف العلماء رحمهم الله هل شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه أو أنه ليس بشرع لنا حتى يرد شرعنا بالأمر باتباعه والصحيح أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد شرعنا بخلافه لأن الله تعالى لما ذكر الأنبياء والرسل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده )) فأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بهدى من تبعه وقال الله تعالى (( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب )) وهذه في آخر سورة يوسف التي قص الله تعالى علينا قصته مطولة من أجل أن نعتبر بما فيها