شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنا انتظر الآخر حدثنا ( أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر المجل كجمر دحركته رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شيء ثم أخذ حصاة فدحرجها على رجله فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال إن في بني فلان رجلا أمينا حتى يقال للرجل ما أجلده ما أظرفه ما أعقله وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ولقد أتى على زمان وما أبالي أيكم بايعت لئن كان مسلما ليردنه على دينه وإن كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه على ساعيه وأما اليوم فما كنت أبايع منكم إلا فلانا وفلانا ) متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( حدثنا ) يقول حذيفة ( بحديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر ) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه أحيانًا بما يرى أنه مناسب، والنبي عليه الصلاة والسلام إذا حدث أحدًا بشيء فإنه حديث له وللأمة إلى يوم القيامة، وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقال له صاحب السر، صاحب السر لأن النبي صلى الله عليه وسلم حدثه عن قوم من المنافقين علمهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر بهم حذيفة وكانوا نحو ثلاثة عشر رجلًا سماهم بأسمائهم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لشدة خوفه من الله يلتقي بحذيفة فيقول: ( أنشدك الله هل سماني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مَن سمى مِن المنافقين؟ ) هذا وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي هو أفضل هذه الأمة بعد نبيها وأبي بكر، يعني هو الثاني بعد الرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الأمة، وله من اليقين والمقامات العظيمة ما هو معلوم حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن يكن فيكم محدثون فعمر ) يعني: إن كان فيكم أحد ملهم للصواب فإنه عمر يمدحه ويثني عليه بموافقته للصواب وإيمانه رضي الله عنه معروف مشهور يقول: ( أنشدك الله هل سماني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مَن سمى مِن المنافقين؟ فيقول: لا ) يقوله حذيفة ولا يزكي بعدك أحدًا، ثم ذكر رضي الله عنه ما حدثه به النبي صلى الله عليه وسلم من نزع الأمانة من قلوب الرجال أن الله جعل الأمانة في جذر قلوب الرجال يعني: في أصلها ( ثم أنزل عليهم من القرآن والسنة ) ما يثبت هذا الأصل ويؤيد هذا الأصل فجاء القرآن والسنة مؤيدًا للفطرة التي فطر الناس عليها وعلموا من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فازدادوا بذلك إيمانًا وثباتًا وأداء للأمانة، ولكن أخبر بالحديث الثاني أن هذه الأمانة تنزع من قلوب الرجال والعياذ بالله تنزع فيصبح الناس يتحدثون ( إن في بني فلانٍ رجلًا أمينًا ) يعني أنك لا تكاد تجد في القبيلة إلا رجلًا واحدًا أمينًا، والباقي كلهم على خيانة لم يؤدوا الأمانة، ولقد شاهد الناس اليوم مصداق هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك تستعرض الناس رجلًا رجلًا حتى تبلغ إلى حد المئة أو المئات لا تجد الرجل الأمين الذي أدى الأمانة كما ينبغي في حق الله ولا في حق الناس، قد تجد رجلًا أمينًا في حق الله يؤدي الصلاة يؤدي الزكاة يصوم يحج يذكر الله كثيرًا يسبح لكنه في المال ليس أمينًا ليس أمينًا في المال، إن وكل إليه عمل رسمي حكومي فرط وصار لا يأتي للدوام إلا متأخرًا ويخرج قبل انتهاء الوقت ويضيع الأيام الكثيرة في أشغاله الخاصة، ولا يبالي مع أنه في مقدمة الناس في المساجد وفي الصدقات وفي الصيام وفي الحج لكنه ليس أمينًا من جهة أخرى، كذلك أيضًا تجد الرجل أمينًا في عبادة الله يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم ويحج ويتصدق لكنه غير أمين في وظيفته، يعرف أن أنه لا يجوز للموظف أن يتاجر أو يفتح محل تجارة ولكنه لا يبالي يفتح محل تجارة إما باسمه صريحًا وإما باسم مستعار، وإما برجل أجنبي يجعله في هذا الدكان أو ما أشبه ذلك فيكذب ويخون الدولة ويأكل المال بالباطل، ويكون هذا المال الذي يأكله من كسب حرام مانعًا من إجابة دعوته والعياذ بالله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )) وقال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذّي بالحرام فأنى يستجاب لذلك )
