شرح ما تقدم قراءته من أحاديث الباب وآياته . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- : " باب الحث على إنفاق المال في سبل الخير مع الثقة بالله عزّ وجلّ " : المال الذي أعطاه بني آدم، أعطاهم الله إياه فتنة ليبلوهم هل يحسنون التصرّف فيه أو لا، قال الله تعالى: (( إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم )) ، فمن الناس من ينفقه في شهواته المحرّمة، وفي لذائذه التي لا تزيده من الله إلاّ بعدا، فهذا يكون ماله وبالا عليه والعياذ بالله.
ومن الناس من ينفقه ابتغاء وجه الله فيما يقرّبه إلى الله على حسب شريعة الله، فهذا ماله خير له.
ومن الناس من يبذل ماله في غير فائدة، ليس في شيء محرّم ولا في شيء مشروع، فهذا ماله ضائع عليه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال.
وينبغي للإنسان إذا بذل ماله فيما يُرضي الله أن يكون واثقاً بوعد الله سبحانه وتعالى ، حيث قال في كتابه: (( وما أنفقتم من شيء فهو يُخلِفه وهو خير الرازقين )) : فهو يخلفه أي: يعطيكم خلفا عنه، وليس معناه فهو يخْلُفُه، لو كانت فهو يخْلُفُه : لكان معنى الآية أن الله يكون خليفة، وليس الأمر كذلك، بل فهو يخلفه أي: يعطيكم خَلَفاً عنه ومنه الحديث: ( اللهم أجرني في مصيبتي وأخلِف لي خيرا منها ) ، ولا تقل: واخْلُف لي خيرا منها ، بل وأخلِف أي ارزقني خلفا عنها خيرًا منها، فالله عزّ وجلّ وعد في كتابه أن ما أنفقه الإنسان فإن الله يخلفه يعطيه خلفا عنه، وهذا يفسّره قول الرسول عليه الصّلاة والسلام في الأحاديث التي ساقها المؤلف: ( ما مِن يوم إلاّ وينزل فيه ملكان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفاً ، ويقول الثاني: اللهم أعط ممسكا تلفا يعني أتلف ماله ) : والمراد بذلك أن يمسك عما أوجب الله عليه من بذل المال فيه، وليس كلّ ممسك يدعى عليه، بل الذي يمسك ماله عن الإنفاق فيما أوجب الله فهو الذي تدعو عليه الملائكة بأن الله يتلفه ويتلف ماله .
والتلف نوعان: تلف حسّيّ وتلف معنويّ، التلف الحسّيّ: أن يتلف المال نفسه، بأن يأتيه آفة تحرقه أو يسرق أو ما أشبه ذلك، والتلف المعنوي: أن تنزع بركته بحيث لا يستفيد الإنسان منه في حياته، ومنه ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام :