شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب ستر عورات المسلمين والنهي عن إشاعتها لغير ضرورة . قال الله تعالى (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة )) ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله- " باب ستر عوات المسلمين والنهي عن إشاعتها " :
العورة هنا : هي العورة المعنوية ، لأن العورة نوعان : عورة حسية، وعورة معنوية .
فالعورة الحسية : ما يحرم النظر إليه كالقبل والدبر وما أشبه ذلك مما هو معروف في الفقه .
والعورة المعنوية : وهي العيب والسوء الخُلقي أو العملي .
ولا شك أن الإنسان كما وصفه الله عز وجل في قوله : (( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً )) :
فالإنسان موصوف بهذين الوصفين : الظلم والجهل ، فإما أن يرتكب الخطأ عن عمد فيكون ظالماً، وإما أن يرتكب الخطأ عن جهل فيكون جهولاً، هذه حال الإنسان إلا من عصمَ اللهُ عزَ وجلَ ووفقه للعلم والعدل، فإنه يمشي بالحق ويهدي إلى الحق .
وإذا كان الإنسان مِن طبيعته التقصير والنقص والعيب فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عورته ، ولا يشيعها إلا من ضرورة ، إذا دعت الضرورة إلى ذلك فلابد من ذلك ، لكن بدون ضرورة الأولى والأفضل أن يستر عورة أخيه ، لأن الإنسان بشر ربما يخطئ عن شهوة ، يعني عن إرادة سيئة يريد الباطل أو عن شبهة ، يشتبه عليه الحق فيقول بالباطل أو يعمل به ، فالمؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه .
افرض أنك رأيتَ رجلاً على كذب وغِش في البيع والشراء هذا لا ، لا تفش ذلك بين الناس بل انصحه واستر عليه ، فإن توفق واهتدى وترك ما هو عليه ، وإلا وجب عليك أن تبين أمره للناس، لئلا يغتروا به.
وجدت إنساناً مبتلى بالنظر إلى النساء، لا يغض بصره، فاستر عليه، انصحه وبين له أن هذا سهم من سهام إبليس، لأن النظر والعياذ بالله سهم من سهام إبليس ، سهم يصيب به قلب العبد ، فإن كان عنده مناعة ، اعتصم بالله منه ، من هذا السهم الذي ألقاه الشيطان في قلبه، وإن لم يكن عنده مناعة اندرج به وتدرج إلى أن يصل إلى الفحشاء والمنكر والعياذ بالله ، فأنت ما دام الستر ممكناً ، ولم يكن في الكشف عن عورة أخيك مصلحة راجحة أو ضرورة مُلحة، فاستر .
ثم أستدل المؤلف -رحمه الله - بقول الله تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )) : هؤلاء الذين يحبون أن تشيع ، فكيف بمن أشاع الفاحشة ؟! والعياذ بالله ، يكون أشد عذاباً ، الذي يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، له معنيان :
المعنى الأول : أن يحب شيوع الفاحشة في المجتمع المسلم، ومِن ذلك مَن يبثون الأفلام الخليعة ، والصحف الخبيثة الداعرة ، فإن هؤلاء لا شك أنهم يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم، يريدون أن يفتتن المسلم بدينه من أجل ما يشيعون من هذه المجلات الخليعة الفاسدة، أو الأفلام الخليعة الفاسدة ، أو ما أشبه ذلك.
وكذلك تمكين هؤلاء مع القدرة على منعهم، داخل في محبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، فالذي يقدر على منع هذه المجلات وهذه الأفلام الخليعة، ويمكنها مِن شيوعها في المجتمع المسلم، هو ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا : (( فلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )) : عذاب مؤلم في الدنيا والآخرة.
كذلك أيضاً، المعنى الثاني : أن يحب أن تشيع الفاحشة في شخص معين، ما هو في المجتمع الإسلامي كله، لكن في شخص معين، هذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا والآخرة، مثل أن يحب أن تشيع الفاحشة في زيد ، زيد من الناس لسببٍ ما ، هذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا والآخرة ، لاسيما فيمن نزلت الآية في سياق الدفع عنه، وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، لأن هذه الآية في سياق آيات الإفك ، الإفك : الكذب الذي افتراه مَن يكرهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مَن يحبون أن يتدنس فراشه، مَن يحبون أن يعير بأهله من المنافقين وأمثالهم .
