تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني اغفر لكم، ... " . حفظ
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله تعالى في سياق حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى أنه قال ( يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأن أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم ) هذا أيضا من تمام نعمة الله على العبد أن الله جل وعلا يعرض عليه أن يستغفر إلى الله ويتوب عليه مع أنه يقول ( إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا ) أي جميع الذنوب من الشرك بالله والكفر والكبائر والصغائر كلها يغفرها الله ولكن بعد أن يستغفر الإنسان ربه ولهذا قال فاستغفروني أغفر لكم أي اطلبوا مني المغفرة حتى أغفر لكم ولكن المغفرة ليست مجرد أن يقول الإنسان " اللهم اغفر لي " أي أن طلب المغفرة ليس مجرد أن يقول " اللهم اغفر لي " بل لابد من توبة صادقة يتوب بها الإنسان إلى الله عز وجل والتوبة الصادقة هي التي تجمع خمسة شروط:
الشرط الأول أن يكون الإنسان فيها مخلصا لله عز وجل لا يحمله على التوبة مرآاة الناس ولا تسميعُهم ولا تسميعُهم ولا أن يتقرب إليهم بشيء وإنما يقصد بالتوبة الرجوع إلى الله حقيقة والإخلاص شرط في كل عمل ومن جملة الأعمال الصالحة التوبة إلى الله عز وجل كما قال تعالى (( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ))
ومنها أن يندم الإنسان الشرط الثاني من شروط التوبة أن يندم الإنسان على ما وقع منه من الذنب يعني أن يحزن ويتأسف ويعرف أنه ارتكب خطأ حتى يندم عليه أما أن يكون ارتكاب الخطأ وعدمه عنده على حد سواء فهذه ليست بتوبة لابد من أن يندم بقلبه ندما يتمنى أنه لم يقع منه هذا الذنب
والثالث أن يقلع عن الذنب فلا توبة مع الإصرار على الذنوب كما قال تعالى (( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )) أما أن يقول إنه تائب من الذنب وهو مصرٍ عليه فإنه كاذب مستهزئ بالله عز وجل فمثلا لو قال " أتوب إلى الله من الغيبة " ولكنه كلما جلس مجلسا اغتاب عباد الله فإنه كاذب في توبته ولو قال " أتوب إلى الله من الربا " ولكنه مصرٌ عليه يبيع بالربا ويشتري بالربا فهو كاذب في توبته ولو قال " أتوب إلى الله من استماع الأغاني " ولكنه مصر على ذلك فهو كاذب في توبته ولو قال أتوب إلى الله من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم في إعفاء اللحية فكان يحلقها وهو يقول " أتوب إلى الله من حلقها " فإنه كاذب وهكذا جميع المعاصي إذا كان الإنسان مصرا عليها فإن دعواه التوبة كذب ولا تقبل توبته
ومن ذلك أي من التخلي عن الذنب والإقلاع عنه أن يرد المظالم إلى أهلها إذا كانت المعصية في حقوق العباد فإن كانت بأخذ مال فليرد المال إلى من أخذه منه فإن كان قد مات فليرده إلى ورثته فإن تعذر عليه أن يعرف الورثة أو نسي الرجل أو ذهب الرجل إلى مكان لا يمكن العثور عليه مثل أن يكون أجنبيا فيذهب فيرجع إلى بلده ولا يدري أين هو ففي هذه الحال يخرج ما عليه صدقة ينويها لصاحب المال الذي يطلبه إذا كان الذنب في غيبة وكان المغتاب قد علم أن هذا الرجل قد اغتابه فلابد أن يذهب إليه ويتحلل منه وأخوه الذي جاءه يعتذر إليه ينبغي له أن يقبل وأن يسامح عنه لأنه إذا جاء إليك أخوك معتذرا مقرا بالذنب فاعف عنه واصفح إن الله يحب المحسنين ولكن إذا لم يقبل أن يتسامح عن غيبته إلا بشيء من المال فأعطه المال أعطه من المال حتى يقتنع ويحللك
كذلك إذا كانت إذا كانت المعصية مسابة بينك وبين أحد حتى ضربته مثلا فإن التوبة من ذلك أن تذهب إليه وتستسمح منه وتقول ها أنا أمامك اضربني كما ضربتك حتى يسمح عنك المهم أن من الإقلاع عن المعصية إذا كانت لآدمي أن تتحلل منه سواء كانت مظلمة مال أو بدن أو عرض
الشرط الرابع أن يعزم على ألا يعود في المستقبل فإن تاب وأقلع عن الذنب لكن في قلبه أنه إذا حانت الفرصة عاد إلى ذنبه فإن ذلك لا يقبل منه هذه التوبة هذه توبة لاعب لكن لابد أن يعزم فإذا عزم ثم قدّر أن نفسه سولت له بعد ذلك ففعل المعصية فإن ذلك لا ينقض التوبة السابقة لكن يحتاج إلى توبة جديدة من الذنب مرة ثانية
