تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ...باب الاستقامة قال الله تعالى (( فاستقم كما أمرت )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون )) ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب في الاستقامة " الاستقامة هي الثبات على دين الله وعلى شرعه وأن يكون الإنسان ملتزما بالشريعة لا زائدا فيها ولا ناقصا عنها ثم ذكر المؤلف قول الله عز وجل (( فاستقم كما أمرت )) وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والخطاب له خطاب له ولأمته ما لم يدل الدليل على أنه خاص به فإن دل الدليل على أنه خاص به فهو له وحده وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )) (( الذين قالوا ربنا الله )) يعني آمنوا به ربا ورضوا بدينه ورضوا بشرعه ورضوا بقضائه وقدره ورضوا بكل ما جاء منه سبحانه وبحمده (( ثم استقاموا )) على الدين هؤلاء تتنزل عليهم الملائكة من السماء تؤيدهم وتثبتهم وتشجعهم تقول لهم (( ألا تخافوا ولا تحزنوا ))
ومتى هذا التنزل هل يكون عند الموت أو يكون عند الشدائد؟ الصحيح أنه يكون عند الشدائد عند الموت وغيره حتى عند الجهاد والقتال ومهاجمة الأعداء تتنزل عليهم تثبتهم وتطمئنهم ألا تخافوا في المستقبل ولا تحزنوا على ما مضى وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون البشارة هي الإخبار بما يسر وتكون في الخير وربما تكون في الشر مثل قوله تعالى (( فبشرهم بعذاب أليم )) فإن العذاب الأليم ليس يسر لكن هذا من باب التهكم بهم يعني أن الله عز وجل أو أن الملائكة تبشرهم بالعذاب الأليم تهكما بهم كقوله تعالى (( ذق إنك أنت العزيز الكريم )) وقوله (( نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة )) اللهم اجعل الملائكة أولياءنا بمنّك وكرمك (( نحن أولياؤكم )) الذين يتولاكم بالنصر والتأييد والتثبيت بأمر الله كما قال تعالى (( إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا )) (( نحن أولياءكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة )) فإنهم يتولون المؤمنين الذين استقاموا على دين الله يتلقونهم يوم المحشر يقولون (( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار )) وكذلك في الجنة (( نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون )) أي ما تطلبون (( نزلا من غفور رحيم )) وقال تعالى (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون )) هذه الآية تشبه التي قبلها وكل وكل هذه الآيات الثلاث تدل على أهمية الإيمان والاستقامة