وقضية الإفك مشهورة، هي : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أراد سفراً أَقرَع بين نسائه، مِن عدله عليه الصلاة والسلام ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها ، فأقرع بين نسائه ذات سَفرة فخرج السهم لعائشة فخرج بها معه ، وفي أثناء رجوعهم عرّسوا في أرض ، يعني ناموا في آخر الليل ، فلما ناموا احتاجت عائشة -رضي الله عنها- أن تبرز لتقضي حاجتها، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرحيل في آخر الليل، فجاء القوم فحملوا هودجها ، ولم يشعروا أنها ليست فيه ، لأنها كانت صغيرة ، تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام ولها ست سنين، ودخل عليها ولها تسع سنين ، ومات عنها ولها ثماني عشرة سنة، صغيرة ما أخذها اللحم ، فحملوا الهودج وظنوا أنها فيه ثم ساروا.
ولما رجعت لم تجد القوم في مكانهم، ولكن مِن عقلها وذكائها لم تذهب يميناً وشمالاً تطلبهم بقيت في مكانها وقالت : " سيفقدونني ويرجعون إلى مكاني "، ولما طلعت الشمس إذا برجل يقال له صفوان بن المعطل، وكان من قوم إذا ناموا لم يستيقظوا ، في بعض الناس الذين إذا نام ما يستيقظ لو تكور عند أذنه المدفع ما استيقظ ، هذا من جملتهم صفوان من هؤلاء القوم، ما يمكن يستيقظ إلى إذا أيقظه الله عز وجل، كأنه ميت.
فلما استيقظ وجاء وإذا أم المؤمنين عائشة وحدها في مكان في البر ، وكان يعرفها قبل أن ينزل الحجاب ، وماذا صنع هذا الرجل يا إخوان ؟ أناخ بعيره ولم يكلمها بكلمة، ما تكلم معها ولا قال : ما الذي أقعدك ؟ ولا قال لماذا ؟
السبب أنه لم يتكلم ؟ احتراماً لفراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يريد أن يتكلم مع أهله بغيبته رضي الله عنه، فأناخ البعير ووضع يده على ركبة البعير ، ولم يقل اركبي ولا تكلم بشيء، فركبت ثم ذهب بها يقودها ، حتى ما صار يسوق البعير فينظر إليها ـصار يقود البعير حتى لا ينظر تكون المرأة وراءه .
ولما أقبل على القوم ضُحى قد ارتفع النهار فرح المنافقون أعظم فرح أن يجدوا مدخلاً للطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتهموا الرجل بالعَفاف الرزان الطاهرة النقية فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، اتهموه بها، وصاروا يشيعون الفاحشة بأن هذا الرجل فعل ما فعل، وسقط من ذلك ثلاثة من الصحابة الخلَّص وقعوا فيما وقع فيه المنافقون : مسطح بن أثاثة ابن خالة أبي بكر، وحسان بن ثابت رضي الله عنه ، وحمنة بنت جحش.
فصارت ضجة، وصار الناس يتكلمون ، وما هذا ؟ وكيف يكون ؟ مِن مشتبه عليه الأمر، ومِن منكر غاية الإنكار ، وقالوا : هذا لا يمكن أن يتدنس فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم أطهر الفراش على وجه الأرض.
وأراد الله بعزته وقدرته وحكمته لما وصل المدينة أن تُمرض عائشة -رضي الله عنها- مرضت وبقيت حبيسة البيت لا تخرج، وكان النبي صلى الله عليه وسلم من عادته إذا عادها في مرضها سأل وتحفَّى وتكلم ، أما في ذلك الوقت فكان عليه الصلاة والسلام لا يتكلم، يأتي ويدخل ويقول : ( كيف تيكم؟ ) أي : كيف هذه ، ثم ينصرف ، وقد استنكرت ذلك منه رضي الله عنها، ما هذه العشرة ، ولكنها ما كان يخطر ببالها أن أحدا يتكلم بما فيه دنس فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً .
ونتكلم عن القصة حتى لا نطيل عليكم إن شاء الله غداً ، والله الموفق .
القارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) ، رواه مسلم " .
قال المؤلف -رحمه الله- " باب ستر عوات المسلمين والنهي عن إشاعتها " :
العورة هنا : هي العورة المعنوية ، لأن العورة نوعان : عورة حسية، وعورة معنوية .
فالعورة الحسية : ما يحرم النظر إليه كالقبل والدبر وما أشبه ذلك مما هو معروف في الفقه .
والعورة المعنوية : وهي العيب والسوء الخُلقي أو العملي .
ولا شك أن الإنسان كما وصفه الله عز وجل في قوله : (( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً )) :
فالإنسان موصوف بهذين الوصفين : الظلم والجهل ، فإما أن يرتكب الخطأ عن عمد فيكون ظالماً، وإما أن يرتكب الخطأ عن جهل فيكون جهولاً، هذه حال الإنسان إلا من عصمَ اللهُ عزَ وجلَ ووفقه للعلم والعدل، فإنه يمشي بالحق ويهدي إلى الحق .
وإذا كان الإنسان مِن طبيعته التقصير والنقص والعيب فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عورته ، ولا يشيعها إلا من ضرورة ، إذا دعت الضرورة إلى ذلك فلابد من ذلك ، لكن بدون ضرورة الأولى والأفضل أن يستر عورة أخيه ، لأن الإنسان بشر ربما يخطئ عن شهوة ، يعني عن إرادة سيئة يريد الباطل أو عن شبهة ، يشتبه عليه الحق فيقول بالباطل أو يعمل به ، فالمؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه .
افرض أنك رأيتَ رجلاً على كذب وغِش في البيع والشراء هذا لا ، لا تفش ذلك بين الناس بل انصحه واستر عليه ، فإن توفق واهتدى وترك ما هو عليه ، وإلا وجب عليك أن تبين أمره للناس، لئلا يغتروا به.
وجدت إنساناً مبتلى بالنظر إلى النساء، لا يغض بصره، فاستر عليه، انصحه وبين له أن هذا سهم من سهام إبليس، لأن النظر والعياذ بالله سهم من سهام إبليس ، سهم يصيب به قلب العبد ، فإن كان عنده مناعة ، اعتصم بالله منه ، من هذا السهم الذي ألقاه الشيطان في قلبه، وإن لم يكن عنده مناعة اندرج به وتدرج إلى أن يصل إلى الفحشاء والمنكر والعياذ بالله ، فأنت ما دام الستر ممكناً ، ولم يكن في الكشف عن عورة أخيك مصلحة راجحة أو ضرورة مُلحة، فاستر .
ثم أستدل المؤلف -رحمه الله - بقول الله تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )) : هؤلاء الذين يحبون أن تشيع ، فكيف بمن أشاع الفاحشة ؟! والعياذ بالله ، يكون أشد عذاباً ، الذي يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، له معنيان :
المعنى الأول : أن يحب شيوع الفاحشة في المجتمع المسلم، ومِن ذلك مَن يبثون الأفلام الخليعة ، والصحف الخبيثة الداعرة ، فإن هؤلاء لا شك أنهم يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم، يريدون أن يفتتن المسلم بدينه من أجل ما يشيعون من هذه المجلات الخليعة الفاسدة، أو الأفلام الخليعة الفاسدة ، أو ما أشبه ذلك.
وكذلك تمكين هؤلاء مع القدرة على منعهم، داخل في محبة أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، فالذي يقدر على منع هذه المجلات وهذه الأفلام الخليعة، ويمكنها مِن شيوعها في المجتمع المسلم، هو ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا : (( فلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )) : عذاب مؤلم في الدنيا والآخرة.
كذلك أيضاً، المعنى الثاني : أن يحب أن تشيع الفاحشة في شخص معين، ما هو في المجتمع الإسلامي كله، لكن في شخص معين، هذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا والآخرة، مثل أن يحب أن تشيع الفاحشة في زيد ، زيد من الناس لسببٍ ما ، هذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا والآخرة ، لاسيما فيمن نزلت الآية في سياق الدفع عنه، وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، لأن هذه الآية في سياق آيات الإفك ، الإفك : الكذب الذي افتراه مَن يكرهون النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مَن يحبون أن يتدنس فراشه، مَن يحبون أن يعير بأهله من المنافقين وأمثالهم .
