تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال ( أيها الناس إنكم محشورون إلى الله تعالى حفاة عراة غرلا (( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين )) ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم صلى الله عليه وسلم ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح (( كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم )) إلى قوله (( العزيز الحكيم )) فيقال لي إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ) متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه لله تعالى فيما نقله عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فيهم خطيبًا وقد سبق لنا أن خطب النبي صلى الله عليه وسلم على قسمين: خطب راتبة دائمة كخطب الجمعة والعيدين والاستسقاء والكسوف، وخطب عارضة إذا وجد شيء سبب قام خطب عليه الصلاة والسلام، فمن ذلك ما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فينا قال: ( إنكم محشرورن يوم القيامة حفاة عراة غرلًا ) محشورون يعني: مجموعون في صعيد واحد ليس فيه جبال وليس فيه أودية ولا بناء ولا أشجار، يُسمعهم الداعي وينفذهم البصر، يعني: لو دعاهم داع لأسمعهم لأنه ليس هناك ما يحول بينه وبين إسماعهم، وينفذهم البصر أي: يدركهم جميعًا، حفاة عراة غرلًا وفي رواية: ( بُهمًا ) أربع صفات حفاة ليس عليهم نعال ولا خفاف ولا ما يقون به أرجلهم، عراة ليس عليهم كسوة بداية أبشارهم، غرلًا يعني غير مختونين، والختان هو الجلدة التي تكون على الحشفة، وتقطع من أجل تمام الطهارة كما سنبين إن شاء الله، غرلًا بهمًا قال العلماء: بهما أي ليس معهم مال فيكون الإنسان مجردًا من كل شيء، ثم استدل لذلك بقول تعالى: (( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدًا علينا إنا كنا فاعلين )) يعني: أن الله يحشرهم كما بدأهم أول خلق، يخرجون من بطون الأرض كما خرجوا من بطون أمهاتهم، حفاة عراة غرلًا كما بدأنا أول خلق نعيده، قال الله عز وجل: (( وعدًا علينا )) أي مؤكدًا أكده الله على نفسه، لأن هذا المقام يقتضي التوكيد فإن من البشر من كذب بالحشر والعياذ بالله، وقال: (( إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ )) فقال عز وجل: (( وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ )) حدث النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث فقالت عائشة: ( واسوأتاه الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك ) الأمر عظيم ما ينظر أحد لأحد (( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )) فالأمر ليس بحاجة أو ليس من المهم أن ينظر الرجل إلى المرأة عارية أو بالعكس، أو أن ينظر الرجل إلى ابنه عاريًا أو بالعكس، الأمر أعظم من هذا، حتى الرسل عليهم الصلاة والسلام عند عبور الصراط دعاؤهم الله سلم اللهم سلم، لا يدري أحد أينجو أم لم ينج فالأمر عظيم، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك ) ثم قال: ( ألا وإن أول من يُكسى إبراهيم ) إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام هو أول من يُكسى يوم القيامة، وهذه الخصيصة أنه يكون أول من يكسى لا تدل على التفضيل المطلق وأنه أفضل من محمد عليه الصلاة والسلام، لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والرسل سيد ولد آدم يوم القيامة، لا يقوم أحد يشفع للخلائق إلا محمد عليه الصلاة والسلام: (( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً )) لكن قد يخص الله بعض الأنبياء بشيء لا يخص به الآخر، مثل قوله تعالى: (( يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي )) هذا الاصطفاء الرسالات موجودة في غيره، لكن في وقته هو الرسول لبني إسرائيل، كذلك أيضًا قد يخص الله أحدًا بخصيصة من الأنبياء أو غيرهم يتميز بها عن غيره ولا يوجب ذلك الفضل المطلق ( ألا وإن أول من يُكسى إبراهيم عليه الصلاة والسلام ) ولا يقال لماذا أول من يكسى؟ لأن الفضائل لا يسأل عنها، كما قال الله تعالى: (( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )) لا يسأل عنها لأن الإنسان قد يصل فيها إلى نتيجة وقد لا يصل، فكما أن الله تعالى فضَّل بني آدم بعضهم على بعض في الرزق، بعضهم على بعض في كمال الأخلاق والآداب، بعضهم على بعض في العلم، بعضهم على بعض في النشاط البدني أو النشاط الفكري أو غير ذلك، فالله تعالى يؤتي فضله من يشاء، وفي هذا الحديث دليل على أن الناس يُكسون بعد ذلك، أي يخرجون حفاة عراة غرلًا ثم يكسون بعد ذلك، ولكن بأي طريق يكسون؟ الله أعلم، الله أعلم ليس هناك خياطين ولا هناك ثيبًا تفصل ولا شيء، الله أعلم الذي خلقهم هو الذي يكسوهم سبحانه وتعالى، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال: أيها الناس إنكم محشورون إلى الله تعالى حفاة عراة غرلًا (( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدًا علينا إنا كنا فاعلين )) ألا وإن أول الخلائق يُكسى يوم القيامة إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: (( وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد )) إلى قوله: (( العزيز الحكيم )) فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ) متفق عليه ".
