شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمى خيرا أو يقول خيرا ) متفق عليه وفي رواية مسلم زيادة قالت ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث تعني الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها ... " . حفظ
الشيخ : هذا الحديث الذي ذكره المؤلف ، حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيَنمي خيراً أو يقول خيراً ) : يعني أن الإنسان إذا قصد الإصلاح بين الناس وقال للشخص : إن فلاناً يُثني عليك ويمدحك ويدعو لك وما أشبه ذلك من الكلمات ، فإن ذلك لا بأس به .
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة ، هل المراد أن يكذب الإنسان كذباً صريحاً، أو أن المراد أن يوري ، بمعنى : أن يظهر للمخاطب غير الواقع، لكنه له وجه صحيح، فيعني بقوله : فلان يثني عليك : أي: على جنسك وأمثالك من المسلمين ، فإن كلَّ إنسان يثني على المسلمين من غير تخصيص.
أو يريد بقوله : إنه يدعو لك : أنه من عباد الله ، والإنسان يدعو لكل عبد صالح في كل صلاة ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إنكم إذا قلتم ذلك -يعني : قلتم السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين- فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض ) .
وقال : إن التورية تعد كذباً، لأنها خلاف الواقع، وإن كان المتكلم قد نوى بها معنى صحيحاً ، واستدلوا لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام يعتذر عن الشفاعة بأنه كذب ثلاث كذبات في ذات الله ) ، وهو لم يكذب عليه الصلاة والسلام، ولكنه ورّى.
وعلى كل حال فالإنسان المصلح ينبغي له أن يتحرز مِن الكذب ، وإذا كان ولابد فليتأول ، ليكون بذلك مورّياً، والإنسان إذا كان مورّياً فلا إثم عليه فيما بينه وبين الله ، وهو جائز ، وهي أي التورية جائزة عند المصلحة.
أما اللفظ الثاني ففيه زيادة عن الإصلاح بين الناس، وهو الكذب في الحرب :
والكذب في الحرب هو أيضاً نوع من التورية ، مثل أن يقول للعدو : إن ورائي جنوداً عظيمة وما أشبه ذلك من الأشياء التي يُرهب بها الأعداء .
وتنقسم التورية في الحرب إلى قسمين :
قسم في اللفظ، وقسم في الفعل، مثل ما فعل القعقاع بن عمرو رضي الله عنه في إحدى الغزوات ، فإنه أراد أن يُرهب العدو فصار يأتي بالجيش في الصباح، ثم يغادر المكان، ثم يأتي به في صباح يوم آخر .
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة ، هل المراد أن يكذب الإنسان كذباً صريحاً، أو أن المراد أن يوري ، بمعنى : أن يظهر للمخاطب غير الواقع، لكنه له وجه صحيح، فيعني بقوله : فلان يثني عليك : أي: على جنسك وأمثالك من المسلمين ، فإن كلَّ إنسان يثني على المسلمين من غير تخصيص.
أو يريد بقوله : إنه يدعو لك : أنه من عباد الله ، والإنسان يدعو لكل عبد صالح في كل صلاة ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إنكم إذا قلتم ذلك -يعني : قلتم السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين- فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض ) .
وقال : إن التورية تعد كذباً، لأنها خلاف الواقع، وإن كان المتكلم قد نوى بها معنى صحيحاً ، واستدلوا لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام يعتذر عن الشفاعة بأنه كذب ثلاث كذبات في ذات الله ) ، وهو لم يكذب عليه الصلاة والسلام، ولكنه ورّى.
وعلى كل حال فالإنسان المصلح ينبغي له أن يتحرز مِن الكذب ، وإذا كان ولابد فليتأول ، ليكون بذلك مورّياً، والإنسان إذا كان مورّياً فلا إثم عليه فيما بينه وبين الله ، وهو جائز ، وهي أي التورية جائزة عند المصلحة.
أما اللفظ الثاني ففيه زيادة عن الإصلاح بين الناس، وهو الكذب في الحرب :
والكذب في الحرب هو أيضاً نوع من التورية ، مثل أن يقول للعدو : إن ورائي جنوداً عظيمة وما أشبه ذلك من الأشياء التي يُرهب بها الأعداء .
وتنقسم التورية في الحرب إلى قسمين :
قسم في اللفظ، وقسم في الفعل، مثل ما فعل القعقاع بن عمرو رضي الله عنه في إحدى الغزوات ، فإنه أراد أن يُرهب العدو فصار يأتي بالجيش في الصباح، ثم يغادر المكان، ثم يأتي به في صباح يوم آخر .