تتمة شرح قول الإمام النووي رحمه الله تعالى فيما نقله : " ... باب الورع وترك الشبهات قال الله تعالى: (( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم )) وقال تعالى: (( إن ربك لبالمرصاد )) ... " . حفظ
الشيخ : (( ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم )) : لما نزلت هذه الآية قال أبو بكر: " بلى والله نحب أن يغفر الله لنا " ، فردّ النّفقة على مسطح، هذا الإمتثال العظيم، وإلاّ رجل يقول في ابنته ما يقول، بل في رسول الله ما يقول!! فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُجلد مِسطح وحسَّان وحَمنة كل واحد ثمانين جلدة، حدّ القذف، لكنَّ عبد الله بن أُبيّ ما أمر بجلده، لأنه خبيث ما يصرح، ولأن الحدّ تطهير للمحدود، وعبد الله بن أُبيّ ليس أهلا للطهارة رجس نجس خبيث، فالحاصل أنَّ من الورع أن الإنسان لا يتكلّم إلاّ بما يعلم، وهذا الإستشهاد الذي استشهد به المؤلف ينطبق تماماً على زماننا الآن، ما أكثر الذين يتكلمون في ولاّة الأمور بغير علم، ما أكثر الذين يتكلمون في العلماء بغير علم، ما أكثر الذين يتكلّمون في طلبة العلم بغير علم، ما أكثر الذين يتكلّمون في المحسنين من ذوي الأموال بغير علم، ليس عند أكثر الناس ورع ، يتكلّم الإنسان بما شاء في لسانه من غير أن يتحقّق، وهذا من الظّلم والعدوان على من تكلّم فيه: أن يتكلّم فيه بغير علم، لما قال الرسول عليه الصّلاة والسّلام في الغيبة: ( ذكرك أخاك بما يكره، قالوا: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال إن كان فيه تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّه )، نسأل الله أن يحمي ألسنتنا وألسنتكم من الكذب وقول الزّور، وأن يعصمنا من الزّلل وأن يعفو عنّا إنّه جواد كريم.