شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ) رواه الترمذي وقال حديث حسن ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن ينزل عليكم عقابًا ثم تدعونه فلا يستجيب لكم ) أقسم النبي عليه الصلاة والسلام أننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، فإن لم نفعل فإنه يوشك يعني يقرب أن الله ينزل علينا عقابًا ثم ندعوه برفع هذا العقاب فلا يستجيب لنا نسأل الله العافية، ففي هذا دليل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو فرض، وهو من أهم واجبات الدين، حتى إن بعض العلماء قال: إنه ركن سادس من أركان الإسلام، ولكن الصحيح أنه ليس ركنًا سادسًا لكنه من أهم الواجبات وأفرض الفروض، والأمة إذا لم تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فإنها سوف تتفرق بها الأهواء وسيكون كل قوم لهم منهاج يسيرون عليه، ولكنهم إذا أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر اتفقت أو اتفق منهاجهم وصاروا أمة واحدة كما أمرهم الله بذلك: (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )) (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) ولكن على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يلاحظ مسألة مهمة، وهي أن يكون قصده بذلك إصلاح أخيه لا الانتقام منه والاستئثار عليه، لأنه ربما إذا قصد الانتقام منه والاستئثار عليه يعجب بنفسه وبعمله ويحقر أخاه، وربما يستبعد أن يرحمه الله ويقول هذا بعيد من رحمة الله ثم بعد ذلك يحبط عمله، كما جاء ذلك في الحديث الذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن رجلًا قال لرجل آخر مسرف على نفسه: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألى علي ألا يغفر لفلان قد غفرت له وأبطلت عملك ) فانظر هذه الكلمة والعياذ بالله تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته، هلك كل عمله كل سعيه، لأنه حمله إعجابه بنفسه واحتقاره لأخيه واستبعاده رحمة الله على أن يقول هذه المقالة، فحصل بذلك أن أوبقت هذه الكلمة دنياه وآخرته، فالمهم أنه يجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يستحضر هذا المعنى، ألا يكون قصده الانتصار لنفسه أو الانتقام من أخيه، بل يكون كالمريض المخلص قصده دواء هذا المريض بالمنكر، يعني دواء هذا المريض الذي مرض بالمنكر أن يعالجه معالجة تقيه شر هذا المنكر، أو ترك واجبًا يعالجه معالجة تحمله على فعل الواجب، وإذا علم الله من نيته الإخلاص جعل في سعيه بركة وهدى به من شاء من عباده فحصل على خير كثير، والله الموفق.