شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( هلك المتنطعون ) . رواه مسلم . المتنطعون المتعمقون المشددون في غير موضع التشديد ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون ) الهلاك ضد البقاء، يعني أنهم تلفوا وخسروا، والمتنطعون هم المتشددون في أمورهم الدينية والدنيوية، ولهذا جاء في الحديث: ( لا تشددوا فيشدد الله عليكم ) وانظر إلى قصة بني إسرائيل حين قتلوا قتيلًا فتدارؤوا فيه وتنازعوا حتى كادت الفتنة أن تثور بينهم، فقال لهم موسى عليه الصلاة والسلام: (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً )) يعني وتأخذوا جزءا منها فتضربوا به القتيل ثم يخبركم من الذي قتله، فقالوا له: (( أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً )) يعني: أن تقول لنا اذبحوا بقرة واضربوا ببعضها القتيل ثم يخبركم بمن قتله، لو أنهم استسلموا وسلموا لأمر الله وذبحوا أي بقرة كانت لحصل مقصودهم، لكنهم تعنتوا تعنتوا فهلكوا قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي؟ ثم قالوا: ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها؟ ثم قالوا: ادع لنا ربك يبين لنا ما هي وما عملها؟ وبعد أن شُدد عليهم ذبحوها وما كادوا يفعلون، كذلك أيضًا من التشديد في العبادة أن يشدد الإنسان على نفسه في الصلاة أو في الصوم أو في غير ذلك مما يسَّره الله عليه، فإنه إذا شَدد على نفسه فيما يسر الله عليه فهو هالك، ومن ذلك ما يفعله بعض المرضى ولاسيما في رمضان يكون الله قد أباح له الفطر وهو مريض يحتاج إلى الفطر أكل وشرب، ولكنه يشدد على نفسه فيبقى صائمًا فهذا أيضًا نقول: إنه ينطبق عليه الحديث ( هلك المتنطعون ) ومن ذلك ما يفعله بعض الطلبة المجتهدين في باب التوحيد تجدهم إذا مرت بهم الآيات أو الأحاديث من صفات الرب عز وجل جعلوا ينقبون عنها، ويسألون أسئلة ما كُلِّفوا بها ولا درج عليها سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الهدى من بعدهم، فتجد الواحد ينقب عن أشياء ليست من الأمور التي كلف بها تنطعًا وتشدقًا، فنحن نقول لهؤلاء إن كان يسعكم ما وسع الصحابة رضي الله عنهم فأمسكوا، وإن لم يسعكم فلا وسع الله عليكم، وثقوا بأنكم ستقعون في شدة وفي حرج وفي قلق يعني مثلًا بعض الناس يقول: إن الله عز وجل له أصابع كما جاء في الحديث الصحيح: ( ما من قلب من قلوب بني آدم إلا وهو بين أصبعين من أصابع الله ) فيبحث هل لهذه الأصابع كم عددها؟ وهل لها أنامل؟ وكم أناملها؟ وما أشبه ذلك، كذلك مثلًا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول كيف ينزل شلون ينزل ثلث الليل وثلث الليل يدور على الأرض كلها؟ معنى ذلك أنه نازل دائمًا وما أشبه ذلك من الكلام الذي لا يؤجرون عليه ولا يحمدون عليه، بل هم إلى الإثم أقرب منهم إلى السلامة، وهم إلى الذم أقرب منهم إلى المدح، هذه المسائل التي لم يُكلف بها الإنسان وهي من مسائل الغيب، ولم يسأل عنها من هو خير منه وأحرص منه على معرفة الله بأسمائه وصفاته، يجب عليه أن يمسك عنها وأن يقول سمعنا وأطعنا وصدقنا وآمنا، أما أن يبحث أشياء دقيقة ما لها فائدة فإن هذا لا شك أنه من التنطع، ومن ذلك أيضًا: ما يفعله بعض الطلبة من إدخال الاحتمالات العقلية في الدلائل اللفظية، فتجده يقول يحتمل كذا ويحتمل كذا حتى يضيع فائدة النص، وحتى يبقى النص كله مرجوجًا لا يستفاد منه، هذا غلط خذ بظاهر النصوص ودع عنك الاحتمالات العقلية، لو أننا سلطنا الاحتمالات العقلية على الأدلة اللفظية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما بقي لنا حديث واحد أو آية واحدة يستدل بها الإنسان، لو أورد عليها كل شيء، والأمور العقلية هذه قد تكون وهميات وخيالات من الشيطان يلقيها في قلب الإنسان حتى يزعزع عقيدته وإيمانه والعياذ بالله، ومن ذلك أيضًا ما يفعله بعض المتشددين في الوضوء تجدهم مثلًا يتوضأ ثلاثًا أربعًا خمسًا سبعًا أكثر وهو في عافية من ذلك، يذكر أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يتوضأ فإذا وجدت الأرض التي تحته وإذا ليس فيها إلا نقط من الماء من قلة ما يستعمل من الماء، بعض الناس تجده يشدد في الماء فيشدد الله عليه، إذا استرسل مع هذا الوسواس ما كفاه أربع ولا خمس ولا ست ولا أكثر من ذلك، يسترسل معه الشيطان حتى يخرج عن طوره حتى يقول ها هل أحد عاقل يتصرف هذا التصرف، في الاغتسال من الجنابة أيضًا تجده يتعب يتعب تعبًا عظيمًا في الاغتسال، في إدخال الماء في أذنيه في إدخال الماء في منخريه وهكذا فيتعب، كل هذا داخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون ) فكل من شدد على نفسه في أمر قد وسع الله له فيه فإنه يدخل في هذا الحديث، والله الموفق.
