متابعة الكلام على حديث ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ... ) . حفظ
الشيخ : تقدم الكلام على أول هذا الحديث القدسي الذي رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه قال تعالى ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) وبيّنا أن الظلم يكون في المال والعرض والدم وبيّنا أمثلة من ذلك كثيرة نسأل الله تعالى أن ينفع بها ثم قال الله تعالى ( يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ) كلكم ضال، ضال يعني تائها، تائها لا يعرف الحق كلكم ضال يعني غاويا لا يقبل الحق فالناس الضلّال قسمان قسم تائه لا يعرف الحق مثل النصارى فإن النصارى ضالون تائهون لا يعرفون الحق إلا بعد أن بعث النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم عرفوا الحق لكنهم استكبروا عنه فلم يكن بينهم وبين اليهود فرق في أنهم علموا الحق ولم يتّبعوه والقسم الثاني من الضلّال غاوٍ أي اختار الغي على الرشد بعد أن علم بالرشد وهؤلاء مثل اليهود فإن اليهود عرفوا الحق لكنهم لم يقبلوه بل ردوه ومن ذلك قوله تبارك وتعالى (( فأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى )) والعياذ بالله هداهم الله وبيّن لهم ودلّهم ولكنهم استحبوا العمى على الهدى استحبوا الغي على الرشد فالناس كلهم ضالون إلا من هداه الله لكن ما هي هداية القسم الأول وهو الضال الذي لم يعرف الحق هداية القسم الأول أن يبيّن الله له الحق ويدله عليه وهذه الهداية حق على الله حق على الله أوجبه الله على نفسه فكل الخلق قد هداهم الله بهذا المعنى يعني بمعنى البيان قال الله تعالى (( إن علينا للهدى )) وقال تعالى (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس )) هدى للناس عموما ولكن الهداية الثانية وهي هداية التوفيق للحق وقبوله هذه هي التي يختص الله بها من يشاء من عباده فصارت الهداية الآن هدايتان هداية بيان الحق وهذه عامة لكل أحد وقد أوجبها الله على نفسها وبيّن لعباده الحق من الباطل وهداية توفيق لقبول الحق والعمل به تصديقا للخبر وقياما بالطلب وهذه خاصة يختص الله بها من يشاء من عباده والناس في هذا الباب ينقسمون إلى أقسام القسم الأول من هُدي الهدايتين أي علمه الله ووفقه للحق وقبوله والقسم الثاني من حُرم الهدايتين فليس عنده علم وليس له عبادة والقسم الثالث من هُدي للدلالة والإرشاد ولكنهم لم يُهد هداية التوفيق وهذا شر الأقسام والعياذ بالله المهم أن الله عز وجل يقول ( كلكم ضال ) كلكم لا يعرف الحق كلكمىلا يقبل الحق إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يعني اطلبوا الهداية مني فإذا طلبتموها فإنني أجيب لكم وأهديكم إلى الحق ولهذا جاءت استهدوني أهدكم جاء الجواب وكأن جواب شرط يتحقق المشروط عند وجود الشرط ودليل هذا أن الفعل جزم ( استهدوني أهدكم ) فمتى طلبت الهداية من الله بصدق وافتقار إليه وإلحاح فإن الله يهديك ولكن أكثرنا مُعرض عن هذا أكثرنا قائم بالعبادة لكن على العادة وعلى ما يفعل الناس ما كأننا مفتقرون إلى الله سبحانه وتعالى في طلب الهداية فالذي يليق بنا أن نسأل الله دائما الهداية والإنسان في كل صلاة يقول " رب اغفر لي وارحمني واهدني "