شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قاربوا وسددوا واعملوا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ) رواه مسلم والمقاربة: القصد الذي لا غلو فيه ولا تقصير والسداد الاستقامة والإصابة ويتغمدني يلبسني ويسترني قال العلماء: معنى الاستقامة: لزوم طاعة الله تعالى وهي من جوامع الكلم وهي نظام الأمور وبالله التوفيق ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
لما ذكر المؤلف رحمه الله الآيات الواردة في الاستقامة والأحاديث الواردة فيها ذكر الحديث الذي فيه ما يدل على أن الاستقامة إنما تجب بحسب الاستطاعة وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ( قاربوا وسددوا ) قاربوا يعني قاربوا ما أمرتم به واحرصوا على أن تقربوا منه بقدر المستطاع وقوله ( سددوا ) أي سددوا على الإصابة أي احرصوا على أن تكون أعمالكم مصيبة، مصيبة للحق بقدر المستطاع وذلك لأن الإنسان مهما بلغ من التقوى فإنه لابد أن يخطئ كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) وقال عليه الصلاة والسلام ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم لجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) فالإنسان مأمور بأن يقارب ويسدد بقدر ما يستطيع ثم قال عليه الصلاة والسلام ( واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله ) يعني لن ينجو من النار بعمله وذلك لأن العمل لا يبلغ ما يجب لله عز وجل من الشكر وما يجب له على عباده من الحقوق ولكن يتغمد الله سبحانه وتعالى المرء برحمته فيغفر له فلما قال هكذا ( لن ينجو أحد منكم بعمله ) قالوا ( ولا أنت ) قال ( ولا أنا ) حتى النبي عليه الصلاة والسلام لن ينجيه عمله ( إلا أن يتغمدني الله برحمة منه ) فدلّ ذلك على أن الإنسان مهما بلغ من المرتبة والولاية فإنه لن ينجو بعمله حتى النبي عليه الصلاة والسلام لولا أن الله منّ عليه بأن غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ما أنجاه عمله
فإن قال قائل هناك نصوص من الكتاب والسنة تدل على أن العمل الصالح ينجي من النار ويدخل الجنة مثل قوله تعالى (( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )) فكيف يجمع بين هذا وبين الحديث الذي سمعناه والجواب عن ذلك أن يقال يجمع بينهما بأن المنفي دخول الإنسان الجنة بالعمل أي في المقابلة أما المثبت فهو أن العمل سبب وليس عوضا فالعمل لا شك أنه سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ولكنه ليس هو العوض وليس وحده الذي يدخل به الإنسان الجنة ولكن فضل الله ورحمته هما السبب هما اللذان يوصلان الإنسان إلى الجنة وينجيانه من النار
وفي هذا الحديث من الفوائد أن الإنسان لا يعجب بعمله مهما كان مهما عمل من الأعمال الصالحة لا تعجب بعملك عملك قليل بالنسبة لحق الله عليك
وفيه أيضا من الفوائد أنه ينبغي للإنسان أن يكثر الله دائما من السؤال بأن يتغمده الله برحمته أكثر من هذا قل " اللهم تغمدني برحمة منك وفضل " دائما لأن عملك لن يوصلك إلى مرضاة الله إلا برحمة الله عز وجل
وفيه دليل على حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم ولهذا لما قال ( لن ينجو أحد منكم بعمله ) استفصلوا هل هذا العموم شامل له أم لا فبين لهم صلى الله عليه وسلم أنه شامل له ومن تدبر أحوال الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم وجد أنهم أحرص الناس على العلم وأنهم لا يتركون شيئا يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم إلا سألوا عنه والله الموفق
القارئ : قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب في التفكر في عظيم مخلوقات الله وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس وتهذيبها وحملها على الاستقامة قال الله تعالى (( إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله )) "
لما ذكر المؤلف رحمه الله الآيات الواردة في الاستقامة والأحاديث الواردة فيها ذكر الحديث الذي فيه ما يدل على أن الاستقامة إنما تجب بحسب الاستطاعة وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ( قاربوا وسددوا ) قاربوا يعني قاربوا ما أمرتم به واحرصوا على أن تقربوا منه بقدر المستطاع وقوله ( سددوا ) أي سددوا على الإصابة أي احرصوا على أن تكون أعمالكم مصيبة، مصيبة للحق بقدر المستطاع وذلك لأن الإنسان مهما بلغ من التقوى فإنه لابد أن يخطئ كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) وقال عليه الصلاة والسلام ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم لجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم ) فالإنسان مأمور بأن يقارب ويسدد بقدر ما يستطيع ثم قال عليه الصلاة والسلام ( واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله ) يعني لن ينجو من النار بعمله وذلك لأن العمل لا يبلغ ما يجب لله عز وجل من الشكر وما يجب له على عباده من الحقوق ولكن يتغمد الله سبحانه وتعالى المرء برحمته فيغفر له فلما قال هكذا ( لن ينجو أحد منكم بعمله ) قالوا ( ولا أنت ) قال ( ولا أنا ) حتى النبي عليه الصلاة والسلام لن ينجيه عمله ( إلا أن يتغمدني الله برحمة منه ) فدلّ ذلك على أن الإنسان مهما بلغ من المرتبة والولاية فإنه لن ينجو بعمله حتى النبي عليه الصلاة والسلام لولا أن الله منّ عليه بأن غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ما أنجاه عمله
فإن قال قائل هناك نصوص من الكتاب والسنة تدل على أن العمل الصالح ينجي من النار ويدخل الجنة مثل قوله تعالى (( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )) فكيف يجمع بين هذا وبين الحديث الذي سمعناه والجواب عن ذلك أن يقال يجمع بينهما بأن المنفي دخول الإنسان الجنة بالعمل أي في المقابلة أما المثبت فهو أن العمل سبب وليس عوضا فالعمل لا شك أنه سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ولكنه ليس هو العوض وليس وحده الذي يدخل به الإنسان الجنة ولكن فضل الله ورحمته هما السبب هما اللذان يوصلان الإنسان إلى الجنة وينجيانه من النار
وفي هذا الحديث من الفوائد أن الإنسان لا يعجب بعمله مهما كان مهما عمل من الأعمال الصالحة لا تعجب بعملك عملك قليل بالنسبة لحق الله عليك
وفيه أيضا من الفوائد أنه ينبغي للإنسان أن يكثر الله دائما من السؤال بأن يتغمده الله برحمته أكثر من هذا قل " اللهم تغمدني برحمة منك وفضل " دائما لأن عملك لن يوصلك إلى مرضاة الله إلا برحمة الله عز وجل
وفيه دليل على حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم ولهذا لما قال ( لن ينجو أحد منكم بعمله ) استفصلوا هل هذا العموم شامل له أم لا فبين لهم صلى الله عليه وسلم أنه شامل له ومن تدبر أحوال الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم وجد أنهم أحرص الناس على العلم وأنهم لا يتركون شيئا يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم إلا سألوا عنه والله الموفق
القارئ : قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب في التفكر في عظيم مخلوقات الله وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس وتهذيبها وحملها على الاستقامة قال الله تعالى (( إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله )) "