شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن عائشة رضي الله عنها قالت قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبيانكم فقال: ( نعم ) قالوا: لكنا والله ما نقبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أو أملك إن كان الله نزع من قلوبكم الرحمة ) متفق عليه . وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من لا يرحم الناس لا يرحمه الله ) متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء ) متفق عليه وفي رواية ( وذا الحاجة ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن عائشة رضي الله عنها ، قالت: ( جاء قوم من الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوا : هل تقبلون صبيانكم؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نعم ) : والأعراب كما نعلم جميعاً جُفاة ، الأعراب جفاة ، عندهم غلظة وشدة ، لا سيما رعاة الإبل منهم ، فإن عندهم من الغلظة والشدة ما يجعل قلوبهم كالحجارة ، نسأل الله العافية ، قالوا: إنا لسنا نقبّل صبياننا ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أو أملك أن زع الله الرحمة من قلوبكم ) : يعني لا أملك لكم شيئاً إذا نزع الله الرحمة من قلوبكم .
وفي هذا دليلٌ على أن تقبيل الصبيان شفقة عليهم ورقة لهم ورحمة بهم ، دليلٌ على أن الله تعالى قد أنزل في قلب الإنسان الرحمة ، وإذا أنزل الله في قلب الإنسان الرحمة ، فإنه يرحم غيره ، وإذا رحِم غيره رحمه الله عزّ وجلّ ، كما في الحديث الثاني ، حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( مَن لا يرحم لا يرحمْه الله ) ، نسأل الله العافية.
الذي لا يرحمُ الناس لا يرحمه الله عزّ وجلّ ، والمراد بالناس : الناس الذين هم أهلٌ للرحمة كالمؤمنين وأهل الذمة ومن شبابههم ، وأما الكفار الحربيون فإنهم لا يُرحمون ، بل يقتلون ، لأن الله تعالى قال في وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه : (( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )) ، وقال تعالى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )) : ذكر الله تعالى هذه الآية في سورتين مِن القرآن بهذا اللفظ ، بلفظ لا يختلف : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )) : ذكرها الله في سورة التوبة وفي سورة التحريم بهذا اللفظ .
وقال تعالى : (( وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ )) .
وكذلك أيضاً رحمة الدواب والبهائم فإنها من علامات رحمة الله عزّوجلّ للإنسان ، لأنه إذا رقَّ قلب المرء رحم كل شيء ذي روح ، وإذا رحم كل شيء ذي روح رحمه الله ، ( قيل: يا رسول الله، ألنا في البهائم أجر؟ قال: نعم، في كل ذات كبد حراء أجر ) .
ومن الشفقة والرحمة بالمؤمنين أن الإنسان إذا كان إماماً لهم ، فإنه لا ينبغي له أن يطيل عليهم في الصلاة ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف ، فإن مِن ورائه السقيم والضعيف وذا الحاجة والكبير ) : يعني من ورائه أهل الأعذار الذين يحتاجون إلى التخفيف .
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن عائشة رضي الله عنها ، قالت: ( جاء قوم من الأعراب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوا : هل تقبلون صبيانكم؟ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نعم ) : والأعراب كما نعلم جميعاً جُفاة ، الأعراب جفاة ، عندهم غلظة وشدة ، لا سيما رعاة الإبل منهم ، فإن عندهم من الغلظة والشدة ما يجعل قلوبهم كالحجارة ، نسأل الله العافية ، قالوا: إنا لسنا نقبّل صبياننا ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أو أملك أن زع الله الرحمة من قلوبكم ) : يعني لا أملك لكم شيئاً إذا نزع الله الرحمة من قلوبكم .
وفي هذا دليلٌ على أن تقبيل الصبيان شفقة عليهم ورقة لهم ورحمة بهم ، دليلٌ على أن الله تعالى قد أنزل في قلب الإنسان الرحمة ، وإذا أنزل الله في قلب الإنسان الرحمة ، فإنه يرحم غيره ، وإذا رحِم غيره رحمه الله عزّ وجلّ ، كما في الحديث الثاني ، حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( مَن لا يرحم لا يرحمْه الله ) ، نسأل الله العافية.
الذي لا يرحمُ الناس لا يرحمه الله عزّ وجلّ ، والمراد بالناس : الناس الذين هم أهلٌ للرحمة كالمؤمنين وأهل الذمة ومن شبابههم ، وأما الكفار الحربيون فإنهم لا يُرحمون ، بل يقتلون ، لأن الله تعالى قال في وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه : (( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )) ، وقال تعالى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )) : ذكر الله تعالى هذه الآية في سورتين مِن القرآن بهذا اللفظ ، بلفظ لا يختلف : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )) : ذكرها الله في سورة التوبة وفي سورة التحريم بهذا اللفظ .
وقال تعالى : (( وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ )) .
وكذلك أيضاً رحمة الدواب والبهائم فإنها من علامات رحمة الله عزّوجلّ للإنسان ، لأنه إذا رقَّ قلب المرء رحم كل شيء ذي روح ، وإذا رحم كل شيء ذي روح رحمه الله ، ( قيل: يا رسول الله، ألنا في البهائم أجر؟ قال: نعم، في كل ذات كبد حراء أجر ) .
ومن الشفقة والرحمة بالمؤمنين أن الإنسان إذا كان إماماً لهم ، فإنه لا ينبغي له أن يطيل عليهم في الصلاة ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف ، فإن مِن ورائه السقيم والضعيف وذا الحاجة والكبير ) : يعني من ورائه أهل الأعذار الذين يحتاجون إلى التخفيف .