شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن عابس بن ربيعة قال رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقبل الحجر يعني الأسود ويقول إني أعلم أنك حجر ما تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هذا الحديث الذي ذكره المؤلف رحمه الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في باب الأمر باتباع السنة وآدابها، كان رضي الله عنه يطوف بالبيت بالكعبة فقبَّل الحجر الأسود، والحجر كما نعلم حجر من الأرض جعل في هذا الركن وأمر الله عز وجل بل وشرع الله سبحانه وتعالى لعباده أن يقبلوه لكمال الذل والعبودية، ولهذا قال عمر حين قبله: ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ) وصدق رضي الله عنه فإن الأحجار لا تضر ولا تنفع، الضرر والنفع بيد الله عز وجل (( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ )) ولكن بيّن رضي الله عنه أن تقبيله إياه لمجرد اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبَّلتك ) يعني: فأنا أقبلك اتباعًا للسنة لا رجاء للنفع أو الضرر، ولكن لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، ولهذا لا يشرع أن يقبَّل شيء من الكعبة المشرفة إلا الحجر الأسود فقط، أما الركن اليماني فيستلم يعني يمسح ولا يقبل، الحجر الأسود أفضل شيء أن يستلمه الإنسان ويقبله، يستلمه يعني يمسحه بيده اليمني ويقبله، فإن لم يمكن استلمه وقبل يده، فإن لم يمكن أشار إليه بشيء معه أو بيده ولكن لا يقبل ما أشار به، لأن هذا الذي أشار به لم يمس الحجر حتى يقبله، أما الركن اليماني فليس فيه إلا استلام فقط، ويكون الاستلام باليد اليمنى، ونرى بعض الناس الجهال يستلم باليد اليسرى، واليد اليسرى كما قال أهل العلم: لا تستعمل إلا في الأذى في القذر والنجاسات وما أشبهها، أما أن تعظم بها شعائر الله فلا، لكن أكثر الناس جهال يمكن لا يدرون لماذا استلموا هذا الشيء، ثم إن بقية الأركان الركن الشامي والعراقي يعني الشمالي الشرقي والشمالي الغربي هذان الركنان لا يقبلان ولا يمسحان، وذلك لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، قواعد إبراهيم متعدية وذلك أن قريشًا لما أرادوا بناء الكعبة قالوا: لن نبنيها إلا بمال طيب لا نبنيها بأموال الربا، شوف لله الحمد، الله يعظم بيته حتى على يد الكفار، قالوا: لا يمكن نبنيها بأموال الربا والحرام، فجمعوا المال الطيب فلم يكف لبنائها على قواعد إبراهيم، فكروا من أي جانب ينقصوها قالوا ننقصها من الشمال لأن الجانب اليماني الجنوبي فيه الحجر الأسود ولا يمكن أن ننقصها من جانب الحجر الأسود، فنقصوها من هناك فلم تكن على قواعد إبراهيم، ولذلك لم يقبل النبي عليه الصلاة والسلام ولم يمسح الركن الشمالي الشرقي ولا الركن الشمالي الغربي، ولما طاف معاوية رضي الله عنه ذات سنة وكان معه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما جعل معاوية يمسح الأركان الأربعة، الحجر الأسود والركن اليماني والشمالي والغربي فقال له ابن عباس: ( كيف تمسح الركنين الشماليين والنبي عليه الصلاة والسلام لم يمسح إلا الركن اليماني والحجر الأسود؟ فقال له معاوية : إنه ليس شيء من البيت مهجورًا ) يعني: البيت ما يهجر، كله يحترم ويعظم، فقال ابن عباس رضي الله عنهما وهو أفقه من معاوية قال: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، وما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح إلا الركنين اليمانيين ) يعني: ركن الحجر والركن اليماني، فقال: ( صدقت ورجع إلى قوله ) لأن الخلفاء فيما سبق وإن كانوا كالملوك في الأبهة والعظمة لكنهم يرجعون إلى الحق، ولهذا رجع معاوية رضي الله عنه إلى الحق وقال له : ( صدقت ) وترك مسح الركن الشمالي الشرقي أو الركن الشمالي الغربي، وفي هذا الحديث الذي ذكره المؤلف عن عمر رضي الله عنه دليل على جهالة أولئك القوم الذين نشاهدهم يقف عند الركن اليماني فيمسحه بيده ويكون معه طفل قد حمله
