شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن المقداد رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل ) قال سليم بن عامر الراوي عن المقداد فوالله ما أدري ما يعني بالميل أمسافة الأرض أم الميل الذي تكتحل به العين ( فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجاما ) وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم ) متفق عليه . وعنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع وجبة فقال ( هل تدرون ما هذا ) قلنا الله ورسوله أعلم قال ( هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوى في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها فسمعتم وجبتها ) رواه مسلم . وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة )متفق عليه . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إني أرى ما لا ترون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى ) رواه الترمذي . وعن أبي برزة نضلة بن عبيد الأسلمي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيم أفناه وعن علمه فيم فعل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ... " . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف -رحمه الله- كلها تدل على عظم يوم القيامة، وأنَّ على المؤمن أن يخاف من هذا اليوم العظيم.
ذكر أحاديث فيها دنو الشمس من الخلائق بقدر ميل، قال سُليم بن عامر الراوي عن المقداد: " لا أدري أيريد بذلك: مسافة الأرض، أم ميل المكحلة " ، وكلاهما قريب، وإذا كانت الشمس في أوجها في الدنيا وبعدها عنا بهذه الحرارة، فكيف إذا كانت بهذا القرب ؟!
ولكن هذه الشمس ينجو منها مَن شاء الله، فإن الله تعالى يظل أقواماً بظله يوم لا ظل إلا ظله، منهم من سبق ذكره، يعني السبعة الذين بظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ( إمام عادل، وشاب نشأ في طاعة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) .
وكذلك من أنظر معسراً، أو وضع عنه، المهم أن هناك أناساً ينجون مِن حر هذه الشمس، فيظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وذكر أحاديث العَرق، وأن الناس يَعرقون، حتى يبلغ العَرق من الأرض سبعين ذراعاً، وحتى يُلجم بعضهم إلجاماً، وبعضهم يصل إلى كعبيه، وبعضهم إلى ركبتيه، وبعضهم إلى حِقويه، يختلف الناس حسب أعمالهم في هذا العرق.
وذكر أيضاً أحاديث أخرى، فيها التحذير من نار جهنم، نسأل الله لنا ولكم السلامة منها.
والحاصل أن الإنسان إذا قرأ هذه الأحاديث وغيرها مما لم يذكره المؤلف، فإن المؤمن يخاف ويحذر، وليس بين الإنسان وبين هذا إلا أن ينتهي أجله في الدنيا، ثم ينتقل إلى دار الجزاء، لأنه ينتهي العمل، أحسن الله لنا ولكم الخاتمة.