شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية (( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )) وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه ) رواه أبو داود والترمذي بسند جيد ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: ( أما بعد أيها الناس فإنكم تقرؤون هذه الآية (( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )) ) وهذه الآية ظاهرها أن الإنسان إذا اهتدى بنفسه فإنه لا يضره ضلال الناس، لأنه استقام بنفسه فإذا استقام بنفسه فشأن غيره على الله عز وجل فقد يفسرها بعض الناس ويفهم منها معنى فاسدًا يظن أن هذا هو المراد بالآية الكريمة وليس كذلك، فإن الله اشترط لكون من ضل لا يضرنا أن نهتدي، فقال : (( لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ )) ومن الاهتداء أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، فإذا كان هذا من الاهتداء فلا بد أن نسلم من الضرر وذلك بالأمر المعروف والنهي عن المنكر، ولهذا قال رضي الله عنه: وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أو فلم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ) يعني أنهم يضرهم من ضل إذا كانوا يرون الضال ولا يأمرونه بالمعروف ولا ينهونه عن المنكر فإنه يوشك أن يعمهم الله بالعقاب الفاعل والغافل، الفاعل للمنكر والغافل الذي لم ينه عن المنكر، وفي هذا دليل على أنه يجب على الإنسان العناية بفهم كتاب الله عز وجل حتى لا يفهمه على غير ما أراد الله، وأن الناس قد يظنون المعنى خلاف ما أراد الله به في كتابه فيضلوا بتفسير القرآن، ولهذا جاء في الحديث الوعيد على من قال في القرآن برأيه يعني فسره بما يرى ويهوى لا بمقتضى اللغة العربية والشريعة الإسلامية، يعني إذا فسر الإنسان القرآن بهواه ورأيه فليتبوأ مقعده من النار أما من فسره بمقتضى اللغة العربية وهو ممن يعرف اللغة العربية فهذا لا إثم عليه، لأن القرآن باللسان العربي فيفسر بما يدل عليه، وكذلك إذا كانت الكلمات قد نقلت من المعنى اللغوي إلى المعنى الشرعي وفسرها بمعناها الشرعي فلا حرج عليه، فالمهم أنه يجب على الإنسان أن يكون فاهمًا لمراد الله عز وجل في كتابه، وكذلك لمراد النبي صلى الله عليه وسلم في سنته حتى لا يفسرهما بغير ما أريد بهما، والله الموفق.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.