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنى يستجاب ) بعيد أن الله يستجيب لهذا الرجل الذي هو أشعث أغبر يمد يديه للسماء يا رب يا رب ومع ذلك يبعد أن الله يستجيب له لأنه يأكل الحرام، هذا الذي يكون موظفًا بمقتضى عقد الوظيفة يمنع من مزاولة التجارة ثم يزاول التجارة كل كسب كسبه من هذه التجارة فهو حرام حرام عليه سحت والعياذ بالله، ولا يبالي نحن نقول لمثل هذا أنت الآن بالخيار إن شئت أن تبقى على الوظيفة فاترك التجارة وإن رأيت أن التجارة أنسب لك وأكثر فائدة فاترك الوظيفة، أمران لا يجتمعان حسب العهد الذي بينك وبين الدولة أنت تعرف أن الدولة تمنع من مزاولة التجارة فلماذا تتاجر؟ قال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )) وقال: (( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً )) يتعلل بعض الناس يقول: طيب أنا كيف تمنعوني من التجارة وفيه وزراء يتاجرون يتاجرون بالأراضي يتاجرون بغيرها شركات كبيرة، فنقول: إذا ضل الناس لم يكن ضلالهم هدى، إذا كانوا هم ضالين ظالمين بما صنعوا فلا تضل أنت ولا تظلم، فإذا قال مثلًا: هذه النظم جاءت من بين أيديهم أو من تحت أيديهم هم الذين شرعوها فكيف يخالفونها؟ نقول: طيب حسابهم على الله، حسابهم على الله سيكونوا هم أول من يحزن ويتحسر على ما صنع إذا كان يوم القيامة في يوم ليس عندهم مال يفدون به أنفسهم ولا خدم ولا بوابين ولا غيره، أنت لا يهمك ما دام شرع لك أو ما دام عقدت على أنك لا تمارس التجارة فلا تمارسها ولا تحتج بأفعال من خالف هذا، نسأل الله لنا ولكم الهداية، وأن يجعلنا وإياكم من الأمناء المؤدين للأمانة في حق الله وحق عباده.
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( حدثنا ) يقول حذيفة ( بحديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر ) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه أحيانًا بما يرى أنه مناسب، والنبي عليه الصلاة والسلام إذا حدث أحدًا بشيء فإنه حديث له وللأمة إلى يوم القيامة، وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقال له صاحب السر، صاحب السر لأن النبي صلى الله عليه وسلم حدثه عن قوم من المنافقين علمهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر بهم حذيفة وكانوا نحو ثلاثة عشر رجلًا سماهم بأسمائهم، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لشدة خوفه من الله يلتقي بحذيفة فيقول: ( أنشدك الله هل سماني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مَن سمى مِن المنافقين؟ ) هذا وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي هو أفضل هذه الأمة بعد نبيها وأبي بكر، يعني هو الثاني بعد الرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الأمة، وله من اليقين والمقامات العظيمة ما هو معلوم حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن يكن فيكم محدثون فعمر ) يعني: إن كان فيكم أحد ملهم للصواب فإنه عمر يمدحه ويثني عليه بموافقته للصواب وإيمانه رضي الله عنه معروف مشهور يقول: ( أنشدك الله هل سماني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مَن سمى مِن المنافقين؟ فيقول: لا ) يقوله حذيفة ولا يزكي بعدك أحدًا، ثم ذكر رضي الله عنه ما حدثه به النبي صلى الله عليه وسلم من نزع الأمانة من قلوب الرجال أن الله جعل الأمانة في جذر قلوب الرجال يعني: في أصلها ( ثم أنزل عليهم من القرآن والسنة ) ما يثبت هذا الأصل ويؤيد هذا الأصل فجاء القرآن والسنة مؤيدًا للفطرة التي فطر الناس عليها وعلموا من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فازدادوا بذلك إيمانًا وثباتًا وأداء للأمانة، ولكن أخبر بالحديث الثاني أن هذه الأمانة تنزع من قلوب الرجال والعياذ بالله تنزع فيصبح الناس يتحدثون ( إن في بني فلانٍ رجلًا أمينًا ) يعني أنك لا تكاد تجد في القبيلة إلا رجلًا واحدًا أمينًا، والباقي كلهم على خيانة لم يؤدوا الأمانة، ولقد شاهد الناس اليوم مصداق هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك تستعرض الناس رجلًا رجلًا حتى تبلغ إلى حد المئة أو المئات لا تجد الرجل الأمين الذي أدى الأمانة كما ينبغي في حق الله ولا في حق الناس، قد تجد رجلًا أمينًا في حق الله يؤدي الصلاة يؤدي الزكاة يصوم يحج يذكر الله كثيرًا يسبح لكنه في المال ليس أمينًا ليس أمينًا في المال، إن وكل إليه عمل رسمي حكومي فرط وصار لا يأتي للدوام إلا متأخرًا ويخرج قبل انتهاء الوقت ويضيع الأيام الكثيرة في أشغاله الخاصة، ولا يبالي مع أنه في مقدمة الناس في المساجد وفي الصدقات وفي الصيام وفي الحج لكنه ليس أمينًا من جهة أخرى، كذلك أيضًا تجد الرجل أمينًا في عبادة الله يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم ويحج ويتصدق لكنه غير أمين في وظيفته، يعرف أن أنه لا يجوز للموظف أن يتاجر أو يفتح محل تجارة ولكنه لا يبالي يفتح محل تجارة إما باسمه صريحًا وإما باسم مستعار، وإما برجل أجنبي يجعله في هذا الدكان أو ما أشبه ذلك فيكذب ويخون الدولة ويأكل المال بالباطل، ويكون هذا المال الذي يأكله من كسب حرام مانعًا من إجابة دعوته والعياذ بالله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )) وقال تعالى: (( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ )) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذّي بالحرام فأنى يستجاب لذلك )
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنى يستجاب ) بعيد أن الله يستجيب لهذا الرجل الذي هو أشعث أغبر يمد يديه للسماء يا رب يا رب ومع ذلك يبعد أن الله يستجيب له لأنه يأكل الحرام، هذا الذي يكون موظفًا بمقتضى عقد الوظيفة يمنع من مزاولة التجارة ثم يزاول التجارة كل كسب كسبه من هذه التجارة فهو حرام حرام عليه سحت والعياذ بالله، ولا يبالي نحن نقول لمثل هذا أنت الآن بالخيار إن شئت أن تبقى على الوظيفة فاترك التجارة وإن رأيت أن التجارة أنسب لك وأكثر فائدة فاترك الوظيفة، أمران لا يجتمعان حسب العهد الذي بينك وبين الدولة أنت تعرف أن الدولة تمنع من مزاولة التجارة فلماذا تتاجر؟ قال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )) وقال: (( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً )) يتعلل بعض الناس يقول: طيب أنا كيف تمنعوني من التجارة وفيه وزراء يتاجرون يتاجرون بالأراضي يتاجرون بغيرها شركات كبيرة، فنقول: إذا ضل الناس لم يكن ضلالهم هدى، إذا كانوا هم ضالين ظالمين بما صنعوا فلا تضل أنت ولا تظلم، فإذا قال مثلًا: هذه النظم جاءت من بين أيديهم أو من تحت أيديهم هم الذين شرعوها فكيف يخالفونها؟ نقول: طيب حسابهم على الله، حسابهم على الله سيكونوا هم أول من يحزن ويتحسر على ما صنع إذا كان يوم القيامة في يوم ليس عندهم مال يفدون به أنفسهم ولا خدم ولا بوابين ولا غيره، أنت لا يهمك ما دام شرع لك أو ما دام عقدت على أنك لا تمارس التجارة فلا تمارسها ولا تحتج بأفعال من خالف هذا، نسأل الله لنا ولكم الهداية، وأن يجعلنا وإياكم من الأمناء المؤدين للأمانة في حق الله وحق عباده.