شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن ) رواه مسلم ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( عرضت عليّ أعمال أمتي حسنها وسيئها ) عرضت عليّ يعني معناه بلغت عنها وبينت لي والذي بينها له هوالله عز وجل لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يحلل ويحرم ويوجب فعرض الله عز وجل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المحاسن والمساوئ من أعمال الأمة
فوجد من محاسنها ( الأذى يماط عن الطريق ) يماط يعني يزال والأذى ما يؤذي المارة من شوك وأعواد وأحجار وزجاج وأرواث وغير ذلك كل ما يؤذي فإماطته من محاسن الأعمال وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة فهو من محاسن الأعمال وفيه ثواب الصدقة وبين النبي عليه الصلاة والسلام أن الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان فإذا وجدت في الطريق أدى فأمطته فإن ذلك من محاسن أعمالك وهو صدقة لك وهو من خصال الإيمان وشعب الإيمان وإذا كان هذا من المحاسن ومن الصدقات فإن وضع الأذى في طريق المسلمين من مساوئ الأعمال فهؤلاء الناس الذين يلقون القشور قشور البطيخ أو البرتقال أو الموز أو غيرها في الأسواق في ممرات الناس لا شك أنهم إذا آذوا المسلمون فإنهم مأزورون قال الله تعالى (( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا )) قال العلماء " ولو زلق به حيوان أو إنسان فانكسر فعلى من وضعه ضمانه " يضمنه بالدية أو بما دون الدية إذا كان لا يحتمل الدية المهم أن هذا من أذية المسلمين
ومن ذلك أيضا ما يفعله بعض الناس من إراقة المياه في الأسواق فتؤذي الناس وربما تمر السيارات من عندها وترش منها على الإنسان في ثيابه وربما يكون فيها فساد بلا شك للإسفلت لأن الإسفلت كلما أتى عليه الماء وتكرر فإنه يذوب ويفسد فالمهم أننا مع الأسف الشديد ونحن أمة مسلمة لا نبالي بهذه الأمور وكأنها لا شيء يلقي الإنسان الأذى في الأسواق لا يهتم به يكسر الزجاجات في الأسواق لا يهتم بذلك الأعواد يلقيها لا يهتم بذلك حجر يضعه لا يهتم بذلك إذن يستحب لنا كلما رأينا ما يؤذي أن نزيله عن الطريق لأن ذلك صدقة ومن محاسن الأعمال
ثم قال ( وعرضت عليّ مساوئ الأمة فوجدت ) من المساوئ ( النخاعة تكون في المسجد ) النخاعة يعني النخامة وسميت بذلك لأنها تخرج من النخاع النخامة تكون في المسجد لا تدفن لا تدفن لأن المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مفروش بالحصباء بالحصى الصغار فالنخامة تدفن في التراب أما عندنا الآن فليس هناك تراب ولكن إذا وجدت فإنها تحك بالمنديل حتى تذهب
واعلم أن النخامة في المسجد حرام فمن تنخع في المسجد فقد أثم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( البصاق في المسجد خطيئة ) فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم أنها خطيئة وكفارتها دفنها يعني عاد إذا فعلها الإنسان وأراد أن يتوب فليدفنها لكن في عهدنا فليحكها بمنديل أو نحوه حتى تزول وإذا كان هذه النخاعة فما بالك بما هو أعظم منها يوجد بعض الناس أحيانا وإن كان الآن قليلا لأنه لا توجد أرواث بهائم في الأسواق لكن كان الناس فيما سبق يدخل الإنسان في حذائه لا يفتشها ولا يقلبها فيكون فيها الروث وينزل الروث من النعل إلى المسجد فيتلوث به فأنت اعتبر بالنخامة ماهو مثلها في أذية المسجد أو أعظم منها
من ذلك أيضا أن بعض الناس تكون معه المناديل الخفيفة هذه يتنخع فيها ثم يرمي بها في الأرض في المسجد هذا أذى لا شك أن النفوس تتقزز إذا رأت مثل ذلك فكيف إذا كان ذلك في بيت من بيوت الله إذا تنخعت في المنديل فضعه في جيبك في المخباة حتى تخرج وترمي بها في السوق بشرط ألا تؤذي أحدا والله الموفق