شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى ونهيهم عن المخالفة وتأديبهم ومنعهم عن ارتكاب منهى عنه . قال الله تعالى (( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها )) وقال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا )) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كخ كخ إرم بها أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ) متفق عليه وفي رواية ( إنا لا تحل لنا الصدقة ) . حفظ
الشيخ : سبق الكلام على حديث أبي طلحة رضي الله عنه، ثم قال المؤلف: " باب وجوب أمر أهله بالصلاة وأولاده إذا كانوا مميزين " :
وجه المناسبة أن المؤلف -رحمه الله- لما ذكر ما يجب للأهل من غذاء الجسم ذكر لهم ما يجب من غذاء الروح على أبيهم ومَن له ولاية عليهم، وأولى ما يُؤمر به وأوجب وأفضل هي الصلاة، كما قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى )) : فأمره أن يأمر أهله بالصلاة.
والأهل كل من في البيت من زوجة، وابن، وبنت، وعمة، وخالة، وأم، كل الي في البيت أهل، أمره أن يأمرهم بالصلاة، وأمره أن يصطبر عليها : يعني يحض نفسه على الصبر، ولهذا جاءت التاء التي فيها زيادة البنية وفيها زيادة المعنى اصطبر، لأن أصلها اصتبر عليها.
وذكر الله عن إسماعيل، أبي محمد عليه الصلاة والسلام، إذ أنه أحد أجداده، أنه : (( وكان يأمرُ أهله بالصلاة والزكاة، وكان عند ربه مرضياً ))، فالإنسان مسؤول عن أهله، مسؤول عن تربيتهم، حتى ولو كانوا صغاراً إذا كانوا مميزين، أما غير المميز فإنه يؤمر بما يتحمله عقله.
ثم ذكر حديث الحسن بن على بن أبي طالب رصي الله عنهما : ( أنه أخذ تمرةً من الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كخ كخ -يعني أنها لا تصلح لك- ثم أمره أن يخرجها من فيه، وقال: إننا لا تحل لنا الصدقة ) :
فالصدقة لا تحل لآل محمد، وذلك لأنهم أشرف الناس، والصدقات والزكوات أوساخ الناس، ولا يتناسب لأشراف الناس أن يأخذوا أوساخ الناس، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: ( إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، إنما هي أوساخ الناس ).
ففي هذا دليل على أن الإنسان بجب عليه أن يُؤدب أولاده عن فعل المحرم، كما يجب عليه أن يؤدبهم على فعل الواجب، والله الموفق.