شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت قدمت علي أمي وهي راغبة أفأصل أمي قال ( نعم صلى أمك ) متفق عليه . وعن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وعنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن ) قالت فرجعت إلى عبد الله بن مسعود فقلت له إنك رجل خفيف ذات اليد وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله فإن كان ذلك يجزئ عنى وإلا صرفتها إلى غيركم فقال عبد الله بل ائتيه أنت فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة فخرج علينا بلال فقلنا له ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ولا تخبره من نحن فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من هما ) قال امرأة من الأنصار وزينب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي الزيانب هي قال امرأة عبد الله ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة ) متفق عليه ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف فيما نقله عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها: أن أمها قَدِمت عليها المدينة وهي راغبة، فاستفتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل تصلها أم لا؟ وقالت: ( يا رسول الله، إني أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ فأمرها أن تصلها ) .
وقولها: ( وهي راغبة ) : قال بعض العلماء معناه: وهي راغبة في الإسلام فيكون الأمر بصلتها من أجل تأليفها على الإسلام، وقيل: بل معنى قوله: ( وهي راغبة ) : أي راغبة في أن أصلها، ومتطلعة إلى ذلك، فأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تصلها، وهذا هو الأقرب أنها جاءت تتشوق وتتطلع إلى أن تعطيها ابنتها ما شاء الله.
ففي هذا دليل على أن الإنسان يصل أقاربه ولو كانوا على غير الإسلام، لأن لهم حق القرابة، ويدل لهذا قوله تعالى في سورة لقمان: (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً )) : المعنى إن أمرك والداك وألحا في الطلب على أن تشرك بالله فلا تطعهما، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن صاحبهما في الدنيا معروفاً، أعطهم من الدنيا ما يجب لهما من الصلة، ولو كانا كافرين أو فاسقين، لأن لهما حق القرابة.
وهذا الحديث يدل على ما دلت عليه الآية، وهو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها أن تصل أمها مع أنها كافرة.
ثم إن صلة الأقارب بالصدقة يحصل بها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، ودليل ذلك حديث زينب بنت مسعود الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر النساء بالصدقة، فرجعت إلى بيتها، وكان زوجها عبد الله بن مسعود، كان خفيف ذات اليد يعني: أنه ليس عنده مال، فأخبرته، فطلب منها أن تتصدق عليه، وعلى أيتام كانوا في حجره، ولكنه أشكل عليها الأمر، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تستفتيه، فلما وصلت إلى بيته وجدت عند بابه امرأة من الأنصار، حاجتها كحاجة زينب، تريد أن تسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تتصدق على زوجها ومن في بيتها.
فخرج بلال وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطاه الله المهابة العظيمة، كل من رآه هابه، لكنه من خالطه معاشرةً أحبه وزالت عنه الهيبة، لكن أول ما يراه الإنسان يهابه هيبة عظيمة، فإذا خالطه وعاشره أحبه وألفه عليه الصلاة والسلام، فخرج بلال فسألهما عن حاجتهما فأخبرتاه أنهما يسألان النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل تجوز الصدقة على أزواجهما ومن في بيتهما؟ ولكنهما قالتا له: لا تخبر الرسول صلى الله عليه وسلم من هما، أحبتا أن تختفيا.
فدخل بلال على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره وقال: إن بالباب امرأتين حاجتهما كذا وكذا، فقال: مَن؟ وحينئذٍ يقع بلال بين أمرين : بين أمانة ائتمنته عليها المرأتان، قالتا: لا تخبره من نحن، ولكن الرسول قال : من هما؟ قال: امرأة من الأنصار، وزينب.
فقال: أي الزيانب؟ اسم زينب كثير، فقال: امرأة عبد الله، ولم يقل : امرأة عبد الله بن مسعود، لأن عبد الله بن مسعود كان خادماً للرسول عليه الصلاة والسلام يدخل على بيته حتى بلا استئذان، وقد عرف النبي عليه الصلاة واسلام أهله وعرف حاله، قال زينب، قال أي الزيانب هي؟ قال : امرأة عبد الله .
وإنما أخبره مع قولهما له لا تخبره، لأن طاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم واجبة مقدمة على طاعة كل أحد.
فقال: إن صدقتهما على هؤلاء صدقة وصلة، يعني فيها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، فدل ذلك على أنه يجوز للإنسان أن يتصدق على أولاده عند الحاجة، ويتصدق على زوجته، وكذلك الزوجة تتصدق على زوجها، وأن الصدقة عليهم صدقةٌ وصلة.
أما الزكاة فإن كان مما يجب على الإنسان أن يدفعه، فإنه لا يصح أن يدفع إليهم الزكاة، مثل لو كان الزكاة لدفع حاجتهما للنفقة، وهو ممن تجب عليه النفقة، وماله يتحمل، فإنه لا يجوز له أن يعطيهما من الزكاة، أما إذا كان ممن لا يجب عليه، كما لو قضى ديناً عن أبيه أو عن ابنه أو عن زوجته، أو قضت ديناً على زوجها، فإن ذلك لا بأس به إذا كان المدين حياً، أما المدين الميت فلا يُقضى عنه إلا تبرعاً، أو من التركة، ولا يقضي عنه من الزكاة، والله الموفق.
