شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين ) رواه مسلم . وفي رواية : ( مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة ) . وفي رواية لهما: ( بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له ) . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( رأيت رجلًا يتقلب في الجنة في غصن أزاله عن طريق المسلمين ) وهذا الحديث فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن رجلًا مَرَّ بطريق ووجد في الطريق غصنا يؤذي المسلمين، سواء كان هذا الغصن من فوق يؤذيهم من رؤوسهم أو من أسفل يؤذيهم من أرجلهم، المهم أنه غصن شوك يؤذي المسلمين، فأزاله عن الطريق أبعده ونحاه فشكر الله له ذلك وأدخله الجنة، مع أن هذا الغصن إذا آذى المسلمين فإنما يؤذيهم بأبدانهم، ومع ذلك غفر الله لهذا الرجل وأدخله الجنة، ففيه دليلٌ على أن فضيلة إزالة الأذى عن الطريق وأنه سبب لدخول الجنة، وفيه أيضًا دليلٌ على أن الجنة موجودة الآن لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى هذا الرجل يتقلب فيها، وهذا أمر دل عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه أهل السنة والجماعة أن الجنة موجودة الآن، ولهذا قال الله تعالى: (( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )) أعدت يعني: هيئت، وهذا دليل على أنها موجودة الآن، كما أن النار أيضًا موجودة الآن، ولا تفنيان أبدًا، خلقهما الله عز وجل للبقاء لا فناء لهما، ومن دخلهما لا يفنى أيضًا فمن كان من أهل الجنة بقي فيها خالدًا مخلدًا أبد الآبدين، ومن كان من أهل النار دخلها خالدًا مخلدًا فيها أبد الآبدين، وفي هذا الحديث دليلٌ على أن من أزال عن المسلمين الأذى فله هذا الثواب العظيم في أمر حسي فكيف بالأمر المعنوي؟ كيف بالأمر المعنوي؟ يوجد بعض الناس والعياذ بالله أهل شر وبلاء وأفكار خبيثة وأخلاق سيئة يصدون الناس عن دين الله، فإزالة هؤلاء عن طريق المسلمين أفضل بكثير وأعظم أجرًا عند الله، فإذا أزيل أذى هؤلاء إذا كانوا أصحاب أفكار خبيثة سيئة إلحادية يرد عليهم وتبطل أفكارهم.