قال المؤلف رحمه لله تعالى فيما نقله عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فيهم خطيبًا وقد سبق لنا أن خطب النبي صلى الله عليه وسلم على قسمين: خطب راتبة دائمة كخطب الجمعة والعيدين والاستسقاء والكسوف، وخطب عارضة إذا وجد شيء سبب قام خطب عليه الصلاة والسلام، فمن ذلك ما ذكره ابن عباس رضي الله عنهما هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فينا قال: ( إنكم محشرورن يوم القيامة حفاة عراة غرلًا ) محشورون يعني: مجموعون في صعيد واحد ليس فيه جبال وليس فيه أودية ولا بناء ولا أشجار، يُسمعهم الداعي وينفذهم البصر، يعني: لو دعاهم داع لأسمعهم لأنه ليس هناك ما يحول بينه وبين إسماعهم، وينفذهم البصر أي: يدركهم جميعًا، حفاة عراة غرلًا وفي رواية: ( بُهمًا ) أربع صفات حفاة ليس عليهم نعال ولا خفاف ولا ما يقون به أرجلهم، عراة ليس عليهم كسوة بداية أبشارهم، غرلًا يعني غير مختونين، والختان هو الجلدة التي تكون على الحشفة، وتقطع من أجل تمام الطهارة كما سنبين إن شاء الله، غرلًا بهمًا قال العلماء: بهما أي ليس معهم مال فيكون الإنسان مجردًا من كل شيء، ثم استدل لذلك بقول تعالى: (( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدًا علينا إنا كنا فاعلين )) يعني: أن الله يحشرهم كما بدأهم أول خلق، يخرجون من بطون الأرض كما خرجوا من بطون أمهاتهم، حفاة عراة غرلًا كما بدأنا أول خلق نعيده، قال الله عز وجل: (( وعدًا علينا )) أي مؤكدًا أكده الله على نفسه، لأن هذا المقام يقتضي التوكيد فإن من البشر من كذب بالحشر والعياذ بالله، وقال: (( إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ )) فقال عز وجل: (( وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ )) حدث النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الحديث فقالت عائشة: ( واسوأتاه الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟! قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك ) الأمر عظيم ما ينظر أحد لأحد (( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )) فالأمر ليس بحاجة أو ليس من المهم أن ينظر الرجل إلى المرأة عارية أو بالعكس، أو أن ينظر الرجل إلى ابنه عاريًا أو بالعكس، الأمر أعظم من هذا، حتى الرسل عليهم الصلاة والسلام عند عبور الصراط دعاؤهم الله سلم اللهم سلم، لا يدري أحد أينجو أم لم ينج فالأمر عظيم، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك ) ثم قال: ( ألا وإن أول من يُكسى إبراهيم ) إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام هو أول من يُكسى يوم القيامة، وهذه الخصيصة أنه يكون أول من يكسى لا تدل على التفضيل المطلق وأنه أفضل من محمد عليه الصلاة والسلام، لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والرسل سيد ولد آدم يوم القيامة، لا يقوم أحد يشفع للخلائق إلا محمد عليه الصلاة والسلام: (( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً )) لكن قد يخص الله بعض الأنبياء بشيء لا يخص به الآخر، مثل قوله تعالى: (( يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي )) هذا الاصطفاء الرسالات موجودة في غيره، لكن في وقته هو الرسول لبني إسرائيل، كذلك أيضًا قد يخص الله أحدًا بخصيصة من الأنبياء أو غيرهم يتميز بها عن غيره ولا يوجب ذلك الفضل المطلق ( ألا وإن أول من يُكسى إبراهيم عليه الصلاة والسلام ) ولا يقال لماذا أول من يكسى؟ لأن الفضائل لا يسأل عنها، كما قال الله تعالى: (( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )) لا يسأل عنها لأن الإنسان قد يصل فيها إلى نتيجة وقد لا يصل، فكما أن الله تعالى فضَّل بني آدم بعضهم على بعض في الرزق، بعضهم على بعض في كمال الأخلاق والآداب، بعضهم على بعض في العلم، بعضهم على بعض في النشاط البدني أو النشاط الفكري أو غير ذلك، فالله تعالى يؤتي فضله من يشاء، وفي هذا الحديث دليل على أن الناس يُكسون بعد ذلك، أي يخرجون حفاة عراة غرلًا ثم يكسون بعد ذلك، ولكن بأي طريق يكسون؟ الله أعلم، الله أعلم ليس هناك خياطين ولا هناك ثيبًا تفصل ولا شيء، الله أعلم الذي خلقهم هو الذي يكسوهم سبحانه وتعالى، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى: " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال: أيها الناس إنكم محشورون إلى الله تعالى حفاة عراة غرلًا (( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدًا علينا إنا كنا فاعلين )) ألا وإن أول الخلائق يُكسى يوم القيامة إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: (( وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد )) إلى قوله: (( العزيز الحكيم )) فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ) متفق عليه ".