تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب حق الجار والوصية به . قال الله تعالى (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم )) . وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) .متفق عليه . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ) رواه مسلم وفي رواية له عن أبي ذر قال ( إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله قال الذي لا يأمن جاره بوائقه ) متفق عليه وفي رواية لمسلم ( لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه البوائق الغوائل والشرور ) . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة ) متفق عليه . وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ) ثم يقول أبو هريرة مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم متفق عليه ... ". حفظ
الشيخ : ففيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم ثلاث مرات فقال: ( والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قالوا: مَن يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جارُه بوائقَه ) : يعني غدره وخيانته وظلمه وعدوانه، فالذي لا يأمن جارُه من ذلك ليس بمؤمن، وإذا كان يفعل ذلك ويوقعه فعلاً فهو أشد.
وفي هذا دليل على تحريم العدوان على الجار، سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل، أما بالقول : فأن يسمع منه ما يُزعجه ويقلقه، كالذين يفتحون الراديو أو التلفزيون أو غيرهما مما يُسمع فيزعج الجيران، فإن هذا لا يحل له، حتى لو فتحه على كتاب الله وهو مما يُزعج الجيران بصوته فإنه معتد عليهم، ولا يحل له أن يفعل ذلك.
وأما ، فيكون بإلقاء الكناسة حول بابه، والتضييق عليه عند مداخل بابه، أو بالدق، أو ما أشبه ذلك مما يضره، ومِن هذا أيضاً إذا كان له نَخلة أو شجرة حول جدار جاره فكان يَسقيها حتى يؤذي جاره بهذا السقي، فإن ذلك من بوائق الجار فلا يحل له.
إذن يحرم على الجار أن يؤذي جاره بأي شيء، فإن فعل فإنه ليس بمؤمن، والمعنى : أنه ليس متصفاً بصفات المؤمنين في هذه المسألة التي خالف بها الحق.
وأما الحق الثالث: ما ذكره في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يمنعنَّ جارٌ جاره أن يغرز خشبه في جداره ) : يعني: إذا كان جارك يريد أن يسقف بيته ووضع الخشب على الجدار، فإنه لا يحل لك منعه، لأن وضع الخشب على الجدار لا يضر، بل يزيده قوة، ويمنع السيل منه، ولا سيما فيما سبق، حيث كان البناء من الطين ، فإن الخشب يمنع هطول المطر على الجدار فيحميه، وهو أيضاً يشده ويقويه، ففيه مصلحة للجار، وفيه مصلحة للجدار، فلا يحل للجار أن يمنع جاره مِن وضع الخشب على جداره، وإن فعل ومنع فإنه يُجبر على أن يوضع الخشب رغماً على أنفه، ولهذا قال أبو هريرة : " مالي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم " : يعني من لم يمكن من وضع الخشب على جداره وضعناه على متن جسده بين أكتافه، وهذا قاله رضي الله عنه حينما كان أميراً على المدينة في زمن مروان بن الحكم، فإن أبا هريرة كان أميراً على المدينة فكان يقول للناس هذا المقال.
وهذا نظير ما قاله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : التي جرت بين محمد بن مسلمة وجاره، حيث أراد أن يُجري الماء من بستانه إلى بستانه ، وحال بينه وبينه بستان جاره، فمنع الجار ، لا تمش الماء مع أرضي ، فترافعا إلى عمر، فقال : " والله لئن منعته لأجرينه على بطنك " ، وألزمه أن يُجري الماء ، لأن إجراء الماء ليس فيه ضرر، البستان كل بستان زرع ، فإذا جرى الماء الساقي، انتفعت الأرض وانتفع ما حول الساقي من الزرع وانتفع الجار، نعم لو كان الجار يريد أن يبنيها بناءً وقال : لا أريد أن تمشي الماء على الأرض فله المنع، أما إذا كان يريد أن يزرعها فالماء لا يزيده إلا خيراً.
فصارت حقوق الجيران يجب الإحسان إليهم بقدر الإمكان، ويحرم الاعتداء عليهم بأي عدوان، وفي الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) ، والله الموفق.
وفي هذا دليل على تحريم العدوان على الجار، سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل، أما بالقول : فأن يسمع منه ما يُزعجه ويقلقه، كالذين يفتحون الراديو أو التلفزيون أو غيرهما مما يُسمع فيزعج الجيران، فإن هذا لا يحل له، حتى لو فتحه على كتاب الله وهو مما يُزعج الجيران بصوته فإنه معتد عليهم، ولا يحل له أن يفعل ذلك.
وأما ، فيكون بإلقاء الكناسة حول بابه، والتضييق عليه عند مداخل بابه، أو بالدق، أو ما أشبه ذلك مما يضره، ومِن هذا أيضاً إذا كان له نَخلة أو شجرة حول جدار جاره فكان يَسقيها حتى يؤذي جاره بهذا السقي، فإن ذلك من بوائق الجار فلا يحل له.
إذن يحرم على الجار أن يؤذي جاره بأي شيء، فإن فعل فإنه ليس بمؤمن، والمعنى : أنه ليس متصفاً بصفات المؤمنين في هذه المسألة التي خالف بها الحق.
وأما الحق الثالث: ما ذكره في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يمنعنَّ جارٌ جاره أن يغرز خشبه في جداره ) : يعني: إذا كان جارك يريد أن يسقف بيته ووضع الخشب على الجدار، فإنه لا يحل لك منعه، لأن وضع الخشب على الجدار لا يضر، بل يزيده قوة، ويمنع السيل منه، ولا سيما فيما سبق، حيث كان البناء من الطين ، فإن الخشب يمنع هطول المطر على الجدار فيحميه، وهو أيضاً يشده ويقويه، ففيه مصلحة للجار، وفيه مصلحة للجدار، فلا يحل للجار أن يمنع جاره مِن وضع الخشب على جداره، وإن فعل ومنع فإنه يُجبر على أن يوضع الخشب رغماً على أنفه، ولهذا قال أبو هريرة : " مالي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم " : يعني من لم يمكن من وضع الخشب على جداره وضعناه على متن جسده بين أكتافه، وهذا قاله رضي الله عنه حينما كان أميراً على المدينة في زمن مروان بن الحكم، فإن أبا هريرة كان أميراً على المدينة فكان يقول للناس هذا المقال.
وهذا نظير ما قاله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : التي جرت بين محمد بن مسلمة وجاره، حيث أراد أن يُجري الماء من بستانه إلى بستانه ، وحال بينه وبينه بستان جاره، فمنع الجار ، لا تمش الماء مع أرضي ، فترافعا إلى عمر، فقال : " والله لئن منعته لأجرينه على بطنك " ، وألزمه أن يُجري الماء ، لأن إجراء الماء ليس فيه ضرر، البستان كل بستان زرع ، فإذا جرى الماء الساقي، انتفعت الأرض وانتفع ما حول الساقي من الزرع وانتفع الجار، نعم لو كان الجار يريد أن يبنيها بناءً وقال : لا أريد أن تمشي الماء على الأرض فله المنع، أما إذا كان يريد أن يزرعها فالماء لا يزيده إلا خيراً.
فصارت حقوق الجيران يجب الإحسان إليهم بقدر الإمكان، ويحرم الاعتداء عليهم بأي عدوان، وفي الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) ، والله الموفق.