شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... و عمر بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا غلام سم الله تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك فما زالت تلك طعمتي بعد ) متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه ، وكان رَبيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه ابن زوجته أم سلمة رضي الله عنها ، أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في طعام يأكل، فجعلت يده تطيش في الصحفة، يعني تذهب يميناً وشمالاً، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك ) : فهذه ثلاثة آداب علمها النبي صلى الله عليه وآله سلم هذا الغلام :
أولاً: قال: ( سمّ الله ) : وهذا عند الأكل، عند ابتداء الأكل يجب أن يقول الإنسان: بسم الله، ولا يحل له أن يتركها، لأنه إذا تركها شاركه الشيطان في أكله، أعدى عدو له يشاركه في الأكل إذا لم يقل: بسم الله، ولو زاد: الرحمن الرحيم، فلا بأس، لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( سم الله ) : يعني اذكر اسم الله.
والتسمية الكاملة هي أن يقول الإنسان: بسم الله الرحمن الرحيم ، كما ابتدأ الله بها كتابه، وكما أرسل بها سليمان عليه الصلاة والسلام : (( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم )) ، فإن اقتصرت على قول : بسم الله فلا حرج، وإن زدت : الرحمن الرحيم فلا حرج، الأمر في هذا واسع.
وأما التسمية على الذبيحة فهي شرط من شروط التذكية، إذا لم تسمِّ على الذبيحة فهي حرام ميتة، كأنما ماتت بغير ذبح.
ولكن العلماء يقولون: لا ينبغي أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، لأنه الآن يريد أن يذبحها، فالفعل ينافي القول بالنسبة لهذه الذبيحة، لأنها ستُذبح، هكذا علل بعض العلماء، ولكن لو قالها أيضاً فلا حرج.
( يا غلام سم الله ، وكل بيمينك ) : وهذا أمر على سبيل الوجوب، فيجب على الإنسان أن يأكل بيمينه وأن يشرب بيمينه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الإنسان بشماله، أو أن يشرب بشماله، وقال إن الشيطان يفعل هذا : ( فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) ، وقد نُهينا عن اتباع خطوات الشيطان، قال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ )) .
ولهذا كان القول الراجح : وجوب الأكل باليمين، ووجوب الشرب باليمين، وأن الأكل بالشمال أو الشرب بالشمال حرام، ثم إن الأكل بالشمال والشرب بالشمال مع كونه من هدي الشيطان فهو أيضاً من هدي الكفار، لأن الكفار يأكلون بشمائلهم ويشربون بشمائلهم.
يقول بعض الناس إذا كان على الأكل وأراد أن يشرب يمسك الكأس باليسار ويشرب، يقول : أخشى أن تتلوث الكأس إذا شربت باليمين، فنقول: ولتتلوث، إذا تلوثت فإنما تلوثت بطعام، لم تتلوث ببول ولا غائط، تلوثت بطعام ثم تغسل، وأمسك الكأس من الأسفل بين إبهامك والسبابة، اجعلها كالحلقة، ولا يتلوث منه إلا شيء يسير، ولا عُذر لأحد بالشرب بالشمال من أجل هذا، لأن المسألة على سبيل التحريم، والحرام لا يجوز إلا عند الضرورة ، الضرورة مثل أن تكون اليد اليمنى شلاء، لا يمكن أن يرفعها إلى فيه، هذا ضرورة، أو مكسورة، لا يمكن أن يرفعها إلى فيه، فهذا ضرورة، أو تكون متجرحة لا يمكن أن يأكل بها أو يشرب.
المهم إذا كان ضرورة فلا بأس باليسار، وإلا فلا يَحل أن يشرب باليسار ولا أن يأكل باليسار.
الأدب الثالث: قال: ( وكل مما يليك ) : يعني لا تأكل من حافة غيرك، كُلْ من الذي يليك، لأنك إذا اعتديت على حافة غيرك فهذا سوء أدب، فكل مِن الذي يليك.
إلا إذا كان الطعام أنواعاً، مثل أن يكون فيه لحم في غير الذي يليك فلا بأس أن تأكل، أو يكون فيه قرع، أو ما أشبه ذلك مما يقصد فلا بأس أن تأكل من الذي لا يليك، لأن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( أَكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يتتبع الدباّء ).
الدباّء: القرع، يتتبعه : يعني يلقطه من على الصحفة ليأكلها، هذا لا بأس به.
وفي هذا الحديث من الفوائد :
أنه ينبغي للإنسان أن يؤدب أولاده على كيفية الأكل والشرب، وعلى ما ينبغي أن يقول في الأكل والشرب، كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ربيبه .
وفي هذا حُسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه، لأنه لم يزجر هذا الغلام حين جعلت يده تطيش في الصحفة، ولكن علمه برفق قال: ( يا غلام ) : ناداه برفق : ( يا غلام سمِّ الله، وكل بيمينك ) .
