شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب خمرا قال ( اضربوه ) قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه فلما انصرف قال بعض القوم أخزاك الله قال ( لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان ) رواه البخاري ... " . حفظ
الشيخ : وسيكون المشتري شديدًا عليها حتى يمنعها من ذلك .
أما حديثه الثاني ، فهو : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر ) :
والخمر : " كل ما أسكر " ، ومعنى الإسكار : " أن يغيب العقل من شدة اللذة " ، لأن غيبوبة العقل أحياناً تكون بدواء مثل البنج، فهذا ليس بسكر، وأحياناً تكون بإغماء، وأحياناً تكون بسكر، وهو تغطية العقل بلذة وطرب، ولهذا تجد السكران -والعياذ بالله- يتخيل نفسه وكأنه ملك من الملوك، كما قال الشاعر: " ونشربها فتتركنا ملوكا " ، وكما قال حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين جاءه النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثمل سكر قبل أن تحرم الخمر ، فكلمه في ذلك، فقال له حمزة : ( هل أنتم إلا عبيد أبي ) ، يقول للرسول عليه الصلاة والسلام ، وهو رضي الله عنه من أشد الناس تعظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكنه سكران.
فالحاصل أن السكر تغطية للعقل على وجه اللذة والطرب .
والخمر كل ما خامر العقل من أي شراب كان ، سواء كان مما اعتيد شربه أم لا ، وسواء كان من عصير عنب أو التمر أو الشعير أو البُر أو غير ذلك من العصيرات التي تُسكر ، المدار كله على الإسكار .
فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( اضربوه أو اجلدوه ، قال أبو هريرة : فمنا الضارب بيده، ومنا الضارب بسوطه، ومنا الضارب بنعله ) ، ولم يحدد لهم النبي صلى الله عليه وسلم عددا معيناً ، ( فلما انتهوا منه قال له رجل : أخزاك الله ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لا تعينوا عليه الشيطان ) ، لأن الخزي معناه العار والذل، فأنت إذا قلت : أخزاك الله، دعوت الله عليه بما يذله ويفضحه، فتعين عليه الشيطان.
وفي هذا الحديث دليل على أن عقوبة الخمر ليست حدًا معينا، ولهذا لم يحد لهم النبي صلى الله عليه وسلم حداً، ولم يعدها عداً، كل يضرب بما تيسر، الي بيده، و والي بطرف ثوبه، والي بعصاه والي بنعله ، لم يحد فيها حداً، وبقي الأمر كذلك.
وفي عهد أبي بكر صارت تقدر بنحو أربعين، وفي عهد عمر كثر الناس الذين دخلوا في الإسلام، ومنهم من دخل عن غير رغبة، فكثر شرب الخمر في عهد عمر رضي الله عنه، فلما رأى الناس قد أكثروا منها استشار الصحابة ماذا نصنع ؟
فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : أخف الحدود ثمانون ، وهو حد القذف ، فرفع عمر رضي الله عنه عقوبة شارب الخمر إلى ثمانين جلدة .
ففي هذا دليل على أن الإنسان إذا فعل ذنباً وعوقب عليه في الدنيا فإنه لا ينبغي لنا أن ندعو عليه بالخزي والعار بل نسأل الله له الهداية، ونسأل الله له المغفرة، والله الموفق.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أُتي النبيُ صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب خمرا فقال : اضربوه ، قال أبو هريرة : فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه ، فلما انصرف قال بعض القوم : أخزاك الله ، قال : لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان ) ، رواه البخاري " .