شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة رواه البخاري ورواه مسلم من رواية حذيفة رضي الله عنه ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله في باب كثرة طرق الخيرات عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل معروف صدقة ) كل معروف، المعروف: ما يتعارف الناس على حُسنه، أو ما عرف الشرع حُسنه، إن كان مما يتعبد به لله فهو ما عرف الشرع حُسنه، وإن كان مما يتعامل به الناس فهو مما تعارف الناس على حُسنه، وهذا الحديث ( كل معروف ) يشمل هذا وهذا، فكل عمل تتعبد به إلى الله فإنه صدقة، كما ورد بالحديث السابق: ( كل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة ) وأما ما يتعارف الناس على حُسنه فهو أيضًا ما يتعلق بالمعاملة بين الناس، فكلما تعارف الناس على حُسنه فهو معروف، مثل الإحسان إلى الخلق بالمال أو بالجاه أو بغير ذلك من أنواع الإحسان، ومن ذلك أن تلقى أخاك بوجه طلق لا بوجه عبوس، وأن تلين له القول، وأن تدخل عليه السرور، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن من الخير إذا عاد الإنسان مريضًا أن يدخل عليه السرور، ويقول: أنت في عافية، وإذا كان الأمر على خلاف ما قال يعني أن المريض أشد مرضًا مما سبق فليقل أنت في عافية ناويًا أنه في عافية أحسن ممن هو دون منه من هو دونه، لأن إدخال السرور على المريض سبب للشفاء، ولهذا تجد أن الإنسان إذا كان مريضًا مرضًا عاديًّا صغيرًا إذا قال له إنسان والله الحمد لله هذا شيء بسيط وهذا شيء لا يضر، استر بذلك ونسي المرض، ونسيان المرض سبب لشفائه، وكون الإنسان يعلق قلبه بالمرض سبب لبقائه، وأضرب مثلًا لذلك: برجل مثلًا فيه جرح تجد أنه إذا تلهى في حاجات أخرى لا يحس بألم الجرح، لكن إذا تفرغ ثم حط باله للجرح أحس بألم، انظر مثلًا إلى الحمالين الذين يحملون الأشياء على السيارات وينزلونها أحيانًا يسقط على قدمه شيء فيجرحه ما دام يحمل ولاهي لا يشعر به ولا يحس به، فإذا فرغ أحس به وتألم، إذًا فغفلة المريض عن المرض وإدخال السرور عليه وتأميله بأن الله عز وجل يشفيه هذا خير ينسيه المرض، وربما كان سببًا للشفاء، إذًا كل معروف صدقة، لو أن أحدًا إلى جنبك رأيته محترًا رأيت العرق يتصبب منه فروحت عليه بالمروحة فإنه يكون له صدقة، صدقة لأنه معروف، لو قابلت الضيوف بالانبساط وتعجيل الضيافة لهم وما أشبه ذلك فهذا صدقة.