شرح ما تقدم قراءته من أحاديث الباب . حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
ذكر المؤلف رحمه الله في آخر باب فضل الإيثار حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وأصحابه الذين هم من الأشعريين من أهل اليمن ، كانوا يتساعدون في أمورهم ، فإذا أتاهم شيء من المال جمعوه ثم اقتسموه بينهم بالسّويّة ، قال النبي صلى الله عليه وسلّم: ( فهم منّي وأنا منهم ) ، قال ذلك تشجيعا لما يفعلونه ، وهذا حديث أصل في الجمعيّات التعاونيّة التي يفعلها بعض الناس اليوم، تجتمع القبيلة على أن يضعوا صُندوقا يجمعون فيه ما يريد الله عزّ وجلّ من المال إما بالنّسبة وإمّا بالإجتهاد والترشيح، فيقول مثلا: على كلّ واحد منّا أن يدفع اثنين في المائة من راتبه أو من كسبه أو ما أشبه ذلك، ويكون هذا الصّندوق مُعدّا للجوائح والنّكبات التي تحصل على واحد منهم، فهذا أصله حديث أبي موسى رضي الله عنه الذي سمعتموه، فإذا جمع الناس صندوقا على هذا النّحو ليتساعدوا فيه على نكبات الزمان من الحوادث وغيرها، فإن لذلك أصلا في السّنّة، وهو من الأمور المشروعة، ولكن ينبغي أن نعلم أن هذا الصّندوق قد يكون لمن يقع عليه الحادث، وقد يكون لمن يقع منه الحادث، أما الأول: فأن يوضع الصّندوق لمساعدة الناس الذين يحصل عليهم جوائح، مثل جوائح تتلف زروعهم أو مواشيهم أو أمطار تهدم بيوتهم أو ما أشبه ذلك، أو حوادث تحدث على سيّاراتهم من غيرهم، فيحتاجون إلى مساعدة فهذا طيّب ولا إشكال فيه.
أما الثاني فهو للحوادث التي تقع من الشّخص، إذا فعل حادثا مثل دعس أحد ونحو ذلك يساعد، فهذا ينبغي أن ينظر في هذا الأمر، لأننا إذا وضعنا صندوقا لهذا فإن السّفهاء قد يتهوّرون، ولا يهمّهم أن تقع الحوادث منهم، فإذا قُدّر أننا وضعنا صندوقا لهذا الشيء، فليكن ذلك بعد الدّراسة، دراسة ما حصل من الشّخص دراسة عميقة، وأنه لم يحصل منه تهوّر ولم يحصل منه تفريط، وإلاّ فلا ينبغي أن توضع الصّناديق لمساعدة هؤلاء السّفهاء الذين يوما يدعسون شخصًا، ويوما يصدمون سيّارة، وما أشبه ذلك، وربّما يقع ذلك عن حال غير مرضيّة كسكر، أو عن حال يفرّط فيها الإنسان كالنوم وما أشبه ذلك، المهم أن هذه الصّناديق تكون على وجهين: الوجه الأول: مساعدة من يحصل عليه الحادث ، فهذا طيب ولا إشكال فيه.
والثاني: يكون ممن يحصل منه الحادث، فهذا إن وضع ولا أحبذ أن يوضع، لكن إن وضع فإنه يجب التّحرّز والتّثبّت من كون هذا الرجل الذي حصل منه حادث لم يحصل منه تفريط ولا تعدي، ثم هذا المال الذي يوضع في الصّندوق ليس فيه زكاة مهما بلغ من القدر، وذلك لأنه ليس له مالك، ومن شروط وجوب الزكاة أن يكون المال له مالك، وهذا الصّندوق ليس له مالك، من حصل عليه حادث فإنه يُساعد منه، وأصحابه الذين وضعوا الفلوس في هذا الصّندوق لا يملكون أخذها، لأنهم قد أخرجوها من أموالهم لمال مَن؟ لا لأحد، وإنما هو للمساعدة، وعلى هذا فلا يكون فيها زكاة.