الخامس أن تكون التوبة في الوقت الذي تقبل فيه فإن فات الأوان لم تنفع التوبة ومتى يفوت الأوان يفوت الأوان إذا حضر الإنسان الموت إذا حضره الموت فلا توبة لو تاب لم تنفعه لقول الله تعالى (( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن )) الآن ما فيه فائدة ولهذا لما أغرق فرعون قال (( آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين )) فقيل له آلأن يعني أتقول هذا الآن (( وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين )) فات الأوان ولهذا يجب على الإنسان أن يبادر بالتوبة لأنه لا يدري متى يفجؤه الموت كم من إنسان مات بغتة مفاجأة فليتب إلى الله قبل أن يفوت الأوان
أما الثاني الذي تفوت به التوبة فهو إذا طلعت الشمس من مغربها فإن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن الشمس الآن تدور بإذن الله على الأرض وإذا غابت سجدت تحت عرش الرحمن عز وجل واستأذنت الله فإن أذن لها استمرت في سيرها وإلا قيل ارجعي من حيث جئتِ فترجع بإذن الله وأمره فتطلع على الناس من المغرب فحينئذ يؤمن جميع الناس كل الناس يتوبون ويرجعون إلى الله ولكن ذلك لا ينفعهم قال الله تعالى (( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة )) يعني عند الموت (( أو يأتي ربك )) يعني يوم القيامة للحساب (( أو يأتي بعض آيات ربك )) يعني طلوع الشمس من مغربها (( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ))
هذه خمسة شروط للتوبة لا تقبل إلا بها فعليك يا أخي أن تبادر بالتوبة إلى الله والرجوع إليه ما دمت في زمن الإمهال قبل أن لا يحصل لك ذلك
واعلم أنك إذا تبت إلى الله توبة نصوحا فإن الله يتوب عليك وربما يرفعك في منزلة أعلى من منزلتك انظر إلى آدم أبيك حيث نهاه الله عن الأكل من الشجرة فعصى ربه بوسوسة الشيطان له قال الله تعالى (( وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )) لما تاب نال الاجتباء اجتباه الله وصار في منزلة أعلى منه قبل أن يعصي ربه لأن المعصية أحدثت له خجلا وحياء من الله وإنابة إليه ورجوعا إليه فصارت حاله أعلى حالا من قبل
واعلم أن الله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل كان على راحلته وعليها طعامه وشرابه في أرض فلاة ما فيها أحد فأضاع الناقة وطلبها فلم يجدها فنام تحت شجرة ينتظر الموت فإذا بخطام ناقته متعلقا بالشجرة قد جاء الله بها فأخذ بخطامها وقال من شدة الفرح " اللهم أنت عبدي وأنا ربك " أخطأ أراد أن يقول " اللهم أنت ربي وأنا عبدك " لكن أخطأ من شدة الفرح الإنسان إذا اشتد فرحه لا يدري ما يقول كما أنه إذا اشتد غضبه لا يدري ما يقول فالله بتوبة عبده المؤمن أشد فرحا بفرح هذا بناقته نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم وأن يرزقنا الإنابة إليه
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق حديث أبي ذر " ( يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ) "
الشرط الأول أن يكون الإنسان فيها مخلصا لله عز وجل لا يحمله على التوبة مرآاة الناس ولا تسميعُهم ولا تسميعُهم ولا أن يتقرب إليهم بشيء وإنما يقصد بالتوبة الرجوع إلى الله حقيقة والإخلاص شرط في كل عمل ومن جملة الأعمال الصالحة التوبة إلى الله عز وجل كما قال تعالى (( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ))
ومنها أن يندم الإنسان الشرط الثاني من شروط التوبة أن يندم الإنسان على ما وقع منه من الذنب يعني أن يحزن ويتأسف ويعرف أنه ارتكب خطأ حتى يندم عليه أما أن يكون ارتكاب الخطأ وعدمه عنده على حد سواء فهذه ليست بتوبة لابد من أن يندم بقلبه ندما يتمنى أنه لم يقع منه هذا الذنب
والثالث أن يقلع عن الذنب فلا توبة مع الإصرار على الذنوب كما قال تعالى (( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )) أما أن يقول إنه تائب من الذنب وهو مصرٍ عليه فإنه كاذب مستهزئ بالله عز وجل فمثلا لو قال " أتوب إلى الله من الغيبة " ولكنه كلما جلس مجلسا اغتاب عباد الله فإنه كاذب في توبته ولو قال " أتوب إلى الله من الربا " ولكنه مصرٌ عليه يبيع بالربا ويشتري بالربا فهو كاذب في توبته ولو قال " أتوب إلى الله من استماع الأغاني " ولكنه مصر على ذلك فهو كاذب في توبته ولو قال أتوب إلى الله من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم في إعفاء اللحية فكان يحلقها وهو يقول " أتوب إلى الله من حلقها " فإنه كاذب وهكذا جميع المعاصي إذا كان الإنسان مصرا عليها فإن دعواه التوبة كذب ولا تقبل توبته
