شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بادروا بالأعمال سبعا هل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر ؟ ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن . حفظ
الشيخ : إذا مات الإنسان انقطع عمله، ولم يتمكّن من العمل، ( مُجهزًا ) : سريعاً ، وكم من إنسان مات من حيث لا يظن أنه يموت، كم من إنسان مات وهو في شبابه وصحّته بحوادث احتراق، انقلاب سيّارة، سقوط جدار عليه، سكتة قلبيّة أشياء كثيرة، يموت الإنسان ولو كان شابّا، بادر هذا لأنك لا تدري ربّما تموت، ربما تموت وأنت تخاطب أهلك، تموت وأنت على فراشك، تموت وأنت على غدائك، تخرج تقول لأهلك ولّموا الغداء جهّزوه ثم لا ترجع تأكله، إذن بادر، ومن ذلك أيضا : ( أو الساعة أو الدّجّال فشرّ غائب ينتظر ) : يعني أو تنتظرون الدّجّال، الدّجال الرجل الخبيث الكذّاب المموه الذي يبعث في آخر الزّمان يدعو الناس إلى عبادته، ويوهمهم، فيفتتن به الخلق إلاّ من شاء الله، ولهذا أُمرنا أن نستعيذ بالله منه في كلّ صلاة، قال النبيّ عليه الصلاة والسّلام : ( إذا تشهّد أحدكم التشهّد الأخير فليقل: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنّم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدّجّال ) : والمسيح الدّجّال رجل من بني آدم لكنّه أعور خبيث كافر متمرّد، قد كُتب بين عينيه كافر يقرأه المؤمن ولا يقرأه الكافر، الكافر لا يقرأه، يقرأه المؤمن ولا يقرأه الكافر حتى لو كان الكافر قارئا فإنه لا يقرأه، والمؤمن يقرأه وإن كان غير قارئ، آية من آيات الله عزّ وجلّ، هذا يدعو الناس إلى عبادته يقول: أنا ربّكم، فإن أطاعوه أدخلهم الجنّة، وإن عصوه أدخلهم النار، لكن ما هي جنّته؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( جنّته نار وناره جنّة ) ، لكن يوهم الناس أن هذا الذي أدخله مَن أطاعه جنّة وهي نار، وأنه إذا عصاه أحد أدخله في النار والنار هذه جنّة، ماء عذب طيب وجنّة، كذلك يأتي إلى القوم البادية، يأتي إليهم مُمحلين ليس في ضروع مواشيهم لبن، ولا في أرضهم نبات، فيدعوهم يقول: أنا ربكم فيستجيبون له، فيأمر السّماء فتمطر، يقول للسماء: أمطري فتمطر، ويأمر الأرض فتنبت، يقول للأرض: أنبتي أيها الأرض فتنبت، فيصبحون على أخصب ما يكون، ترجع إليهم مواشيهم أصبغ ما يكون ضروعًا، ضروعهم مملوءة وأطول ما يكون ذرى ، أسنمتها رفيعة من الشبع والسّمن فيبقون على عبادته، لكنّهم ربحوا في الدّنيا وخسروا الدّنيا والآخرة والعياذ بالله، هذا اتّخذوه ربّاً من دون الله، فالدّجال يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( إنه شر غائب ينتظر ) ، أعاذنا الله وإياكم من فتنته، قال: ( أو السّاعة ) وهي السابعة يعني : أو تنتظرون السّاعة يعني: قيام الساعة (( فالساعة أدهى وأمرّ )) : يعني أشدّ داهية وأمرّ مذاقًا، قال الله تبارك وتعالى: (( بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرّ )).
والحاصل أن الإنسان لن يخرج عن هذه السّبعة، وهذه السبعة كلها تُعيقه عن العمل، فعليه أن يبادر ما دام في صحّة ونشاط، وشباب وفراغ وأمن ولله الحمد، فليبادر الأعمال قبل أن يفوت، أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يتسابقون إلى الخير.