ثمّ ههنا مسألة يسأل عنها الكثير من الناس، وهي: أنه يجتمع أناس من الموظّفين مثلا يقولون: سنخصم من كلّ راتب من رواتب الإنسان سنخصم منه ألف ريال على كلّ واحد، أو عشرة في المائة من راتبه، يعني إما بالنّسبة أو بالتعيين، ونعطيها واحدا منّا، وفي الشّهر الثاني نعطيها الثاني، وفي الشّهر الثالث نعطيها الثالث، وفي الشّهر الرابع نعطيها الرابع حتّى تدور عليهم ثمّ ترجع للأول مرّة ثانية، فبعض الناس يسأل عنها، والجواب على هذا أن نقول: إن هذا صحيح ولا بأس به وليس فيه حرج، ومن توهّم أنه من باب : " القرض الذي جرّ نفعا " ، فقد وهم، لأني إذا سلّفت هؤلاء الإخوان الذين معي، إذا سلّفتهم شيئا فأنا لا آخذ أكثر مما أعطيت، وكونهم يقولون: لأنه سوف يرجع إليه مال كثير، نقول نعم لكن ما رجع إليه أكثر مما أعطى، فغاية ما فيه أنه سلّف بشرط أن يوفى وليس في هذا شيء، فهذا وهم من بعض الإخوان، من بعض طلبة العلم الذين يظنّون أن هذا من باب الربا، هذا ليس فيه ربا إطلاقا ، بل هو من باب التّساعد والتعاون ، وكثيرا ما يحتاج بعض الزملاء إلى أموال حاضرة ويفكّ هذا من المشاكل، يسلم من أن يذهب إلى أحد يتدين منه ويُربي عليه، أو يذهب إلى البنك يأخذ منه بالربا أو ما أشبه ذلك، فهذه مصلحة وليس فيها مفسدة بأي وجه من الوجوه، والله الموفّق.
ذكر المؤلف رحمه الله في آخر باب فضل الإيثار حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وأصحابه الذين هم من الأشعريين من أهل اليمن ، كانوا يتساعدون في أمورهم ، فإذا أتاهم شيء من المال جمعوه ثم اقتسموه بينهم بالسّويّة ، قال النبي صلى الله عليه وسلّم: ( فهم منّي وأنا منهم ) ، قال ذلك تشجيعا لما يفعلونه ، وهذا حديث أصل في الجمعيّات التعاونيّة التي يفعلها بعض الناس اليوم، تجتمع القبيلة على أن يضعوا صُندوقا يجمعون فيه ما يريد الله عزّ وجلّ من المال إما بالنّسبة وإمّا بالإجتهاد والترشيح، فيقول مثلا: على كلّ واحد منّا أن يدفع اثنين في المائة من راتبه أو من كسبه أو ما أشبه ذلك، ويكون هذا الصّندوق مُعدّا للجوائح والنّكبات التي تحصل على واحد منهم، فهذا أصله حديث أبي موسى رضي الله عنه الذي سمعتموه، فإذا جمع الناس صندوقا على هذا النّحو ليتساعدوا فيه على نكبات الزمان من الحوادث وغيرها، فإن لذلك أصلا في السّنّة، وهو من الأمور المشروعة، ولكن ينبغي أن نعلم أن هذا الصّندوق قد يكون لمن يقع عليه الحادث، وقد يكون لمن يقع منه الحادث، أما الأول: فأن يوضع الصّندوق لمساعدة الناس الذين يحصل عليهم جوائح، مثل جوائح تتلف زروعهم أو مواشيهم أو أمطار تهدم بيوتهم أو ما أشبه ذلك، أو حوادث تحدث على سيّاراتهم من غيرهم، فيحتاجون إلى مساعدة فهذا طيّب ولا إشكال فيه.
