تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ...عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله تعالى فيه برهان وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ) متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : هذا الحديث تقدم الكلام على أكثر جمله، وبقي فيه الجملة الأخيرة وهي قوله رضي الله عنه فيما بايعوا عليه النبي صلى الله عليه وسلم ( وأن نقوم بالحق أينما كنا ) يعني أن نقوم بالحق الذي هو دين الإسلام وشرائعه العظام أينما كنا يعني في أي مكان، سواء في البلد أو في البر أو في البحر أو في أي مكان، وسواء في بلاد الكفر أو في بلاد الإسلام نقوم بالحق أينما كنا لا تأخذنا في الله لومة لائم، يعني لا يهمنا إذا لامنا أحد في دين الله، لأننا نقوم بالحق، فمثلًا لو أراد الإنسان أن يطبق سنة يستنكرها العامة فإن هذا الاستنكار لا يمنع الإنسان من أن يقوم بهذه السنة، ولنضرب لهذا مثلًا تسوية الصفوف في صلاة الجماعة، أكثر العوام يستنكر إذا قال الإمام: استووا وجعل ينظر إليهم، ويقول: تقدم يا فلان تأخر يا فلان أو تأخر الإمام عن الدخول في الصلاة حتى تستوي الصفوف، يستنكرون هذا ويغضبون منه حتى إن بعضهم قيل له مرة من المرات: يا فلان تأخر تراك متقدم، فقال من الغضب والزعل: إن شئت خرجت من المسجد كله وتركته لك، أعوذ بالله فمثل هذا لا ينبغي للإنسان أن تأخذه لومة لائم في الله، بل يصبر ويمرن الناس على السنة، والناس إذا تمرنوا على السنة أخذوا عليها وهانت عليهم، لكن إذا رأى أن هؤلاء العوام جفاة جدًّا، ففي هذه الحال ينبغي أن يعلمهم أولًا حتى تستقر نفوسهم وتألف السنة إذا طبقت، فيحصل بذلك الخير، ومن ذلك أيضًا أن العامة يستنكرون سجود السهو بعد السلام، ومعلوم أن السنة وردت به، إذا كان السهو عن زيادة أو عن شك مترجح به أحد الطرفين فإنه يسجد بعد السلام لا قبل السلام، هذه السنة حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: " إنه يجب أن يسجد بعد السلام إذا كان السجود بعد السلام، وقبل السلام إذا كان السجود قبله " يعني لم يجعل هذا على سبيل الأفضلية بل على سبيل الوجوب، سجد أحد الأئمة بعد السلام لسهو سها في صلاته زاد أو شك شكًّا مترجحًا فيه وبنى على الراجح فسجد بعد السلام، فلما سجد بعد السلام ثار عليه العامة، ويش هذا الدين الجديد؟ هذا غلط، قال رجل من الناس: فقلت لهم: هذا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام سلم النبي عليه الصلاة والسلام من ركعتين ثم أخبروه فأكمل صلاته ثم سلم ثم سجد للسهو بعد السلام، قالوا: أبدًا ولا نقبل، طيب من ترضون من الناس من العلماء؟ قالوا: نرضى فلانًا وفلانًا يلا الموعد في المغرب في بيته لأنه كان يجلس في بيته بعد المغرب وذهبوا إليه وأخبروه، فقال لهم: هذا صحيح هذا هو السنة، فبعض الأئمة يأنف أن يسجد بعد السلام وهو يعلم أن السنة أن يكون السجود بعد السلام خوفًا من ألسنة العامة، وهذا خلاف ما بايع النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه عليه، قم بالحق ولا تخف في الله لومة لائم، كذلك أيضًا فيما يتعلق بالصدق في المعاملة، بعض الناس إذا أخبر الإنسان بما عليه الأمر بحسب الواقع قالوا هذا وساوس، هذه وسوسة ما هو لازم يعلم، ما هو بلازم يعلم بكل شيء عيب في السلعة، قال: هذا سهل ما يخالف الناس يرضونه سيارة مثلًا مسكر مزين لو كان فيها خدوش بالأول زيناها نبيعها ولا نعلِّم، إذا علمت فأنت موسوس، طيب ليش؟ لأن هذا شيء ما هو بلازم نعلِّم الناس، والواجب أن الإنسان يتقي الله عز وجل ويقوم بالعدل ويقوم باللازم ولا تأخذه في الله لومة لائم، ولكن كما قلت أولًا: إذا كان عند عامة جفاة جفاة جفاة فالأحسن أن يبلغهم الشرع قبل أن يطبق، من أجل أن تهدأ نفوسهم وإذا طبق الشرع إذا هم قد حصل عندهم علم منه فلم يحصل منهم نفور، والله الموفق.