شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وقال الله تعالى (( من يطع الرسول فقد أطاع الله )) ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الآيات في باب الأمر بالمحافظة على السنة وآدابها قال: (( من يطع الرسول فقد أطاع الله )) من يطع الرسول محمدًا صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، والطاعة موافقة الأمر، سواء كان ذلك في فعل المأمور أو في ترك المحظور، فإذا قيل طاعة ومعصية صارت الطاعة لفعل المأمور والمعصية لفعل المحظور، أما إذا قيل طاعة على سبيل الإطلاق فإنها تشمل الأوامر والنواهي، يعني: أن امتثال الأوامر طاعة، واجتناب النواهي طاعة، فالذي يطيع النبي صلى الله عليه وسلم في أمره ونهيه أي: إذا أمره امتثل وإذا نهاه اجتنب، فإنه يكون مطيعًا لله عز وجل، هذا منطوق الآية، ومفهومها أن من يعص الرسول فقد عصى الله، وفي هذا دليل في هذه الآية دليل على أن ما ثبت في السنة فإنه كالذي ثبت في القرآن، أي أنه من شريعة الله ويجب التمسك به، ولا يجوز لأحد أن يفرق بين الكتاب والسنة فيما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام محذرًا حينما قال: ( يوشك أن يكون أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر من عندي فيقول: لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ) يعني: أنه يحذر من أنه ربما يأتي زمان على الناس يقولون لا نتبع إلا ما في القرآن، أما في السنة فلا نأخذ بها، وهذا الأمر قد وقع فوجد من الملاحدة من يقول: لا نقبل السنة، لا نقبل إلا القرآن، والحقيقة أنهم كذبة فإنهم لم يقبلوا لا السنة ولا القرآن، لأن القرآن يدل على وجوب اتباع السنة، وأن ما جاء في السنة كالذي جاء في كتاب الله، لكن هم يموهون على العامة ويقولون: إن السنة ما دام ليس قرآنًا يتلى ويتواتر بين المسلمين فإنه قابل للشك وقابل للنسيان وقابل للوهم وما أشبه ذلك، ثم ذكر المؤلف قوله تعالى: (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )) هذا تحذير من الله عز وجل، تحذير للذين يخالفون عن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني: يرغبون عن أمره فيخالفونه، ولهذا لم يقول يخالفون أمره، قالوا: يخالفون عن أمره أي يرغبون عنه فيخالفونه، حذرهم من أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، قال الإمام أحمد: " أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك " والعياذ بالله إذا رد شيئًا من قول الرسول عليه الصلاة والسلام فربما يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك ،يهلك ليس هلاكًا بدنيًّا بل هلاكًا دينيًّا، والهلاك الديني أشد من الهلاك البدني، الهلاك البدني مآل كل حي طالت به الحياة أم قصرت، لكن الهلاك الديني خسارة الدنيا والآخرة والعياذ باالله، وقوله: (( أو يصيبهم عذاب أليم )) يعني أنهم يعاقبون، يعاقبون قبل أن تحل بهم الفتنة نسأل الله العافية، ففي هذا دليل على وجوب قبول أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأن الذي يخالف عنه مهدد بهذه العقوبة أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، والله الموفق.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق ذكر الآيات في باب الأمر بالمحافظة على السنة " وقال تعالى: (( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله )) وقال: (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )) وقال: (( واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة )) والآيات في الباب كثيرة ".