أما الثاني فهو للحوادث التي تقع من الشّخص، إذا فعل حادثا مثل دعس أحد ونحو ذلك يساعد، فهذا ينبغي أن ينظر في هذا الأمر، لأننا إذا وضعنا صندوقا لهذا فإن السّفهاء قد يتهوّرون، ولا يهمّهم أن تقع الحوادث منهم، فإذا قُدّر أننا وضعنا صندوقا لهذا الشيء، فليكن ذلك بعد الدّراسة، دراسة ما حصل من الشّخص دراسة عميقة، وأنه لم يحصل منه تهوّر ولم يحصل منه تفريط، وإلاّ فلا ينبغي أن توضع الصّناديق لمساعدة هؤلاء السّفهاء الذين يوما يدعسون شخصًا، ويوما يصدمون سيّارة، وما أشبه ذلك، وربّما يقع ذلك عن حال غير مرضيّة كسكر، أو عن حال يفرّط فيها الإنسان كالنوم وما أشبه ذلك، المهم أن هذه الصّناديق تكون على وجهين: الوجه الأول: مساعدة من يحصل عليه الحادث ، فهذا طيب ولا إشكال فيه.
والثاني: يكون ممن يحصل منه الحادث، فهذا إن وضع ولا أحبذ أن يوضع، لكن إن وضع فإنه يجب التّحرّز والتّثبّت من كون هذا الرجل الذي حصل منه حادث لم يحصل منه تفريط ولا تعدي، ثم هذا المال الذي يوضع في الصّندوق ليس فيه زكاة مهما بلغ من القدر، وذلك لأنه ليس له مالك، ومن شروط وجوب الزكاة أن يكون المال له مالك، وهذا الصّندوق ليس له مالك، من حصل عليه حادث فإنه يُساعد منه، وأصحابه الذين وضعوا الفلوس في هذا الصّندوق لا يملكون أخذها، لأنهم قد أخرجوها من أموالهم لمال مَن؟ لا لأحد، وإنما هو للمساعدة، وعلى هذا فلا يكون فيها زكاة.
ثمّ ههنا مسألة يسأل عنها الكثير من الناس، وهي: أنه يجتمع أناس من الموظّفين مثلا يقولون: سنخصم من كلّ راتب من رواتب الإنسان سنخصم منه ألف ريال على كلّ واحد، أو عشرة في المائة من راتبه، يعني إما بالنّسبة أو بالتعيين، ونعطيها واحدا منّا، وفي الشّهر الثاني نعطيها الثاني، وفي الشّهر الثالث نعطيها الثالث، وفي الشّهر الرابع نعطيها الرابع حتّى تدور عليهم ثمّ ترجع للأول مرّة ثانية، فبعض الناس يسأل عنها، والجواب على هذا أن نقول: إن هذا صحيح ولا بأس به وليس فيه حرج، ومن توهّم أنه من باب : " القرض الذي جرّ نفعا " ، فقد وهم، لأني إذا سلّفت هؤلاء الإخوان الذين معي، إذا سلّفتهم شيئا فأنا لا آخذ أكثر مما أعطيت، وكونهم يقولون: لأنه سوف يرجع إليه مال كثير، نقول نعم لكن ما رجع إليه أكثر مما أعطى، فغاية ما فيه أنه سلّف بشرط أن يوفى وليس في هذا شيء، فهذا وهم من بعض الإخوان، من بعض طلبة العلم الذين يظنّون أن هذا من باب الربا، هذا ليس فيه ربا إطلاقا ، بل هو من باب التّساعد والتعاون ، وكثيرا ما يحتاج بعض الزملاء إلى أموال حاضرة ويفكّ هذا من المشاكل، يسلم من أن يذهب إلى أحد يتدين منه ويُربي عليه، أو يذهب إلى البنك يأخذ منه بالربا أو ما أشبه ذلك، فهذه مصلحة وليس فيها مفسدة بأي وجه من الوجوه، والله الموفّق.