وقضية الإفك مشهورة، هي : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أراد سفراً أَقرَع بين نسائه، مِن عدله عليه الصلاة والسلام ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها ، فأقرع بين نسائه ذات سَفرة فخرج السهم لعائشة فخرج بها معه ، وفي أثناء رجوعهم عرّسوا في أرض ، يعني ناموا في آخر الليل ، فلما ناموا احتاجت عائشة -رضي الله عنها- أن تبرز لتقضي حاجتها، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرحيل في آخر الليل، فجاء القوم فحملوا هودجها ، ولم يشعروا أنها ليست فيه ، لأنها كانت صغيرة ، تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام ولها ست سنين، ودخل عليها ولها تسع سنين ، ومات عنها ولها ثماني عشرة سنة، صغيرة ما أخذها اللحم ، فحملوا الهودج وظنوا أنها فيه ثم ساروا.
ولما رجعت لم تجد القوم في مكانهم، ولكن مِن عقلها وذكائها لم تذهب يميناً وشمالاً تطلبهم بقيت في مكانها وقالت : " سيفقدونني ويرجعون إلى مكاني "، ولما طلعت الشمس إذا برجل يقال له صفوان بن المعطل، وكان من قوم إذا ناموا لم يستيقظوا ، في بعض الناس الذين إذا نام ما يستيقظ لو تكور عند أذنه المدفع ما استيقظ ، هذا من جملتهم صفوان من هؤلاء القوم، ما يمكن يستيقظ إلى إذا أيقظه الله عز وجل، كأنه ميت.
فلما استيقظ وجاء وإذا أم المؤمنين عائشة وحدها في مكان في البر ، وكان يعرفها قبل أن ينزل الحجاب ، وماذا صنع هذا الرجل يا إخوان ؟ أناخ بعيره ولم يكلمها بكلمة، ما تكلم معها ولا قال : ما الذي أقعدك ؟ ولا قال لماذا ؟
السبب أنه لم يتكلم ؟ احتراماً لفراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يريد أن يتكلم مع أهله بغيبته رضي الله عنه، فأناخ البعير ووضع يده على ركبة البعير ، ولم يقل اركبي ولا تكلم بشيء، فركبت ثم ذهب بها يقودها ، حتى ما صار يسوق البعير فينظر إليها ـصار يقود البعير حتى لا ينظر تكون المرأة وراءه .
ولما أقبل على القوم ضُحى قد ارتفع النهار فرح المنافقون أعظم فرح أن يجدوا مدخلاً للطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتهموا الرجل بالعَفاف الرزان الطاهرة النقية فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، اتهموه بها، وصاروا يشيعون الفاحشة بأن هذا الرجل فعل ما فعل، وسقط من ذلك ثلاثة من الصحابة الخلَّص وقعوا فيما وقع فيه المنافقون : مسطح بن أثاثة ابن خالة أبي بكر، وحسان بن ثابت رضي الله عنه ، وحمنة بنت جحش.
فصارت ضجة، وصار الناس يتكلمون ، وما هذا ؟ وكيف يكون ؟ مِن مشتبه عليه الأمر، ومِن منكر غاية الإنكار ، وقالوا : هذا لا يمكن أن يتدنس فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم أطهر الفراش على وجه الأرض.
وأراد الله بعزته وقدرته وحكمته لما وصل المدينة أن تُمرض عائشة -رضي الله عنها- مرضت وبقيت حبيسة البيت لا تخرج، وكان النبي صلى الله عليه وسلم من عادته إذا عادها في مرضها سأل وتحفَّى وتكلم ، أما في ذلك الوقت فكان عليه الصلاة والسلام لا يتكلم، يأتي ويدخل ويقول : ( كيف تيكم؟ ) أي : كيف هذه ، ثم ينصرف ، وقد استنكرت ذلك منه رضي الله عنها، ما هذه العشرة ، ولكنها ما كان يخطر ببالها أن أحدا يتكلم بما فيه دنس فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً .
ونتكلم عن القصة حتى لا نطيل عليكم إن شاء الله غداً ، والله الموفق .
القارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستر عبدٌ عبدًا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) ، رواه مسلم " .