شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن حنظلة بن الربيع الأسدي الكاتب أحد كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقال كيف أنت يا حنظلة ؟ قلت نافق حنظلة قال سبحان الله ما تقول قلت نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا قال أبو بكر رضي الله عنه فوالله إنا لنلقى مثل هذا فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت نافق حنظلة يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وما ذاك ) قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي العين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات ) رواه مسلم ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن حنظلة الكاتب أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه قال: لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقلت: نافق حنظلة ) يعني نفسه، ومعنى نافق يعني صار من المنافقين، قال ذلك ظنًّا منه رضي الله عنه أن ما فعله نفاق، فقال أبو بكر: وما ذاك؟ فقال رضي الله عنه: كنا إذا كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا بالنار وبالجنة حتى كأن رأي عين، أو رأيَ عين ) يعني: كأنما نرى الجنة والنار رأي عين من قوة اليقين، حيث يخبرهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كالمشاهد، بل قد يكون أعظم، لأنه خبر من أصدق الخلق صلوات الله وسلامه عليه وأعلم الخلق بالله، ولكنهم ( فإذا خرجنا من عنده عافسنا الأهل والأولاد والضيعات ) يعني لهونا معهم ونسينا ما كنا عليه عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر عن نفسه: ( إنه يصيبه كذلك ) يعني إذا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم وحدثهم عن النار والجنة حتى كأنها رأي عين وخرجوا من عنده وعافسوا الأهل والأولاد والضيعات نسوا كثيرًا ( ثم ذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما وصلا إليه قال حنظلة: نافق حنظلة يا رسول الله، قال: وما ذاك؟ فأخبره بأنهم إذا كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم فحدثهم عن الجنة والنار أخذهم من اليقين ما يجعلهم كأنهم يرونهما رأي العين، ولكن إذا خرجوا عافسوا الأهل والأولاد والضيعات وتلهوا بهم نسوا كثيرًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو تكونون على ما تكونون عليه عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ) من شدة اليقين تصافحكم إكرامًا لكم وتثبيتًا لكم، لأنه كلما زاد يقين العبد فإن الله سبحانه وتعالى يثبته ويقويه كما قال تعالى: (( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ )) ( ولكن يا حنظلة ساعة وساعة، ساعة وساعة، ساعة وساعة ) يعني ساعة للرب عز وجل وساعة مع الأهل والأولاد وساعة للنفس، حتى يعطي الإنسان نفسه راحتها ويعطي ذوي الحقوق حقوقهم، وهذا من عدل الشريعة الإسلامية وكمالها أن الله عز وجل له حق فيعطى حقه عز وجل، وكذلك للنفس حق فتعطى حقها، وللأهل حق فيعطون حقوقهم، وللزوار والضيوف حق فيعطون حقوقهم، حتى يقوم الإنسان بجميع الحقوق التي عليه على وجه الراحة، ويتعبد لله عز وجل براحة، لأن الإنسان إذا أثقل على نفسه وشدد عليها مل وتعب وأضاع حقوقًا كثيرة، وهذا كما يكون في العبادة وفي حقوق النفس والأهل والضيف، يكون كذلك أيضًا في العلوم إذا طلب الإنسان العلم ورأى من نفسه مللًا في مراجعة كتاب ما فلينتقل إلى كتاب آخر، أو رأى نفسه مالًّا من دراسة فن معين ينتقل إلى دراسة فن آخر وهكذا، يريح نفسه ويحصل علمًا كثيرًا، أما إذا أكره نفسه على الشيء فهذا ربما يحصل عليه الملل والتعب ويسأم وينصرف إلا ما شاء الله، فإن بعض الناس يكره نفسه على المراجعة والمطالعة والبحث مع التعب ثم يأخذ عليه ويكون هذا دأبًا له، ويكون ديدنًا له حتى إنه إذا فقد هذا الشيء ضاق صدره والله يؤتي فضله ما يشاء والله ذو الفضل العظيم.
قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن حنظلة الكاتب أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنه قال: لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقلت: نافق حنظلة ) يعني نفسه، ومعنى نافق يعني صار من المنافقين، قال ذلك ظنًّا منه رضي الله عنه أن ما فعله نفاق، فقال أبو بكر: وما ذاك؟ فقال رضي الله عنه: كنا إذا كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم حدثنا بالنار وبالجنة حتى كأن رأي عين، أو رأيَ عين ) يعني: كأنما نرى الجنة والنار رأي عين من قوة اليقين، حيث يخبرهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كالمشاهد، بل قد يكون أعظم، لأنه خبر من أصدق الخلق صلوات الله وسلامه عليه وأعلم الخلق بالله، ولكنهم ( فإذا خرجنا من عنده عافسنا الأهل والأولاد والضيعات ) يعني لهونا معهم ونسينا ما كنا عليه عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر عن نفسه: ( إنه يصيبه كذلك ) يعني إذا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم وحدثهم عن النار والجنة حتى كأنها رأي عين وخرجوا من عنده وعافسوا الأهل والأولاد والضيعات نسوا كثيرًا ( ثم ذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما وصلا إليه قال حنظلة: نافق حنظلة يا رسول الله، قال: وما ذاك؟ فأخبره بأنهم إذا كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم فحدثهم عن الجنة والنار أخذهم من اليقين ما يجعلهم كأنهم يرونهما رأي العين، ولكن إذا خرجوا عافسوا الأهل والأولاد والضيعات وتلهوا بهم نسوا كثيرًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو تكونون على ما تكونون عليه عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ) من شدة اليقين تصافحكم إكرامًا لكم وتثبيتًا لكم، لأنه كلما زاد يقين العبد فإن الله سبحانه وتعالى يثبته ويقويه كما قال تعالى: (( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ )) ( ولكن يا حنظلة ساعة وساعة، ساعة وساعة، ساعة وساعة ) يعني ساعة للرب عز وجل وساعة مع الأهل والأولاد وساعة للنفس، حتى يعطي الإنسان نفسه راحتها ويعطي ذوي الحقوق حقوقهم، وهذا من عدل الشريعة الإسلامية وكمالها أن الله عز وجل له حق فيعطى حقه عز وجل، وكذلك للنفس حق فتعطى حقها، وللأهل حق فيعطون حقوقهم، وللزوار والضيوف حق فيعطون حقوقهم، حتى يقوم الإنسان بجميع الحقوق التي عليه على وجه الراحة، ويتعبد لله عز وجل براحة، لأن الإنسان إذا أثقل على نفسه وشدد عليها مل وتعب وأضاع حقوقًا كثيرة، وهذا كما يكون في العبادة وفي حقوق النفس والأهل والضيف، يكون كذلك أيضًا في العلوم إذا طلب الإنسان العلم ورأى من نفسه مللًا في مراجعة كتاب ما فلينتقل إلى كتاب آخر، أو رأى نفسه مالًّا من دراسة فن معين ينتقل إلى دراسة فن آخر وهكذا، يريح نفسه ويحصل علمًا كثيرًا، أما إذا أكره نفسه على الشيء فهذا ربما يحصل عليه الملل والتعب ويسأم وينصرف إلا ما شاء الله، فإن بعض الناس يكره نفسه على المراجعة والمطالعة والبحث مع التعب ثم يأخذ عليه ويكون هذا دأبًا له، ويكون ديدنًا له حتى إنه إذا فقد هذا الشيء ضاق صدره والله يؤتي فضله ما يشاء والله ذو الفضل العظيم.