ومن ذلك أي من التخلي عن الذنب والإقلاع عنه أن يرد المظالم إلى أهلها إذا كانت المعصية في حقوق العباد فإن كانت بأخذ مال فليرد المال إلى من أخذه منه فإن كان قد مات فليرده إلى ورثته فإن تعذر عليه أن يعرف الورثة أو نسي الرجل أو ذهب الرجل إلى مكان لا يمكن العثور عليه مثل أن يكون أجنبيا فيذهب فيرجع إلى بلده ولا يدري أين هو ففي هذه الحال يخرج ما عليه صدقة ينويها لصاحب المال الذي يطلبه إذا كان الذنب في غيبة وكان المغتاب قد علم أن هذا الرجل قد اغتابه فلابد أن يذهب إليه ويتحلل منه وأخوه الذي جاءه يعتذر إليه ينبغي له أن يقبل وأن يسامح عنه لأنه إذا جاء إليك أخوك معتذرا مقرا بالذنب فاعف عنه واصفح إن الله يحب المحسنين ولكن إذا لم يقبل أن يتسامح عن غيبته إلا بشيء من المال فأعطه المال أعطه من المال حتى يقتنع ويحللك
كذلك إذا كانت إذا كانت المعصية مسابة بينك وبين أحد حتى ضربته مثلا فإن التوبة من ذلك أن تذهب إليه وتستسمح منه وتقول ها أنا أمامك اضربني كما ضربتك حتى يسمح عنك المهم أن من الإقلاع عن المعصية إذا كانت لآدمي أن تتحلل منه سواء كانت مظلمة مال أو بدن أو عرض
الشرط الرابع أن يعزم على ألا يعود في المستقبل فإن تاب وأقلع عن الذنب لكن في قلبه أنه إذا حانت الفرصة عاد إلى ذنبه فإن ذلك لا يقبل منه هذه التوبة هذه توبة لاعب لكن لابد أن يعزم فإذا عزم ثم قدّر أن نفسه سولت له بعد ذلك ففعل المعصية فإن ذلك لا ينقض التوبة السابقة لكن يحتاج إلى توبة جديدة من الذنب مرة ثانية
الخامس أن تكون التوبة في الوقت الذي تقبل فيه فإن فات الأوان لم تنفع التوبة ومتى يفوت الأوان يفوت الأوان إذا حضر الإنسان الموت إذا حضره الموت فلا توبة لو تاب لم تنفعه لقول الله تعالى (( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن )) الآن ما فيه فائدة ولهذا لما أغرق فرعون قال (( آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين )) فقيل له آلأن يعني أتقول هذا الآن (( وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين )) فات الأوان ولهذا يجب على الإنسان أن يبادر بالتوبة لأنه لا يدري متى يفجؤه الموت كم من إنسان مات بغتة مفاجأة فليتب إلى الله قبل أن يفوت الأوان
أما الثاني الذي تفوت به التوبة فهو إذا طلعت الشمس من مغربها فإن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن الشمس الآن تدور بإذن الله على الأرض وإذا غابت سجدت تحت عرش الرحمن عز وجل واستأذنت الله فإن أذن لها استمرت في سيرها وإلا قيل ارجعي من حيث جئتِ فترجع بإذن الله وأمره فتطلع على الناس من المغرب فحينئذ يؤمن جميع الناس كل الناس يتوبون ويرجعون إلى الله ولكن ذلك لا ينفعهم قال الله تعالى (( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة )) يعني عند الموت (( أو يأتي ربك )) يعني يوم القيامة للحساب (( أو يأتي بعض آيات ربك )) يعني طلوع الشمس من مغربها (( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ))
هذه خمسة شروط للتوبة لا تقبل إلا بها فعليك يا أخي أن تبادر بالتوبة إلى الله والرجوع إليه ما دمت في زمن الإمهال قبل أن لا يحصل لك ذلك
واعلم أنك إذا تبت إلى الله توبة نصوحا فإن الله يتوب عليك وربما يرفعك في منزلة أعلى من منزلتك انظر إلى آدم أبيك حيث نهاه الله عن الأكل من الشجرة فعصى ربه بوسوسة الشيطان له قال الله تعالى (( وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )) لما تاب نال الاجتباء اجتباه الله وصار في منزلة أعلى منه قبل أن يعصي ربه لأن المعصية أحدثت له خجلا وحياء من الله وإنابة إليه ورجوعا إليه فصارت حاله أعلى حالا من قبل
واعلم أن الله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل كان على راحلته وعليها طعامه وشرابه في أرض فلاة ما فيها أحد فأضاع الناقة وطلبها فلم يجدها فنام تحت شجرة ينتظر الموت فإذا بخطام ناقته متعلقا بالشجرة قد جاء الله بها فأخذ بخطامها وقال من شدة الفرح " اللهم أنت عبدي وأنا ربك " أخطأ أراد أن يقول " اللهم أنت ربي وأنا عبدك " لكن أخطأ من شدة الفرح الإنسان إذا اشتد فرحه لا يدري ما يقول كما أنه إذا اشتد غضبه لا يدري ما يقول فالله بتوبة عبده المؤمن أشد فرحا بفرح هذا بناقته نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم وأن يرزقنا الإنابة إليه
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق حديث أبي ذر " ( يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ) "