قال المؤلف فيما نقله عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها: أن أمها قَدِمت عليها المدينة وهي راغبة، فاستفتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل تصلها أم لا؟ وقالت: ( يا رسول الله، إني أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ فأمرها أن تصلها ) .
وقولها: ( وهي راغبة ) : قال بعض العلماء معناه: وهي راغبة في الإسلام فيكون الأمر بصلتها من أجل تأليفها على الإسلام، وقيل: بل معنى قوله: ( وهي راغبة ) : أي راغبة في أن أصلها، ومتطلعة إلى ذلك، فأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تصلها، وهذا هو الأقرب أنها جاءت تتشوق وتتطلع إلى أن تعطيها ابنتها ما شاء الله.
ففي هذا دليل على أن الإنسان يصل أقاربه ولو كانوا على غير الإسلام، لأن لهم حق القرابة، ويدل لهذا قوله تعالى في سورة لقمان: (( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً )) : المعنى إن أمرك والداك وألحا في الطلب على أن تشرك بالله فلا تطعهما، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن صاحبهما في الدنيا معروفاً، أعطهم من الدنيا ما يجب لهما من الصلة، ولو كانا كافرين أو فاسقين، لأن لهما حق القرابة.
وهذا الحديث يدل على ما دلت عليه الآية، وهو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها أن تصل أمها مع أنها كافرة.
ثم إن صلة الأقارب بالصدقة يحصل بها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، ودليل ذلك حديث زينب بنت مسعود الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر النساء بالصدقة، فرجعت إلى بيتها، وكان زوجها عبد الله بن مسعود، كان خفيف ذات اليد يعني: أنه ليس عنده مال، فأخبرته، فطلب منها أن تتصدق عليه، وعلى أيتام كانوا في حجره، ولكنه أشكل عليها الأمر، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تستفتيه، فلما وصلت إلى بيته وجدت عند بابه امرأة من الأنصار، حاجتها كحاجة زينب، تريد أن تسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تتصدق على زوجها ومن في بيتها.
فخرج بلال وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطاه الله المهابة العظيمة، كل من رآه هابه، لكنه من خالطه معاشرةً أحبه وزالت عنه الهيبة، لكن أول ما يراه الإنسان يهابه هيبة عظيمة، فإذا خالطه وعاشره أحبه وألفه عليه الصلاة والسلام، فخرج بلال فسألهما عن حاجتهما فأخبرتاه أنهما يسألان النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هل تجوز الصدقة على أزواجهما ومن في بيتهما؟ ولكنهما قالتا له: لا تخبر الرسول صلى الله عليه وسلم من هما، أحبتا أن تختفيا.
فدخل بلال على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره وقال: إن بالباب امرأتين حاجتهما كذا وكذا، فقال: مَن؟ وحينئذٍ يقع بلال بين أمرين : بين أمانة ائتمنته عليها المرأتان، قالتا: لا تخبره من نحن، ولكن الرسول قال : من هما؟ قال: امرأة من الأنصار، وزينب.
فقال: أي الزيانب؟ اسم زينب كثير، فقال: امرأة عبد الله، ولم يقل : امرأة عبد الله بن مسعود، لأن عبد الله بن مسعود كان خادماً للرسول عليه الصلاة والسلام يدخل على بيته حتى بلا استئذان، وقد عرف النبي عليه الصلاة واسلام أهله وعرف حاله، قال زينب، قال أي الزيانب هي؟ قال : امرأة عبد الله .
وإنما أخبره مع قولهما له لا تخبره، لأن طاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم واجبة مقدمة على طاعة كل أحد.
فقال: إن صدقتهما على هؤلاء صدقة وصلة، يعني فيها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، فدل ذلك على أنه يجوز للإنسان أن يتصدق على أولاده عند الحاجة، ويتصدق على زوجته، وكذلك الزوجة تتصدق على زوجها، وأن الصدقة عليهم صدقةٌ وصلة.
أما الزكاة فإن كان مما يجب على الإنسان أن يدفعه، فإنه لا يصح أن يدفع إليهم الزكاة، مثل لو كان الزكاة لدفع حاجتهما للنفقة، وهو ممن تجب عليه النفقة، وماله يتحمل، فإنه لا يجوز له أن يعطيهما من الزكاة، أما إذا كان ممن لا يجب عليه، كما لو قضى ديناً عن أبيه أو عن ابنه أو عن زوجته، أو قضت ديناً على زوجها، فإن ذلك لا بأس به إذا كان المدين حياً، أما المدين الميت فلا يُقضى عنه إلا تبرعاً، أو من التركة، ولا يقضي عنه من الزكاة، والله الموفق.