فيمسح يده على الطفل يتبرك به، وكذلك لو تيسر له الحجر الأسود هذا لا شك أنه بدعة وأنه نوع من الشرك الأصغر، نوع من الشرك كيف؟ لأن هؤلاء جعلوا ما ليس سببًا سببًا، والقاعدة: أن كل أحد يجعل شيئًا سببًا لشيء بدون إذن من الشارع فإنه يكون مبتدعًا، ولهذا يجب على من رأى أحدًا يفعل هذا أن ينصحه يقول: هذا غير مشروع هذا بدعة، حتى لا يظن الناس أن الأحجار تنفع أو تضر، ثم تتعلق قلوبهم بها في شيء أكبر وأعظم من هذا، المهم أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بين أنه لا يفعل ذلك إلا اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وإلا يعلم أنه ما فيه نفع ولا ضر، وفي هذا دليل على أن كمال التعبد لله كمال التعبد أن ينقاد الإنسان لله عز وجل سواء عرف السبب والحكمة في المشروع -لا يكون انتهى الوجه- سواء عرف الحكمة والسبب في المشروعية أم لم يعرف، أنت مؤمن قيل لك افعل قل: سمعنا وأطعنا، إن عرفت الحكمة فهو نور على نور وإن لم تعرف فالحكمة أمر الله ورسوله، ولهذا قال الله في كتابه: (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )) وسئلت عائشة رضي الله عنها: ( لماذا تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت : كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) كأنها رضي الله عنها قالت: إن وظيفة المؤمن أن يعمل بالشرع سواء عرف الحكمة أم لم يعرف، وهذا هو الحقيقة، نسأل الله أن يرزقني وإياكم اتباع سنة نبينا صلى الله عليه وسلم وأن يتوفانا عليها وأن يحشرنا في زمرته إنه جواد كريم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هذا الحديث الذي ذكره المؤلف رحمه الله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في باب الأمر باتباع السنة وآدابها، كان رضي الله عنه يطوف بالبيت بالكعبة فقبَّل الحجر الأسود، والحجر كما نعلم حجر من الأرض جعل في هذا الركن وأمر الله عز وجل بل وشرع الله سبحانه وتعالى لعباده أن يقبلوه لكمال الذل والعبودية، ولهذا قال عمر حين قبله: ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ) وصدق رضي الله عنه فإن الأحجار لا تضر ولا تنفع، الضرر والنفع بيد الله عز وجل (( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ )) ولكن بيّن رضي الله عنه أن تقبيله إياه لمجرد اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبَّلتك ) يعني: فأنا أقبلك اتباعًا للسنة لا رجاء للنفع أو الضرر، ولكن لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، ولهذا لا يشرع أن يقبَّل شيء من الكعبة المشرفة إلا الحجر الأسود فقط، أما الركن اليماني فيستلم يعني يمسح ولا يقبل، الحجر الأسود أفضل شيء أن يستلمه الإنسان ويقبله، يستلمه يعني يمسحه بيده اليمني ويقبله، فإن لم يمكن استلمه وقبل يده، فإن لم يمكن أشار إليه بشيء معه أو بيده ولكن لا يقبل ما أشار به، لأن هذا الذي أشار به لم يمس الحجر حتى يقبله، أما الركن اليماني فليس فيه إلا استلام فقط، ويكون الاستلام باليد اليمنى، ونرى بعض الناس الجهال يستلم باليد اليسرى، واليد اليسرى كما قال أهل العلم: لا تستعمل إلا في الأذى في القذر والنجاسات وما أشبهها، أما أن تعظم بها شعائر الله فلا، لكن أكثر الناس جهال يمكن لا يدرون لماذا