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون ) الهلاك ضد البقاء، يعني أنهم تلفوا وخسروا، والمتنطعون هم المتشددون في أمورهم الدينية والدنيوية، ولهذا جاء في الحديث: ( لا تشددوا فيشدد الله عليكم ) وانظر إلى قصة بني إسرائيل حين قتلوا قتيلًا فتدارؤوا فيه وتنازعوا حتى كادت الفتنة أن تثور بينهم، فقال لهم موسى عليه الصلاة والسلام: (( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً )) يعني وتأخذوا جزءا منها فتضربوا به القتيل ثم يخبركم من الذي قتله، فقالوا له: (( أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً )) يعني: أن تقول لنا اذبحوا بقرة واضربوا ببعضها القتيل ثم يخبركم بمن قتله، لو أنهم استسلموا وسلموا لأمر الله وذبحوا أي بقرة كانت لحصل مقصودهم، لكنهم تعنتوا تعنتوا فهلكوا قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي؟ ثم قالوا: ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها؟ ثم قالوا: ادع لنا ربك يبين لنا ما هي وما عملها؟ وبعد أن شُدد عليهم ذبحوها وما كادوا يفعلون، كذلك أيضًا من التشديد في العبادة أن يشدد الإنسان على نفسه في الصلاة أو في الصوم أو في غير ذلك مما يسَّره الله عليه، فإنه إذا شَدد على نفسه فيما يسر الله عليه فهو هالك، ومن ذلك ما يفعله بعض المرضى ولاسيما في رمضان يكون الله قد أباح له الفطر وهو مريض يحتاج إلى الفطر أكل وشرب، ولكنه يشدد على نفسه فيبقى صائمًا فهذا أيضًا نقول: إنه ينطبق عليه الحديث ( هلك المتنطعون ) ومن ذلك ما يفعله بعض الطلبة المجتهدين في باب التوحيد تجدهم إذا مرت بهم الآيات أو الأحاديث من صفات الرب عز وجل جعلوا ينقبون عنها، ويسألون أسئلة ما كُلِّفوا بها ولا درج عليها سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الهدى من بعدهم، فتجد الواحد ينقب عن أشياء ليست من الأمور التي كلف بها تنطعًا وتشدقًا، فنحن نقول لهؤلاء إن كان يسعكم ما وسع الصحابة رضي الله عنهم فأمسكوا، وإن لم يسعكم فلا وسع الله عليكم، وثقوا بأنكم ستقعون في شدة وفي حرج وفي قلق يعني مثلًا بعض الناس يقول: إن الله عز وجل له أصابع كما جاء في الحديث الصحيح: ( ما من قلب من قلوب بني آدم إلا وهو بين أصبعين من أصابع الله ) فيبحث هل لهذه الأصابع كم عددها؟ وهل لها أنامل؟ وكم أناملها؟ وما أشبه ذلك، كذلك مثلًا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول كيف ينزل شلون ينزل ثلث الليل وثلث الليل يدور على الأرض كلها؟ معنى ذلك أنه نازل دائمًا وما أشبه ذلك من الكلام الذي لا يؤجرون عليه ولا يحمدون عليه، بل هم إلى الإثم أقرب منهم إلى السلامة، وهم إلى الذم أقرب منهم إلى المدح، هذه المسائل التي لم يُكلف بها الإنسان وهي من مسائل الغيب، ولم يسأل عنها من هو خير منه وأحرص منه على معرفة الله بأسمائه وصفاته، يجب عليه أن يمسك عنها وأن يقول سمعنا وأطعنا وصدقنا وآمنا، أما أن يبحث أشياء دقيقة ما لها فائدة فإن هذا لا شك أنه من التنطع، ومن ذلك أيضًا: ما يفعله بعض الطلبة من إدخال الاحتمالات العقلية في الدلائل اللفظية، فتجده يقول يحتمل كذا ويحتمل كذا حتى يضيع فائدة النص، وحتى يبقى النص كله مرجوجًا لا يستفاد منه، هذا غلط خذ بظاهر النصوص ودع عنك الاحتمالات العقلية، لو أننا سلطنا الاحتمالات العقلية على الأدلة اللفظية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما بقي لنا حديث واحد أو آية واحدة يستدل بها الإنسان، لو أورد عليها كل شيء، والأمور العقلية هذه قد تكون وهميات وخيالات من الشيطان يلقيها في قلب الإنسان حتى يزعزع عقيدته وإيمانه والعياذ بالله، ومن ذلك أيضًا ما يفعله بعض المتشددين في الوضوء تجدهم مثلًا يتوضأ ثلاثًا أربعًا خمسًا سبعًا أكثر وهو في عافية من ذلك، يذكر أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يتوضأ فإذا وجدت الأرض التي تحته وإذا ليس فيها إلا نقط من الماء من قلة ما يستعمل من الماء، بعض الناس تجده يشدد في الماء فيشدد الله عليه، إذا استرسل مع هذا الوسواس ما كفاه أربع ولا خمس ولا ست ولا أكثر من ذلك، يسترسل معه الشيطان حتى يخرج عن طوره حتى يقول ها هل أحد عاقل يتصرف هذا التصرف، في الاغتسال من الجنابة أيضًا تجده يتعب يتعب تعبًا عظيمًا في الاغتسال، في إدخال الماء في أذنيه في إدخال الماء في منخريه وهكذا فيتعب، كل هذا داخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون ) فكل من شدد على نفسه في أمر قد وسع الله له فيه فإنه يدخل في هذا الحديث، والله الموفق.