تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان ) متفق عليه وفي رواية ( وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ) ... " . حفظ
الشيخ : وقد برز النفاق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر لما قتل صناديد قريش في بدر وصارت الغلبة للمسلمين، ظهر النفاق فأظهر الناس هؤلاء المنافقون أظهروا أنهم مسلمون وهم كفار (( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ )) قال الله تعالى: (( اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )) (( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّه )) يقول: (( نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّه )) يؤكدون هذه الجملة بالشهادة، وبإنَّ، واللام، فقال الله تعالى: (( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ )) شهادة بشهادة أقوى منها، يشهد إنهم لكاذبون في قولهم: إنا نشهد أنك رسول الله لا في أن محمدًا رسول الله، ولهذا استدرك فقال: (( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ )) المنافق له علامات يعرفها ذو الفراسة الذي أعطاه الله تعالى فراسة ونورًا في قلبه يعرف المنافق من تتبع أحواله، وهناك علامات ظاهرة لا تحتاج إلى فراسة منها هذه الثلاثة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا حدث كذب ) يقول صار كذا وصار كذا وصار كذا فإذا بحثت وجدت أنه كذب ما صار، فإذا رأيت الإنسان يكذب فاعلم أن في قلبه شعبة من النفاق، الثاني: ( إذا وعد أخلف ) يعدك ولكن يخلف، يقول لك مثلًا: آجي إليك في الساعة السادسة صباحًا ولكن ما يأتي، آتي إليك غدًا بعد صلاة الظهر ولكن ما يأتي، أعطيك كذا وكذا ولكن ما يعطيك، إذا وعد أخلف، والمؤمن إذا وعد وفى، كما قال تعالى: (( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا )) لكن المنافق يعدك ويغرك لا يفي لك، فإذا وجدت الرجل يغدر كثيرًا بما وعد ولا يفي ففي قلبه شعبة من النفاق والعياذ بالله، الثالث: ( إذا اؤتمن خان ) وهذ الشاهد من هذا الحديث للباب، إذا ائتمنته على مال خانك، إذا ائتمنه على سر كلام بينك وبينه خانك، إذا ائتمنته على أهلك خانك، إذا ائتمنته على بيع أو شراء خانك، يخون كل ما ائتمنه على شيء يخونك والعياذ بالله، فهذا علامة النفاق يدل على أن ما في قلبه شعبة من النفاق، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الخبر لأمرين: الأمر الأول: أن نحذر من هذه الصفات الثلاث الذميمة لأنها من علامات النفاق، ويخشى أن يكون هذا النفاق العملي يؤدي إلى النفاق الاعتقادي والعياذ بالله، فيكون الإنسان منافقًا نفاق إيمان فيخرج من الإسلام وهو لا يشعر، فأخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا لنحذر، الثاني: لنحذر من يتصف بهذه الصفات ونعلم أنه منافق يخدعنا ويلعب بنا ... علينا ويغرنا، فالفائدة من الخبر بهذا أمران أولًا: أن نتجنب ذلك في أنفسنا، والثاني: أن نحذر من يتصف بهذه الصفات ونعلم أنه منافق ولا نثق به ولا نعتمد عليه في شيء لأنه منافق والعياذ بالله، إذًا عكس ذلك من علامات الإيمان المؤمن إذا حدث صدق، المؤمن إذا وعد وفى، المؤمن إذا اؤتمن أدى الأمانة على وجهها، هذا هو المؤمن، ومن الأسف أن قومًا من السفهاء عندنا يقول: إذا وعدت بوعد قال: هل هو وعد إنجليزي ولا وعد عربي؟ لأن الإنجليز هم اللي يوفون بالوعد وهذا لا شك أنه سفه وغرور بهؤلاء الكفرة، الإنجليز فيهم مسلمون وفيهم مؤمنون لكن جملتهم كفار ووفاؤهم بالوعد لا يبتغون به وجه الله، لكن يبتغون به أن يحسنوا سلوكهم عند الناس، المؤمن في الحقيقة هو الذي يفي تمامًا ولهذا يجب إذا أردت أن تؤكد تقول لصاحبك: هل هو وعد مؤمن أو عد منافق هذا الصواب، أما وعد إنجليزي ولا وعد عربي هل ميعادك لي وعد مؤمن لا تخلف أو وعد منافق تخلف، إن وفى فهو مؤمن إن أخلف فهو منافق، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من النفاق العملي والعقدي إنه جواد كريم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.