استلموا هذا الشيء، ثم إن بقية الأركان الركن الشامي والعراقي يعني الشمالي الشرقي والشمالي الغربي هذان الركنان لا يقبلان ولا يمسحان، وذلك لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم، قواعد إبراهيم متعدية وذلك أن قريشًا لما أرادوا بناء الكعبة قالوا: لن نبنيها إلا بمال طيب لا نبنيها بأموال الربا، شوف لله الحمد، الله يعظم بيته حتى على يد الكفار، قالوا: لا يمكن نبنيها بأموال الربا والحرام، فجمعوا المال الطيب فلم يكف لبنائها على قواعد إبراهيم، فكروا من أي جانب ينقصوها قالوا ننقصها من الشمال لأن الجانب اليماني الجنوبي فيه الحجر الأسود ولا يمكن أن ننقصها من جانب الحجر الأسود، فنقصوها من هناك فلم تكن على قواعد إبراهيم، ولذلك لم يقبل النبي عليه الصلاة والسلام ولم يمسح الركن الشمالي الشرقي ولا الركن الشمالي الغربي، ولما طاف معاوية رضي الله عنه ذات سنة وكان معه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما جعل معاوية يمسح الأركان الأربعة، الحجر الأسود والركن اليماني والشمالي والغربي فقال له ابن عباس: ( كيف تمسح الركنين الشماليين والنبي عليه الصلاة والسلام لم يمسح إلا الركن اليماني والحجر الأسود؟ فقال له معاوية : إنه ليس شيء من البيت مهجورًا ) يعني: البيت ما يهجر، كله يحترم ويعظم، فقال ابن عباس رضي الله عنهما وهو أفقه من معاوية قال: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، وما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح إلا الركنين اليمانيين ) يعني: ركن الحجر والركن اليماني، فقال: ( صدقت ورجع إلى قوله ) لأن الخلفاء فيما سبق وإن كانوا كالملوك في الأبهة والعظمة لكنهم يرجعون إلى الحق، ولهذا رجع معاوية رضي الله عنه إلى الحق وقال له : ( صدقت ) وترك مسح الركن الشمالي الشرقي أو الركن الشمالي الغربي، وفي هذا الحديث الذي ذكره المؤلف عن عمر رضي الله عنه دليل على جهالة أولئك القوم الذين نشاهدهم يقف عند الركن اليماني فيمسحه بيده ويكون معه طفل قد حمله
فيمسح يده على الطفل يتبرك به، وكذلك لو تيسر له الحجر الأسود هذا لا شك أنه بدعة وأنه نوع من الشرك الأصغر، نوع من الشرك كيف؟ لأن هؤلاء جعلوا ما ليس سببًا سببًا، والقاعدة: أن كل أحد يجعل شيئًا سببًا لشيء بدون إذن من الشارع فإنه يكون مبتدعًا، ولهذا يجب على من رأى أحدًا يفعل هذا أن ينصحه يقول: هذا غير مشروع هذا بدعة، حتى لا يظن الناس أن الأحجار تنفع أو تضر، ثم تتعلق قلوبهم بها في شيء أكبر وأعظم من هذا، المهم أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بين أنه لا يفعل ذلك إلا اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وإلا يعلم أنه ما فيه نفع ولا ضر، وفي هذا دليل على أن كمال التعبد لله كمال التعبد أن ينقاد الإنسان لله عز وجل سواء عرف السبب والحكمة في المشروع -لا يكون انتهى الوجه- سواء عرف الحكمة والسبب في المشروعية أم لم يعرف، أنت مؤمن قيل لك افعل قل: سمعنا وأطعنا، إن عرفت الحكمة فهو نور على نور وإن لم تعرف فالحكمة أمر الله ورسوله، ولهذا قال الله في كتابه: (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )) وسئلت عائشة رضي الله عنها: ( لماذا تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت : كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) كأنها رضي الله عنها قالت: إن وظيفة المؤمن أن يعمل بالشرع سواء عرف الحكمة أم لم يعرف، وهذا هو الحقيقة، نسأل الله أن يرزقني وإياكم اتباع سنة نبينا صلى الله عليه وسلم وأن يتوفانا عليها وأن يحشرنا في زمرته إنه جواد كريم.