شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تضربوا إماء الله ) فجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذئرن النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد أطاف بآل بيت محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم ) رواه أبو داود بإسناد صحيح . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) رواه مسلم... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال -رحمه الله تعالى- فيما نقله فيما يتعلق بأمر النساء : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تضربوا إماء الله ) : يريد بذلك النساء، فيقال : أمة الله كما يقال عبد الله، ويقال : إماء الله كما يقال عباد الله ، ومن ذلك الحديث الصحيح: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) .
نهاهم عن ضرب النساء، فكفُّوا عن ذلك، لأن الصحابة رضي الله عنهم من الطراز الأول والجيل المفضل، الذين إذا دُعوا إلى الله ورسوله قالوا: سمعنا وأطعنا، فكفوا عن ضرب النساء، والنساء قاصرات عقل، وناقصات دين، ناقصات عقل ودين، اجترأن على أزواجهن، كما قال عمر بن الخطاب: ( يا رسول الله إن النساء ذئرن على أزواجهن ) : يعني اجترأن وتعالين على الرجال، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما قال عمر ، لما سمع ما قال عمر، أجاز ضربهن، فأفرط الرجال في ذلك، وجعلوا يضربونهن حتى وإن لم يكن ذلك من حقهم، فطافت النساء بآل النبي صلى الله عليه وسلم، أي ببيوته، وجعلن يتجمعن حول بيوت الرسول عليه الصلاة والسلام يشكون أزواجهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب الناس : ( يخبرهم أن هؤلاء الذين يضربون أزواجهن ليسوا بخيارهم ) : ليسو بخيارهم : أي ليسوا بخيار الرجال، وهذا كقوله: ( خيركم خيركم لأهله ) : فدل هذا على أن الإنسان لا يُفرِط ولا يفرِّط في ضرب أهله، إن وُجد سبباً يقتضي الضرب فلا بأس.
وقد بين الله عز وجل مراتب ذلك في كتابه فقال: (( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ )) .
المرتبة الثالثة: الضرب، وإذا ضربهن فليضربهن ضرباً غير مبرح.
ثم ذكر المؤلف حديث عبد الله بن عمرو بن العاص : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة ) ، ( الدنيا متاع ) : يعني شيء يتمتع به، كما يتمتع المسافر بزاده ثم تنتهي، ( وخير متاعها المرأة الصالحة ) : إذا وفق الله للإنسان امرأة صالحة في دينها وعقلها فهذا خير متاع الدنيا، لأنها تحفظه في سره وماله وولده.
وإذا كانت صالحة في العقل أيضاً، فإنها تدبر له التدبير الحسن في بيته وفي تربية أولادها، إن نظر إليها سرته، وإن غاب عنها حفظته، وإن وَكَل إليها أولادها لم تخنه، فهذه المرأة هي خير متاع الدنيا، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( تُنكح المرأة لأربع : لمالها، وحسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) : يعني عليك بها، فإنها خير مَن يتزوجه الإنسان، فذات الدين وإن كانت غير جميلة الصورة، لكن يجملها خُلقها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك، والله والموفق.