تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ... وبينا صبي يرضع من أمه فمر رجل راكب على دابة فارهة وشارة حسنة فقالت أمه اللهم اجعل ابني مثل هذا فترك الثدي وأقبل إليه فنظر إليه فقال اللهم لا تجعلني مثله ثم أقبل على ثديه فجعل يرتضع . فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكى ارتضاعه بإصبعه السبابة في فيه فجعل يمصها قال ومروا بجارية وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت وهي تقول حسبي الله ونعم الوكيل فقالت أمه اللهم لا تجعل ابني مثلها فترك الرضاع ونظر إليها فقال اللهم اجعلني مثلها فهنالك تراجعا الحديث فقالت مر رجل حسن الهيئة فقلت اللهم اجعل ابني مثله فقلت اللهم لا تجعلني مثله ومروا بهذه الأمة وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت فقلت اللهم لا تجعل ابني مثلها فقلت اللهم اجعلني مثلها قال إن ذلك الرجل كان جبارا فقلت اللهم لا تجعلني مثله وإن هذه يقولون لها زنيت ولم تزن وسرقت ولم تسرق فقلت اللهم اجعلني مثلها متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : أما الثالث : الذي تكلم في المهد، فهو هذا الصبي الذي مع أمه يرضع، فمرَّ رجل على فرس فارهة، وعلى شَارَة حسنة، وهو من أكابر القوم وأشراف القوم، فقالت أم الصبي: اللهم اجعل ابني هذا مثله، فترك الصبي الثدي وأقبل على أمه بعد أن نظر إلى هذا الرجل، فقال: اللهم لا تجعلني مثله.
وحكى النبيُ صلى الله عليه وآله وسلم حكى ارتضاع هذا الطفل من ثدي أمه بأن وضع إصبعه السبابة في فمه يمص، تحقيقاً للأمر عليه الصلاة والسلام، فقال: ( اللهم لا تجعلني مثله ) .
ثم أقبلت بجارية امرأة يضربونها ويقولون لها: زنيت، سرقت، وهي تقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، فقالت المرأة أم الصبي وهي ترضعه: ( اللهم لا تجعل ابني مثلها، فأطلق الثدي، ونظر إليها، وقال: اللهم اجعلني مثلها ) .
( فتراجع الحديث مع أمه، طفل، قام يتكلم معها، قالت: إني مررت أو مرّ بي هذا الرجل ذا الهيئة الحسنة فقلتُ: اللهم اجعل ابني مثله، فقلت أنت: اللهم لا تجعلني مثله، فقال: نعم، هذا رجل كان جباراً عنيداً فسألت الله ألا يجعلني مثله.
أما المرأة فإنهم يقولون: زنيت وسرقت، وهي تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، فقلت: اللهم اجعلني مثلها )
، يعني طاهراً من الزنى والسرقة مفوضاً أمري إلى الله، في قولها: حسبي الله ونعم الوكيل.
وفي هذا آية من آيات الله أن يكون هذا الصبي يشعر وينظر ويتأمل ويفكر، وعنده شيء من العلم، عنده شيء من العلم يقول: هذا كان جباراً عنيداً.