وليعلم أن تعليم الصغار لمثل هذه الآداب لا يُنسى، يعني أن الطفل لا ينسى إذا علمته وهو صغير، لكن إذا كبر ربما ينسى إذا علمته، وأيضاً ربما يتمرد عليك بعض الشيء إذا كبر، لكن ما دام صغيراً وعلمته يكون أقبل، ومن اتقى الله في أولاده، اتَّقوا الله فيه، ومن ضيع حق أولاده، ضيعوا حقه إذا احتاج إليهم ، والله أعلم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه ، وكان رَبيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه ابن زوجته أم سلمة رضي الله عنها ، أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في طعام يأكل، فجعلت يده تطيش في الصحفة، يعني تذهب يميناً وشمالاً، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( يا غلام، سمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك ) : فهذه ثلاثة آداب علمها النبي صلى الله عليه وآله سلم هذا الغلام :
أولاً: قال: ( سمّ الله ) : وهذا عند الأكل، عند ابتداء الأكل يجب أن يقول الإنسان: بسم الله، ولا يحل له أن يتركها، لأنه إذا تركها شاركه الشيطان في أكله، أعدى عدو له يشاركه في الأكل إذا لم يقل: بسم الله، ولو زاد: الرحمن الرحيم، فلا بأس، لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( سم الله ) : يعني اذكر اسم الله.
والتسمية الكاملة هي أن يقول الإنسان: بسم الله الرحمن الرحيم ، كما ابتدأ الله بها كتابه، وكما أرسل بها سليمان عليه الصلاة والسلام : (( إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم )) ، فإن اقتصرت على قول : بسم الله فلا حرج، وإن زدت : الرحمن الرحيم فلا حرج، الأمر في هذا واسع.
وأما التسمية على الذبيحة فهي شرط من شروط التذكية، إذا لم تسمِّ على الذبيحة فهي حرام ميتة، كأنما ماتت بغير ذبح.
ولكن العلماء يقولون: لا ينبغي أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، لأنه الآن يريد أن يذبحها، فالفعل ينافي القول بالنسبة لهذه الذبيحة، لأنها ستُذبح، هكذا علل بعض العلماء، ولكن لو قالها أيضاً فلا حرج.
( يا غلام سم الله ، وكل بيمينك ) : وهذا أمر على سبيل الوجوب، فيجب على الإنسان أن يأكل بيمينه وأن يشرب بيمينه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الإنسان بشماله، أو أن يشرب بشماله، وقال إن الشيطان يفعل هذا : ( فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) ، وقد نُهينا عن اتباع خطوات الشيطان، قال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ )) .
ولهذا كان القول الراجح : وجوب الأكل باليمين، ووجوب الشرب باليمين، وأن الأكل بالشمال أو الشرب بالشمال حرام، ثم إن الأكل بالشمال والشرب بالشمال مع كونه من هدي الشيطان فهو أيضاً من هدي الكفار، لأن الكفار يأكلون بشمائلهم ويشربون بشمائلهم.
يقول بعض الناس إذا كان على الأكل وأراد أن يشرب يمسك الكأس باليسار ويشرب، يقول : أخشى أن تتلوث الكأس إذا شربت باليمين، فنقول: ولتتلوث، إذا تلوثت فإنما تلوثت بطعام، لم تتلوث ببول ولا غائط، تلوثت بطعام ثم تغسل، وأمسك الكأس من الأسفل بين إبهامك والسبابة، اجعلها كالحلقة، ولا يتلوث منه إلا شيء يسير، ولا عُذر لأحد بالشرب بالشمال من أجل هذا، لأن المسألة على سبيل التحريم، والحرام لا يجوز إلا عند الضرورة ، الضرورة مثل أن تكون اليد اليمنى شلاء، لا يمكن أن يرفعها إلى فيه، هذا ضرورة، أو مكسورة، لا يمكن أن يرفعها إلى فيه، فهذا ضرورة، أو تكون متجرحة لا يمكن أن يأكل بها أو يشرب.
المهم إذا كان ضرورة فلا بأس باليسار، وإلا فلا يَحل أن يشرب باليسار ولا أن يأكل باليسار.
الأدب الثالث: قال: ( وكل مما يليك ) : يعني لا تأكل من حافة غيرك، كُلْ من الذي يليك، لأنك إذا اعتديت على حافة غيرك فهذا سوء أدب، فكل مِن الذي يليك.
إلا إذا كان الطعام أنواعاً، مثل أن يكون فيه لحم في غير الذي يليك فلا بأس أن تأكل، أو يكون فيه قرع، أو ما أشبه ذلك مما يقصد فلا بأس أن تأكل من الذي لا يليك، لأن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( أَكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يتتبع الدباّء ).
الدباّء: القرع، يتتبعه : يعني يلقطه من على الصحفة ليأكلها، هذا لا بأس به.
وفي هذا الحديث من الفوائد :
أنه ينبغي للإنسان أن يؤدب أولاده على كيفية الأكل والشرب، وعلى ما ينبغي أن يقول في الأكل والشرب، كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ربيبه .
وفي هذا حُسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه، لأنه لم يزجر هذا الغلام حين جعلت يده تطيش في الصحفة، ولكن علمه برفق قال: ( يا غلام ) : ناداه برفق : ( يا غلام سمِّ الله، وكل بيمينك ) .
وليعلم أن تعليم الصغار لمثل هذه الآداب لا يُنسى، يعني أن الطفل لا ينسى إذا علمته وهو صغير، لكن إذا كبر ربما ينسى إذا علمته، وأيضاً ربما يتمرد عليك بعض الشيء إذا كبر، لكن ما دام صغيراً وعلمته يكون أقبل، ومن اتقى الله في أولاده، اتَّقوا الله فيه، ومن ضيع حق أولاده، ضيعوا حقه إذا احتاج إليهم ، والله أعلم.